ياسر رزق
بعد كتابه الأول "قلب الإخوان" في كشف أسرار خروجه من جماعه الإخوان المسلمين عام 2002 وأسلوب اتخاذ القرار فيها، والذي قال عنه الكبير "أنيس منصور": بأنه كتاب يدخلك في أول صفحة وبلا مقدمات في قلب الجماعة ورموزها وأمرائها، فتنسى أنك لا تعرف عنهم أو عنها شيئاً، يلقي بك المؤلف في قلب الجماعة ومعتركها بسهولة أنه يحكي ويقول.. وكان بارعاً فيما قال.
يقدم لنا الأستاذ ثروت الخرباوي في كتابه "سر المعبد.. الأسرار الخفية لجماعة الإخوان المسلمين" جوانب أخرى لجماعة الإخوان وأسرار لم تكشف من قبل من خلال رؤية خبير بها درسها وعايشها لسنوات.. لا بهدف التجريح أو الإساءة ولكن لفهم ما يحدث الآن وظروفه وملابساته، وتصحيح الخطأ أن وجد.
يقدم الخرباوي لكتابه بالعبارة التالية: "إذا كنت ستقرأ هذا الكتاب لتأخذه كما هو فلا تقرأه، وإذا كنت ستقرؤه وقد اتخذت مسبقاً قراراً برفضه فلا تقرأه، ولكن اقرأ وفكر ثم بعد ذلك ارفض أو أقبل، ارفض الكل أو ارفض البعض، واقبل الكل أو اقبل البعض، قراءة بلا تفكير ليست قراءة ولكنها تلقين، الأحرار فقط هم الذين يفكرون حين يقرؤون، قراءة مضمخة بالتفكير تعطيك عمراً جديداً، وفي هذا الكتاب أهب لك بعض عمري ".
يقول الخرباوي أنه يروى فى كتابه الجديد بعضاً من الأشياء التي يجب على المتحدثين بالإعلام أخذها فى الاعتبار، كما أنه دعوة للتفكير وليس لأى شيء آخر مؤكدا حرصه على استعراض الأفكار والمناطق الفكرية التي وقفت عليها الإخوان وعلاقتهم بالحركة الوهابية وسبب اختيار اسم “الإخوان” وما هو مصدره وفى نهاية كتابه يقدم مواثيق على العلاقة بين الإخوان والوهابيين ثم سيطرة الفكر القطبي على الجماعة من السيد سيد قطب الذى اتهمه الإمام الغزالي بأنه ينسج فخاً يطيح بجماعة الإخوان المسلمين بدعم الحركة الصهيونية.
يصف الخرباوي في كتابه "سرّ المعبد" طقس البيعة للجماعة: بالدخول لغرفة البيعة المظلمة. يكونون في مواجهة أخ يرتدي لباساً أبيضاً يغطي كامل جسده ولن يعرف شخصه أحد، ويقوم الجالس في المواجهة بتلقي البيعة إنابة عن المرشد بآيات الله التي تحض على القتال في سبيله وتجعله فرض عين على كل مسلم ومسلمة، والتذكير بسرية التنظيم وشرعية الظروف التي صاحبت ذلك، ومن ثم أخذ البيعة على الجهاد حتى ينتصر الإسلام أو يهلكون دونه. ثم يخرج مسدساً ويطلب من المبايع أن يتحسسه في الظلام، وأن يتحسس المصحف الشريف الذي يبايع عليه، ثم يقول له "أن خنت العهد أو أفشيت السر فسوف يؤدي ذلك إلى إخلاء سبيل الجماعة منك ويكون مأواك جهنم وبئس المصير"، وإذا قبل العضو بذلك كُلِّف بأداء القسم على الانضمام عضواً في الجيش الإسلامي والتعهد بالسمع والطاعة. ذات المنهاج الذي أسسه "حسن البنا" مقلداً تجربة الانضمام إلى "الماسونية"، وبذات الطقس وذات الغموض، بل ذات المراتب التي يرتقي فيها العضو درجاته في سلم التنظيم.
قال الكاتب حلمي النمنم، رئيس مجلس إدارة الهلال سابقاً، أن الخرباوي لم يدع في كتابه أنه يقدم دراسة، وإنما هي تجربة شخصية عن الإخوان المسلمين، وتحتاج أن يقرأها الجميع حتى لا تأتي جماعة تخطف أولادنا ليجندوهم وإما يكونوا قتله وإما يدخلون السجون والقيادات تبقى مدللة كما كانوا في عهد السادات ومبارك.
كما انتقد الخرباوي مقولة ”الإسلام هو الحل” التي استخدمها مرشحوا الجماعة في الانتخابات البرلمانية عام 2005، والتي ارتأى انها تعني أن الشخص الذي يحمل هذا الشعار يملك الاسلام ولا يملكه المرشح المضاد له وأن هذا غير لائق.
