من مقدمة لكتاب «الدولة المأزومة والمجتمع الحائر» الصادر عن الدار العربية للعلوم - ناشرون، في بيروت
حينما كنت ممثلاً لمصر في مفاوضات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في فيينّا خلال عامي 2002 و2003 سألْتُ أحد أعضاء الوفد المصري، وكان يشغل منصباً رفيعاً في مؤسّسة رقابية كبرى لمكافحة الفساد، سألته قائلاً: إذا كان لديكم كل هذه المعلومات عن الفساد المستشري في القطاع المصرفي فلماذا لا تتمّ مساءلة الفاسدين؟ رد عليّ ضاحكاً: لأنّنا قد لا نجد وقتها من يدير البنوك! ثمّ أردف: إن الفساد لا يقتصر أحياناً على قيادات الصف الأول بل يشمل أيضاً قيادات من الصف الثاني والثالث، فمن الذي سيقود البنوك عندئذ؟! ثم قال لي بصوت هامس: كل ما لدينا من ملفات فساد كبرى يصل إلى القيادة السياسية ثمّ تعطينا هي الضوء الأخضر لمن تريد محاكمته! وفي اجتماع جانبي آخر خلال المفاوضات نفسها سألتُ رئيس أحد الوفود الأوروبية: إذا كنتم متحمسين لإقرار هذه الاتفاقية فلماذا تضعون العراقيل أمام طلبات استرداد الأموال المنهوبة والمودعة لديكم؟ رد عليّ قائلاً بالحرف الواحد «... إن أحداً لا يطلب منا استرداد هذه الأموال يا سيدي...»!! جزءٌ من أزمتنا يكمن في ظاهرة شيوع المسؤولية وغياب المساءلة. شيوع المسؤولية يعني أننا نعرف حجم الكوارث وعدد الضحايا لكننا لا نعرف من هو المسؤول! أمّا غياب المساءلة فيبدو في ذاته منطقياً لأن السلطة التي تنتج الفساد يصعب عليها أحياناً مكافحته. وفي الحالتين فقد كنّا – سلطةً ومجتمعاً – أبناء ثقافة التنصل من المسؤولية. وهي ثقافة عربية عدمية مغايرة تماماً للثقافة اليابانية على سبيل المثال. ثمّ إنها ثقافة تخلو من الشجاعة. هذه الشجاعة التي لا نكلّ ولا نملّ من التغني بها. جزء آخر من الأزمة الحاصلة في حياتنا أننا نخلط في الكثير من الأحيان بين الأسباب والنتائج. ننشغل بأعراض المشكلة ونهمل جذورها. أنتجت أزمتنا حيرة عميقة. ثمة أسئلة لم نتوقّف عندها بما فيه الكفاية: هل يعني إصلاح السلطة تلقائياً وبالضرورة صلاح المجتمع؟ ومَن الذي يُفسد الآخر: هل السلطة هي التي تُفسد المجتمع أم إن المجتمع هو الذي يُفسد السلطة؟ هناك أمثال ومقولات لتبرير هذه الإجابة أو تلك. فمن يرون أن فساد السلطة هو السبب يقولون إن السمكة تفسد من رأسها! ومن يعتبرون أن فساد المجتمع هو الأصل يرددون: كيفما كنتم يُولّى عليكم. كان جمال الدين الأفغاني وعبدالله النديم من دعاة الثورة على النظم بينما كان محمد عبده منحازاً لفكرة إصلاح المجتمع أولاً. وها نحن بعد أكثر من مئة عام نعود لطرح السؤال مجدداً. كل الشعوب تطرح أسئلة جديدة، ونحن نكرّر الأسئلة ذاتها! فلنعترف بأنّنا – سلطةً ومجتمعاً – نتقاسم المسؤولية عمّا آلت إليه أحوالنا. فوراء كل سلطة مستبدّة وفاسدة مجتمع (أو بالأقل نخبة) ارتضت بذلك وشرعنته واستفادت منه. ألم يكن «هيدغر» الفيلسوف الألماني هو الذي وضع «هتلر» فوق المساءلة؟ أولم تكن جماعة التوريث في مصر فيما عُرف بلجنة السياسات من أساتذة جامعات وكُتّاب ومثقفين هي التي أوعزت (كلٌّ بطريقته) إلى جمال مبارك بحلم التوريث السياسي؟ يقولون في علم القانون الجنائي إنه لولا المحرّض على الجريمة ما كان الفاعل الأصلي أحياناً. ويمكن أن نضيف أنه لولا ثقافات بعض المجتمعات لما وُجدت الأنظمة المستبدة أو الفاسدة، أو على الأقل ما تهيأ لها الاستمرار. جزءٌ من أزمتنا أنَّ هناك علاقة إغواء وتمكين تتبادلهما السلطة والنخبة، أولهما يقوم بإغواء الثاني، والثاني يقوم بتمكين الأوّل. على مدى خمسين عاماً لم تكن هناك مقولة شعبية عبقرية تُلخص الحال في مصر مثل مقولة «شيّلني وأشيلك»، والتي كانت عنواناً لأحد الأفلام المصرية. العبارة تعني في بساطة أن الفساد يتآخى ويتآزر. هناك دوائر ضيقة من النخبة تحيط بالسلطة... تقوم بإعادة إنتاج الفساد وتبادله مع دوائر أخرى حولها... ثم تقوم هذه الدوائر بالفعل ذاته وتنقله إلى دوائر تالية. وهكذا تتكوّن نخبة سميكة، ملتصقة ولزجة في تحالفاتها. هذه النخبة الانتهازية بحكم قانونها غير المكتوب لا تقبل الغرباء (الشرفاء) في صفوفها. فإما أن تلوثهم معها، وإما تدفعهم إلى الفرار. النخبة إذاً أصبحت نخبتين: نخبة تدور في فلك الحاكم، تحجب عنه الحقائق وتزيف له الواقع، لتخون بذلك واجبها في نصح الحاكم وتبصيره؛ ونخبة أخرى محبطة إما تعاني الاغتراب الداخلي من دون أن تغادر الوطن، وإمّا تؤثر الاغتراب الخارجي بحثاً عن ملاذ مادي أو نفسي. توجد استثناءات بطبيعة الحال في أوساط كل من النخبتين، لكن الأحكام كما يقول علماء الأصول تُبنى على الغالب الأعم وليس على مجرد الاستثناءات. فلنقرر إذاً أن بصلاح الاثنين معاً (السلطة والمجتمع) تنهض الدول وتتقدّم، وبفسادها أيضاً تنتكس الدول وتتخلف. فنحن لا نكاد نعرف في التاريخ سلطة ظالمة لمجتمع من الأحرار والأخيار، بمقدار ما أننا لم نعرف أيضاً سلطة عادلة لمجتمع من اللصوص والأشرار!
للدولة سلطات ودور ومؤسّسات، وللمجتمع ثقافة وقيم وقدرات... فكيف حال الدولة والمجتمع اليوم؟ ينبئ واقع الحال أن الدولة العربية مأزومة والمجتمع العربي حائر. أزمة الدولة العربية أنها وصلت إلى نهاية طريق مسدود. والطرق المسدودة لا تتيح خيارات كثيرة. فإما الإصلاح أو الثورة! الإصلاح بحكم اللزوم العقلي يتطلب حلولاً جذرية لمشكلات عميقة ومزمنة. فهل يمكن من كان جزءاً من المشكلة أن يصبح جزءاً من الحل؟ نظرياً، ليس هناك ما يحول دون ذلك. لكن من الناحية الواقعية هذا يتطلب مؤهلات كثيرة من إرادة سياسية، وشجاعة أخلاقية، وانحياز بلا تردد للمصلحة الوطنية... فهل يتوافر هذا؟ أمّا الثورة (البديل الثاني) فتعني بحكم التعريف والمنطق التغيير «الراديكالي» والقطيعة مع الأوضاع السابقة التي استمرت في الدولة العربية الحديثة لما يقرب من خمسين عاماً أو يزيد. وثورة بهذا المعنى لا بدّ أنها تهدد مصالح البعض وتقلق البعض الآخر. التهديد بمنطق الأشياء ينصب على مصالح قوى كبرى مهيمنة. لهذه القوى مصالح سياسية واستراتيجية واقتصادية في منطقة كانت ثروتها وموقعها نعمة ونقمة في آن. وللثورة تطلعاتها الوطنية والقومية المشروعة وإلا ما اكتسبت بالبداهة وصف الثورة. فالطبيعي أن يقود منطق الثورة عاجلاً أو آجلاً إلى المطالبة باسترداد الحقوق الفلسطينية، والسعي لإقامة نموذج تنموي وطني، وربما محاولة إقامة تكتل عربي أو تضامن إسلامي. فهل يمكن القوى الكبرى القبول بمثل هذه التطلعات والطموحات العربية؟ جزء من مشكلة القوى الكبرى الغربية أن الثورات العربية قد كشفت عما تعانيه من حيرة وتناقض وربما انفصام. فهذه القوى الكبرى تؤيّد الثورات العربية بعواطفها الحضارية والإنسانية، لكنها بعقلها وغرائزها السياسية تتوجس من هذه الثورات! ونحن كعرب حائرون بين عاطفة الغرب وعقله السياسي. العاطفة الحضارية للغرب أعطت ثوار مصر بيانات التأييد وعبارات الإعجاب، لكننا لا نعرف ماذا يخبئ عقله السياسي؟! أمّا القوى الكبرى الآسيوية مثل الصين وروسيا فيبدو أنها تحمل مقداراً من الجفاء والنفور لا تخطئه العين من الثورات العربية. مشهد الميادين الغاضبة والتظاهرات المليونية لن يسعد الصينيين والروس. من الناحية الداخلية هذا فأل سيئ بالنسبة إليهم! ففي عصر الصورة المؤثّرة والسماوات المفتوحة، لا بد أن تتعاطف الشعوب وجدانياً وتتفاعل عقلياً. الشعوب تسائل نفسها كلما رأت شعباً آخر يثور. بل إن احتجاجات الشباب الأميركي الغاضب في «وول ستريت» لم تكن بعيدة من التأثر بمشاهد ميدان التحرير في مصر. هذا عالم يدخل بالفعل في حقبة «عصر الشعوب»... من الناحية الخارجية تتوافق مصلحة القوى الآسيوية مع القوى الغربية في التوجس من أية مشروعات وطموحات عربية يمكن أن تؤثر في ثلاثية: الطاقة والسوق والموقع الجيواستراتيجي. والثورات العربية لا تهدد مصالح القوى الكبرى فقط، بل تقلق أيضاً نظماً وأنساقاً اجتماعية وثقافية عربية أخرى. هذه النظم لم تبلغ الدرجة نفسها من التطوّر المدني والحقوقي والسياسي الذي كانت أدركته مصر وتونس على سبيل المثال قبل اندلاع الثورة فيهما. من هنا تبدو أزمة الدولة في هذه النظم. فالخيار الإصلاحي الجذري ربما يثير المخاوف. فهو لدى البعض قفزة في الهواء غير محسوبة النتائج. لكن لا أحد يتوقف عند كونه البديل الآمن الأقل تكلفة. أمّا الخيار الثوري، فلربما يرى البعض أنه يمثل لمجتمع ذي طابع قبلي ونسق ثقافي محافظ قفزة في الزمان تأتي قبل موعدها بعقدين أو ثلاثة عقود. وما بين قفزات «المكان» وقفزات «الزمان» يظهر البديل الثالث، وهو الإصلاح بطريق التدرج والتراكم. إنه الإصلاح بالخطوات بديلاً عن القفزات. لكن هل يسمح إيقاع العصر بهذا البديل الثالث؟ الدولة العربية مأزومة واقعةٌ بين شقي رحى إصلاح مطلوب أو ثورة على الأبواب. والإصلاح بالقطعة لن يسد نهم الشعوب. فما إن تقدّم السلطة جزءاً من الإصلاح حتى تطالب الشعوب بجزء تالٍ. فإذا قدمت هذا الجزء ارتفع سقف مطالب الشعوب مرّة أخرى. فما يُقدم بالأمس لم يعد يكفي اليوم. وما يُقدم اليوم لن تقنع به الشعوب غداً. وهكذا سيصل السقف يوماً إلى منتهاه! أمّا خيار الثورة فهو باهظ التكلفة. تتصاعد هذه التكلفة في كل ثورة تالية على ما سبقها. فكل نظام كان يستفيد من تجربة غيره في مقاومة الغضب الشعبي. ففي مصر فاقت التضحيات ما قدمه الشعب التونسي. وفي ليبيا زادت التضحيات عمّا قدمه الشعب المصري. وفي سورية ربما تتجاوز التضحيات ما قدمه السابقون... وهكذا دواليك. إنها لحظة مرعبة في تاريخ الدولة العربية. فحين تقترب الأنظمة من نهايتها تحاول هدم الوطن على رؤوس الجميع. خيار الثورة يشتبك أيضاً مع قضية التدخل الأجنبي. سيناريو كارثي آخر. كأنه مكتوب على هذه الشعوب أن تعاني في سنين هوانها وفي لحظات تحرّرها. كان التدخّل الأجنبي في ليبيا هو الدواء المر الذي تجرّعه الشعب الليبي لكي تنجح ثورته... لكن هل ستقتصر آثار هذا الدواء المر على مجرد الأعراض الجانبية لكل دواء؟ أم سيفرز دواء التدخل الأجنبي عللاً وأمراضاً مزمنة أخرى؟ فها هي تجربة التدخل الأجنبي في العراق ماثلة في الأذهان. فقد نشأ عن الدواء داء التفتت والاقتتال لتتحوّل دولة الرافدين الموحّدة إلى دول ودويلات؟ وها هو مشهد الثورة في سورية ينذر بتكرار المأساة ذاتها. شعوب تستجير من الرمضاء بالنار. فهل خطأ الأنظمة المستبدة أو الفاسدة يبرر خطيئة استدعاء التدخّل الأجنبي؟ أم إنّ خطيئة الأنظمة هي سبب ارتكاب خطأ استدعاء هذا التدخّل؟ هكذا كان علينا أن نختار بين الخطأ والخطيئة. أيّة مأساة تعيشها اليوم بلاد العرب؟
ليست السلطة هي المأزومة فقط في بلادنا. المجتمع بدوره يبدو أيضاً حائراً. وللحيرة تجلّيات يسطع بها المشهد العربي الراهن. فهناك التباين الهائل الذي بلغ حد التناقض في المرجعيات الحاكمة لانتماءات العرب. لم يعد هناك جامع فكري مشترك ولو في حدّه الأدنى يحقق التجانس الاجتماعي والوطني المطلوب. أصبح «المجتمع» في كل قطر عربي يضم «مجتمعات» متنافرة في المرجعيات والقيم. لا أحد يتوقّع بطبيعة الحال أن يصل التجانس الاجتماعي المطلوب حدَّ التطابق، ففي كل مجتمعات العالم ثمة شرائح وطبقات اجتماعية ومهنية وثقافية تختلف في اهتماماتها وقيمها ومرجعياتها. هذا أمر مفهوم كحقيقة «سوسيولوجية». لكن الحاصل في المجتمع العربي اليوم أمر آخر. ولو أننا أخذنا مصر مثالاً لافتقاد التجانس الوطني والاجتماعي عشية اندلاع ثورة 25 يناير، لاكتشفنا أن مصر كانت قد أصبحت «أمصاراً»... هناك مصر الثرية المرفهة المنعزلة