شعبان يوسف ( 1 ) أنا بائع الحلوى والمهرج الذى يسير فى الحارات والأزقة حتى يفوز ببهجة أحد أنا قائد فرقة الإنشاد المنقرضة أهتف كل صباح للمارة والسابلة حتى أصطاد الحقيقة كاملة حتى أصل إلى روحى التائهة فى الملكوت
( 2 ) يا صندوق التذكارات كم أنت قاس ولعين كم أنت شرس حين تنقض على كل ما مضى بكل هذه الوحشية يا صندوق التذكارات اترك لنا بعضا من الوقت حتى نرتب الروح التى تنسحب سرا من جديد
( 3) لن يعود كل ما مضى لطبيعته والرقة المصطنعة سوف تذهب حتما والسماء التى رفعاها معا والأشواك المنتزعة بقوة والساعد الذى امتد فى الظلمات ليقول لها: أنت الحقيقة وما عداك ظل كل ذلك سيلتهمه صندوق الذكريات بخفة
( 4) الريح التى عصفت والقدم الثقيلة التى هرولت والصفعة المدوية والنظرة الكارهة بحدة والقلب الذى أثقلته الأوهام كل ذلك لم يكن فى خياله عندما انحنى وهو يقبل أناملها
( 5 ) كان كل شىء يذوى ويحتضر لسنوات بينهما لم يكن يصدق أن الغرفة ستضيق بهما والروح الخفاقة ستموت والبهجة المنتشرة فى رحابها ستختفى كان كل شىء ينسحب بجنون وبسرعة مذهلة
( 6 ) لم يكن كل هذا البارود بريئا ولم تضع كل هذه الدماء السائلة هباء فكل الحناجر التى هتفت وكل القلوب التى خفقت وكل الخيالات التى شطحت ...لن تكون شاهدة فقط بل كل ذلك ينسج شمسا مشرقة وروحا تسطع أبدا
(7 ) الريبة التى واجهتنى بها والصرخة التى أفزعتنى منها والنظرة القاتلة فى مقهى الحديقة والصورة الفوتوغرافية التى فى حقيبتها والابتسامة الخادعة حين تركتنى والخطوة السريعة الهاربة كلها أشباح تظهر فى منامى فى عرض لا ينتهى