كلمة لن يجف أبدا حبرها

    ثلاث وثلاثون سنة على رحيل  يوسف ادريس  

19 مايو 1927 – 1 أغسطس 1991

                                 

       نعيش هذه الأيام ذكرى رحيله الثالث و الثلاثين ، التى تنتصر على الحر المنهك ، وتحوله الى واحة رطبة ، منعشة ، تريح الأعصاب ، نقطف من أشجارها ، ما لًذ وطاب ، من ثمار الأدب الرفيع ، والكلمات المتمردة على أبجدية اللغة ، وآفاق الخيال العقيمة المحدودة .  

     جاء الى الوجود ، ليجعله موجودا ، كما يحب ، وكما يؤمن . لا يحب أن يمسك العصا من المنتصف ، أو يوافق أهواء الحكام ، أو يغازل رجال الدين ، لكى يفوز بجائزة نوبل ، أو جائزة أحد أمراء أو ملوك النفط .

       كان متواضعا ، حينما قال : " أنا لا أقول كل الحقيقة ، ولكن كل ما أقوله حقيقي ". تواضع متفلسف ، ورؤية عميقة ،  لا تدعى الانتصار على طول الخط ، وكلمات تدعو الى التأمل ، والتفكير ، والاعجاب ، والحيرة .

    أحب أن أسميه " أديب النار " ، يحرق بقصصه ، ورواياته ، الأشياء ، ومن الرماد ، تخرج النباتات والزهور ، لواحد استثنائى من أنبياء الأدب ، ورسل الكلمات .

      هذه الأيام ، تمر الذكرى الثالثة و الثلاثون ، لرحيله عن المتعة الوحيدة التى عاش ، بأنفاسها ، ومن أجلها ، فارق الحياة .

    مرت ثلاث وثلاثون سنة ، وأصابعه تؤرقه فى مثواه الأخير ، تريد أن تنبش القبر ، أن تزيح أكوام التراب ، أن يخلع الكفن المبكر بدون مبرر ، ليرجع الى أوراقه ، والهاماته .

   أنا متأكدة ، أن كاتبا مثل " يوسف ادريس " ، من المستحيل أن يتوقف عن الكتابة ، ولو بالموت . على يقين ، أنه يكتب من تحت الأرض ، بعد أن نضجت تجربته بخبرة الموت . ويتلقى كتاباته كل منْ لديه ، ومنْ لديها ، " رادار " داخلى ، من طراز فاخر ، ويترجم ما يمليه ،  اذا كان للموت لغة سِرية ، وقاموس ممتلئ بالأسرار .

    " مازلت أتذكر تلك الليلة ، كنت في زيارة للصديقة  نوال السعداوي ،  وزوجها  الدكتور شريف حتاتة ، وهما في غني عن التعريف ، فنوال كاتبة مفكرة ثائرة  .. قصاصة .. كتلة ملتهبة من الشمس ، انفصلت واستقرت علي الأرض ، ولا تزال  شمس ملتهبة ، لم تبرد بعد ، ولا أعتقد أنها ستبرد ، وشريف حتاتة  ، قضي نصف حياته مسجونا سياسيا ، ودرس الطب بنبوغ ، والآن أصبح من الروائيين الجدد المعدودين في مصر  ..  عرفاني  بابنهما  عاطف حتاتة ،  وابنة نوال ، مُني حلمى .........

من أول لحظة ، أحسست  أن هذه الفتاة ،  التي لا تتكلم إلا نادرا ، فيها شيء خفي ما ...

ولهذا لم أفاجأ أبدا ، حين ذكرت لي نوال ، أن مٌنى ، تكتب قصصا  ...

  بيت من الُكتاب .. يا له من بيت  .. قرأت لها قصة ، وفي الحال أحسست أنها كاتبة وستكون ، بل أيضا أحسست نوع كتابتها ..  إنها نسًاجة ( كانافاه ) من الأحاسيس الدقيقة التي تصدر عن نفس ناعمة جدا ، طبيعية تماما وغير طبيعية بالمرة ، واذا لم تكن هذه صفات أو بعض صفات الفنان ، فماذا تكون ؟ .... ".