في المنتجعات الراقية، ولا يمثلها أكثر من 5 في المئة من عدد سكانها. وهناك مصر «أخرى» فقيرة كادحة ساكنةٌ في القبور والعشوائيات والمدن المتهالكة المرافق. هناك مصر «النخبة» أكبر مخزون للكفاءات في العالم الثالث وما يقرب من نصف مليون حائز درجة الدكتوراه، وهناك مصر «أخرى» بلغت فيها نسبة الأميّة 30 في المئة وتدهور نظامها التعليمي بعدما قدم منذ خمسين أو ستين عاماً خريجين من مستوى أحمد زويل وفاروق الباز ومجدي يعقوب ومصطفى السيد. مظهر آخر للحيرة ربما يستعصي على الفهم أن تجد عرباً في مدن عربية على أرض عربية يتحدّثون فيما بينهم بلغة أجنبية! فتيان وفتيات في عمر الزهور لا يتبادلون الحديث في الجامعات والنوادي والمقاهي إلا بالإنكليزية.. هل هو الشعور بالدونية الحضارية؟ أم الرغبة الدفينة في التمسح بالآخر الأقوى والأكثر تقدماً؟ أياً ما كان التفسير فالمؤكّد أن اللغة العربية تعاني الاغتراب في ديارها. هذا مظهر آخر للحيرة. تتآكل منظومة القيم الوطنية الجامعة في المجتمع العربي في شكل مقلق. النظام التربوي التعليمي هو سبب من ضمن أسباب أخرى. لم يعد هذا النظام يوفّر الحد الأدنى من التجانس الوطني الاجتماعي، لأن هذا النظام ذاته ليس نظاماً واحداً، بل أنظمة متعدّدة. وكان من الطبيعي أن تفرز ازدواجية تربوية تعليمية على هذا النحو ازدواجية في القيم والمرجعيات. والأمر لا يتعلق هنا بقيم التقدّم الإنساني مثل الحرية والتفكير النقدي والحوار والانفتاح. فهذه قيم نحتاج إليها اليوم لأن لا نجاح لمشروع نهضوي من دونها. لكن مبعث الحيرة ومصدر القلق في ازدواجية القيم والمرجعيات أنها يمكن أن تنشئ ازدواجية في الانتماءات في ظل عولمة لا تؤمن بقيم بمقدار ما تبحث عن مصالح. أحد تجليات المجتمع الحائر في بلاد العرب أنه لم يحسن بعد توظيف تنوعه الديني والطائفي والعرقي واللغوي والثقافي. خمس دوائر من التنوع كان يمكن أن تصبح مصدراً للثراء الإنساني، فتحولت إلى سبب للشقاق والفتن. لم يفكر العرب ولو لمرة كم استفادت دول من مثل هذا التنوع في أميركا وكندا وبريطانيا، وبدرجة ما في فرنسا وبلجيكا وسويسرا. سرعان ما يتحوّل التنوع في العقل العربي إلى اختلاف... فخلاف... فصراع... فمحاولة للإقصاء. السؤال الآن هو هل أزمة السلطة هي التي أفضت إلى حيرة المجتمع أم إن المجتمع الحائر هو الذي أنتج السلطة المأزومة؟ كان الاعتقاد في بلد كمصر أن السلطة المأزومة هي التي أوجدت المجتمع الحائر. بدا هذا الاعتقاد صحيحاً حتى اندلعت ثورة 25 يناير. وفجأة، وخلال ثمانية عشر يوماً من بدء اندلاع الثورة حتى رحيل رأس النظام ظهر الشعب المصري في قمة وعيه وتماسكه وترابطه وثباته. انبثق فجأة في هذا البلد ضميرٌ نقي موحِّد وجامع لكل المصريين ثم ما لبث هذا الضمير الثوري أن تفتت شيئاً فشيئاً لتحل محله مجموعة «ضمائر» تسكنها الشكوك والهواجس.