الكتاب يتناول اسرار الاخوان فكان لابد أن يفرد مساحات كبيرة في كل فصوله الي تاريخ الجماعة منذ نشأتها علي يد حسن البنا، فقال أن هدف البنا من انشاء الجماعة لأنه بهر بالتجربة السعودية، حين سيطر عبدالعزيز ال سعود علي شبه الجزيرة العربية واقام دولة السعودية بجيش الاخوان وحكمهم بالفكر الوهابي. ووضع البنا هذا النموذج نصب عينيه لن يحيد عنه أبداً حتي اصبح شغله الشاغل. وفكر في تنفيذ افكار علي ارض الواقع من خلال جيش من الرجال علي غرار الجيش الوهابي الذي فتح السعودية ويكون هو خليفة الدولة الاسلامية التي ستقام في مصر. وفكر في أن يكون لديه قاعدة كبيرة من الرجال يطيعون ما يؤمرون وكانت وسيلته لجمع اكبر عدد من الرجال بانه خطب في المقاهي وكانت بدايته مدينة الاسماعيلية وما اجمل أن تتحدث باسم الدين لكي تجد اتباعا كثيرين.
وأكد الخرباوي، أنه لم يكتب كتابه ليفضح الإخوان، رغم أنه ليس مجتمع مقدس ففيه الجيد والسيئ، وقال أنا تعلمت من الرسول "ص" ثقافة النقد، وليس هناك من يقول أن رأيه حق، بل الكل يتحدث عن دائرة الصواب والخطأ، وبالتالي ما أراه بصورة قد يراه الباحث الأمير بشكل مختلف ومن تعدد الرؤى والأفكار نخرج بفكرة هي أقرب للصواب.
ليس هناك شخص مقدس فالبنا بشر من باقي البشر، ومن الطبيعي أن يخطئ، ولكن عندما تقول للإخوان هو البنا اخطأ يقولوا "نعم"، وعندما تسألهم عن أخطاؤه لا يذكروا شيئاً ضاربا مثال بجلوس البنا مع السفارة البريطانية، وكيف فسر الإخوان هذه الخطوة بأنها كانت أفضل للدعوة.
ثروت الخرباوي:
ولد فى ثروت الخرباوي محافظة الشرقية عام 1957، بدأ حياته السياسية عضواً بحزب الوفد، ثم نقل نشاطه السياسي بانضمامه لجماعة الإخوان المسلمين. كان أحد القيادات البارزة بجماعة الاخوان المسلمين وكان رئيس لجنة المهنيين بالجماعة، وهو محام مفكر وكاتب محترف.. انضم إلى جماعة الاخوان المسلمين كمحب عام 1978 وانضم كعضو مسجل عام 1984، واختلف معها على أثر قضية تقديم مختار نوح وآخرين إلى المحاكمات العسكرية عام 1999.. فصلته الجماعة عام 2002 لخروجه عن مبدأ السمع والطاعة.
بدأ الخرباوي انتقاده لجماعة الإخوان بمقال نشره فى روز اليوسف، منتقداً المستشار مأمون الهضيبي الذى قال في معرض الكتاب بالتسعينيات وقت مواجهته فرج فودة: «أن الإخوان يتعبدون لله بأعمال النظام الخاص». أن قضية "النظام الخاص" هي قضية اليد الباطشة للتنظيم السري، الذي امتد أكثر من ثمانين عاماً. تخفتُ حيناً وتحيا أحياناً كثيرة، وسادت قوتها الآن. ذكرها الأستاذ "ثروت الخرباوي" في عدد من المحاور والفصول. عَرَفها بالإسقاط وبالإبهام وبالمجاز من أصحابها قياديي الجماعة، حين يهربون من الإفصاح عنها حتى على المقربين، لخطورتها الجنائية، وحبلها المتروك على الغارب. ولكنه يُشركك معه الوقائع، ويترك لك أن تلُم أشتاتها وتفكر. أن التصفية الجسدية للآخرين سيرة مدفونة، لا يعلم تفاصيلها إلا قلة.
يقول الخرباوي أن من أسباب انفصاله عن جماعة الإخوان أنه:
«.. وجدت أن الإخوان المسلمين يرفعون راية الإسلام ولكنهم في حقيقة الأمر يمارسون سلوكيات الحزب الوطني فرفضت هذه الازدواجية.. لأن في داخل التنظيم توجد مؤامرات واحقاد وصراعات ومحاولة لتحقيق مصالح خاصة بعيدة كل البعد عن مصلحة الإسلام.. »