         هذه بعض من  كلمات يوسف إدريس ، التي  تضمنتها مقدمته ،  لكتابى الأول ، مجموعة قصصية ، صدرت عن دار مدبولى ، القاهرة ، بعنوان " أجمل يوم اختلفنا فيه ".

        كيف أنساه ؟ . رجل ، أديب ، ثائر ،  وسيم ،  متجدد ، جنونه مبدع ، متوهج ،  وابداعاته جنون . صديق قديم ، حميم ، لأسرتى ، تحمس من تلقاء نفسه ، لكى يقدمنى هو شخصيا ، لا أحد غيره ، فى أجمل ثوب .... كاتبة ،  وأديبة ،  من نسج كلماته "  اليوسفية الادريسية ".

        اتصلت به ،  لأشكره  ، قال :   " لا يمكن أن تكون ثمرة ،  نوال وأحمد حلمي ،  إلا أديبة ، مثلك " .

          يوسف ادريس ، أديب نادر ، تجرأ وجعل من القصة " القصيرة " ، " أطول " ، متعة للعقل ، والعاطفة ،  وكرامة الوعي ، وشموخ التمرد  ،  الذي لا يخاف شيئا ،   الا لحظة فتور ، أو تردد ، أو تراجع ،  أو مهادنة .

صفات الفنان ، فماذا تكون ؟ .... ".

        يوسف إدريس ،  حين تمسك أصابعه بالقلم ، تنطلق الكلمة كالرصاص ، تخترق الدروع ، التي نرتديها ، فتسقط أقنعة الزيف ، والقبح ، والخواء . يكتب ، تنهار الأسوار الحديدية ، والقيم الأسمنتية ، المشيدة آلاف السنوات ، بين " الأسياد " ، و" الفرافير " .

            كانت الكلمة ، الصادمة ، المشحونة بالصدق والصراحة ، والبتر الموجع دون مخدر ، هي الهواء الذي يتنفسه ، يوسف إدريس  .  وحينما  ،  لم يكتبها  مات  . حينما لم يكتبها ، كتبته النهاية ،  "كلمة " لن يجف أبدا ، حبرها .

          هو كاتب ، بدرجة جرًاح . القلم فى يديه ، كالمشرط . والجسد الملقى أمامه ، ممتلئ بالعلل ، والدمامل ، والجروح ، والحروق ، والبؤر الصديدية .  بدون تردد ، وبمهارة ، وبراعة ، وثقة ، تمتد أصابعه ، تطهر ، وتقطع ، وتنتزع ، وتعالج ، وتداوى .

         عندما ظهرت مجموعتى القصصية الأولى ، التى قدمها  يوسف ادريس ، كتب ناقد " كبير"  :  هذه قصص برجوازية ، تحمل أولويات مرفهة ، مستريحة . وتسائل : " أين القصص التي تتحدث عن أولويات الوطن ؟. أين مشاكل النساء الفقيرات ، المقهورات ، الكادحات ؟. أنصح الكاتبة المبتدئة ، أن تفكر كثيرا قبل أن تصدر كتابها الثانى ".

      إتصلت بيوسف إدريس ،  وقرأت  له النقد ،  بأكمله عبر  الهاتف  .  صوته المفعم ، باعتصار الحياة ، فى رشفة واحدة ،  يقول ، وبعد ضحكته المميزة ، كأننى أسمعه الآن :

"  لا تسمعي كلام الأوصياء علي الابداع .. أسميهم " كهنة الأدب والقصة والشِعر " ، أغلبهم جهلة ، متغطرسون ، كل واحد منهم كان يحلم بأن يكون كاتبا وفشل ، فاتجهوا الى الوصايا على الكُتاب، تعويضا عن فشلهم ، ورغبة فى الانتقام ممنْ لديهم الموهبة ،  ونصبوا أنفسهم وسطاء بين الكاتب والناس ، بالضبط مثل رجال الدين ،  الذين نصبوا أنفسهم ، وسطاء بين الله وبين الناس . وهم أكثر  قسوة مع كتابات النساء ، أكتبي ما يحلو لكِ ، وبأسلوبك أنتِ الذى ينبئنى بأنك ستتحولين ، بعد القصة القصيرة  الى الشِعر ...   

كونى نفسك ، وأحذرك ،  لو استمعتِ الى واحد من " كهنة النقد " هؤلاء ،سينتهى أمرك. تعيشين مع نوال ، وتعرفين كم من الحجارة تتلقاها  ، هى تدفع ضريبة الإبداع  الجديد بكبرياء  ، وتكتب ما تؤمن به ، وبطريقتها . كونى مثلها ، فى  أن المديح أو الذم ، عندك سواء .... 

وتوقعى يا مُنى ، أن بعض  الحروب الشرسة المغرضة ، قد تتحالف ضدك ، لمجرد أنك ابنة  نوال السعداوى ، التى تؤرق مضاجع الجميع ، فضحت بجسارة الخوف والكذب ، وهشاشة أفكار القطيع ، وداست على كل الخطوط الحمراء ، لارهاب الرجال والنساء.....

هى هى ، لم تتغير منذ أيام الزمالة فى الكلية ، ولن تتغير ، تقول للأعور انت أعور فى عينه ، ولو كان الملك ، أو الرئيس ، أو واحد من الأنبياء المرسلين ".  

    وكانت هذه هى المرة الأولى ، التى أسمع فيها ، تعبير " كهنة النقد " ، والذى أكدت لى الأيام ، صحته ، ودقته ، ووظيفته ، ودوافعه.

 كانت أمي ،   نوال السعداوى  ، وأبي ،  أحمد حلمي ،  ويوسف  إدريس ،   ثلاثة أصدقاء ،  منذ كلية الطب  ، (قصر العيني)  فى منتصف خمسينيات القرن الماضى . يخرجون معا ،  في المظاهرات ضد الاحتلال الإنجليزي. ذهب أبي للحرب مع الفدائيين في القنال . وعاد بعد فقدان صديقه الحميم  ، أحمد المنيسي . 

            وكان  أبي كاتبا  رفيعا  ، وخطيبا مبدعا .  وكانت الكتابة ،  والثورة ضد الاحتلال ، وعشق الحرية ، هي ما ، وطدت الصداقة ،  بين أبي أحمد حلمي ،  وأمي نوال السعداوي ،  ويوسف إدريس .

            أصدر أبي ،  مجلة شعلة التحرير ،   ورأس تحريرها .  وكانت  أولي الصفحات ،  شهادة ميلاد ،  كاتب عظيم ، الطالب يوسف ادريس .

           في إحدي زياراته لنا ، حدثني  يوسف إدريس ، عن أبي ، وعيناه تشردان في الذكريات البعيدة ، التى لن تعود .

قال : "  تعرفي يا مُني  أبوكي ده كان له قلم  عظيم ، رومانسي ،  وثائر ، وممتع.هو أول منْ شجعنى على الكتابة ، واكتشف موهبتى . أول قصة ، كتبها في مجلة شعلة التحرير،   إسمها  " كلب وغلام " ،  كانت حديث الكلية . كنا نغار منه ،  لقلمه الفريد ، ووسامته ،  ولأنه أيضا ،  استطاع بسهولة أن يستأثر بقلب ، نوًارة الكلية ،  وطالبتها المثالية ، والأديبة الموهوبة ، نوال . لكن  حرب الفدائيين ، وفساد السياسة ، وموت واحد من أقرب أصدقائه بين ذراعيه ، صدمته ، وأحدثت جُرحا عميقا ، لم يلتئم ...  . أصل أبوكى  ده ، مرهف ، وحسًاس جدا ، مستغربتش لما عرفت انه ، بيعالج الفقرا فى عيادته مجانا وعشان كده مات ، ولم يترك الا سيرته النبيلة فى قلب نوال ، وابنة موهوبة فى الكتابة والشِعر والحرية ".

      انفصلت أمى ، نوال ، عن أبى أحمد ، باتفاق متحضر ، ، بعد ميلادى بعدة أشهر .

جمعت الصداقة الحميمة النادرة  ، بين يوسف ادريس ، وأمى ، و شريف حتاتة ، 13 سبتمبر 1923  - 22 مايو 2017 ، أبى غير البيولوجى ، الطبيب ،والمناضل ، والكاتب ، نبيل المبادئ والطباع ،  عشت كل عمرى معه ، ولم أحمل اسمه ، والذى منحنى أروع الأبوة ، وأكثرها حنانا ، ورقيا ، وجعلنى أكتشف أن رابطة الدم ، ما هى الا أكذوبة ، من أكاذيب العالم الدموى ، والأسرة الذكورية ذات النسب الأبوى الواحد الأحادى ربما فى وقت ما ، سأغير اسمى ، توخيا للعدالة والأمانة ، الى " منى نوال حلمى شريف".

     وكان هو الزوج الوحيد على كوكب الأرض ، الذى يصلح لأمى ، ويفهم طموحها ، يدعم مواقفها وقضيتها ، ويستطيع أن يستوعب كيف لامرأة ، أن تنام وتصحو مع الكلمات ، ولا تتردد فى الاستغناء عن أى شئ ، يعطلها عن الكتابة ، وتحقيق موهبتها الى الذروة .

     وفى بيتنا بالجيزة ،  وحيث كان يوسف ادريس يسكن قريبا منه ، كانت السهرات المنتظمة ، تجمع بين ، يوسف ادريس ، ونوال ، وشريف . وكنت أحرص على ألا تفوتنى سهرة ، رغم صغر سنى حينئذ .

     أجلس معهم ، أسمعهم يتناقشون فى الفن والسياسة ، والطب ، والكتابة ، والتغيير ، وأحوال البلد ، والعالم ، عبودية الرجال ، والنساء ، وسجون القهر ، ومتعة الحرية ، ولذة التمرد ، والاصرار على ايمانهم بأنفسهم ، والتشبث بالمبدأ ، رغم التحديات ، والمعارك ، كل بطريقته ، وأسلوبه ، وأولوياته .

    تصطدم بعض أفكارهم ، لكن انسانيتهم وصداقتهما الحميمة ، لا تصطدمان أبدا . يفور دمهم ، ويتشاجرون ، ويحتد بهم النقاش ، ثم يضحكون ، بعدها بلحظة واحدة ، ويلقون النكات ، كأن شيئا لم يكن . وفعلا ، كنت أراهم ثلاثة من الأطفال الكبار ، ومختلفون جدا ،  الى حد التشابه المدهش .

    فى احدى السهرات ، قالت نوال أمى ، مخاطبة يوسف ادريس : " انت مش محتاج ولا مطلوب منك ، أن تصفق للنظام .. ". يسكت يوسف لحظات ، ثم يقول : " احنا دايما نختلف على الموضوع ده ، وانتى مش قادرة تفهمينى .. لازم يا نوال تعملى كبارى مع السلطة ، والا هيعتموا على كتاباتك ، عندهم خبرة طويلة فى تهميش وتشويه المعارضين .. بصراحة معنديش استعداد أديهم الفرصة دى ".

   يرد شرف : " مش من حقى ألومك يا يوسف .. بس أنا شايف انه  لازم نخلق تيار يقدر يتواجد ويوصل صوته وكتاباته للناس ، مستقل عن دعم النظام ، وعنده ثقة ان الوقت فى صالحه ".

 ترد نوال : " لو تنازلت مرة  واحدة ، هتتنازل على طول . انت نجحت انك تعمل كبارى مع السلطة ، كويس ... استمر . أنا بقى مهمتى أهدم الكبارى دى ".

    يرد يوسف ادريس مخاطبا شرف : " انت عايش ازاى مع الست دى يا شريف ؟.

دى واحدة خطر ، عاوزة تهدم ، ولا يمكن تمشى غير اللى فى دماغها .. انت مش خايف ؟.

يرد شرف ضاحكا ، ممسكا بيد نوال : " فعلا حاجة تخوف ".

وينفجرون جميعهم فى الضحك . وأضحك معهم . وعلى غير توقع ، يسألنى يوسف ادريس ،

" رأيك ايه يا منى .. اوعى تكونى زى نوال ؟." كنت وقتها فى السنة الأخيرة ، من الجامعة . ومن حسن الحظ ، كنت أقرأ الليلة الماضية عن حياة الأديب الروسى دوستويفسكى . قلت :

" دوستويفسكى بيقول ، ان الكاتب لازم يستمر فى الطريق الصعب ، حتى لو اضطر انه يمشى لوحده ".

       وهكذا ، كان شعورى دائما ، بيوسف ادريس ، أنه واحد من أسرتى ، التى أعتز ،

وأزهو بالانتماء اليها . وكم كنت محظوظة بهذة الأسرة .

      فى احدى السهرات ، قال شرف ، مداعبا يوسف ادريس : " انت هاتخبى عليا .. كنت بتحب نوال من أيام الكلية ، بس أحمد حلمى جه وخطفها منك ". قال يوسف : " ومين يقدر ميحبش نوال ؟؟... زمايلنا كلهم كانوا واقعين فيها ، وهى ولا هى هنا .. مدخلش مخها غيرأحمد ". ترد أمى نوال ضاحكة : " أنا متخطفش يا يوسف ، أنا اللى خطفت أحمد ، مش هو اللى خطفنى ". ويرد شريف ضاحكا : " بالضبط زى مخطفتنى يا يوسف .... حد يقدر يخطف الست دى ، مين ده ، ولا الجن الأزرق ". يضحكون ، يتبادلون أحدث مؤلفاتهم ،

ويعلقون على ما يحدث فى البلد ، وفى العالم .

   "  يوسف إدريس " ، المعجون بالجنون اللذيذ ، عاشق الكلمة .  وردت الكلمة له ، العشق بالعشق ، وحجزت باسمه مكانا ، على مائدة  الخلود ، صعبة الارضاء .

   " يوسف ادريس "  ،   أديب من طراز فاخر جدا ، وثائر من قماشة نادرة جدا . ممتلئ  بالشغف ،  والدهشة ، والتناقضات اللذيذة الضرورية  ، لصناعة انسان يتغير فى كل

لحظة ، وبدونها  ، لا يمكن لكاتب أن يبدع  قصصا مثل ، خمس ساعات ، قاع المدينة ، أرخص ليال ، بيت من لحم ، جمهورية فرحات ، البطل ، لغة الأى آى ، ليلة صيف ، العتب على النظر،لا وقت للحب ، على ورق سوليفان ، العسكرى الأسود ، رجال وثيران ، العيب ، اقتلها ،الحرام ،  حادثة شرف ، الا اذا كان يتمتع بالجنون الضرورى ، لتحطيم الأصنام الموروثة .

    يوم موت يوسف ادريس ، كان يوما صامتا فى بيتنا . انه الصمت الذى يلفنا ، حين يصبح وجع وحزن الرحيل ، أكبر من أبجدية الكلام . وحين بعد نسيان مؤقت ، ندرك أننا جميعا راحلون ، مهما كانت مواهبنا ونبل مبادئنا . كلنا رغم النار التى أشعلناها ، فى وجه القبح والقهر والزيف ، يطفئنا التراب .

    كانت هذه بعض اللقطات المضيئة ، المنحوتة داخلى ، من ذكرياتى مع واحد من

عباقرة الأدب ، السهل الممتنع فى تشكيل الكلمات ... يوسف ادريس .

      أكتب عنه ، فى ذكرى رحيله الثالثة و الثلاثين ، بعد أن رحل أصدقاؤه الثلاثة ، أحمد ، وشريف ، ونوال  .

    وينهمر البكاء الدافئ ، المقهور ، عديم الحيلة ، يبلل جفاف الأيام . فقد  كانوا كل ما أملك .