ميسون صقر القاسمي.. تبدع متنقلة بين العواصم
بقلم: عائشة ابراهيم سلطام
عن بيان الثقافة- ديسمبر 2001
يا الذي اطعمني من خُبز محبته بحثت عن مأوى قلت: اقتليه داخلك وانجي فهل نجوت إلا من عُزلتي لعزلة تكسرت فيها لُغتي كيف استوت هذه الثمرة ؟ اسئلتي في البحر أنت أتيت وأنا ذاهبة انت لا تفصح وأنا ثرثارة أقضي اليوم في تلمس احداث تمضي أتحدث لأراني
هل تقول ذلك عن نفسها؟ هل تشرح الشاعرة عن ماهيتها، هل تتحدث فعلاً لترى من هي؟ ربما!
تلك أسطر اخترناها من أول قصائد ديوانها الذي حمل اسم القصيدة الأولى، «رجل مجنون لا يحبني» والذي أصدرته الشاعرة الاماراتية المعروفة ميسون صقر القاسمي ضمن اصدارات الهيئة المصرية العامة للكتاب ومن خلال مشروع «القراءة للجميع» في اكتوبر من هذا العام.
ميسون صقر اسم معروف في الساحة الثقافية في الامارات كفنانة تشكيلية وشاعرة، تخرجت في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية قسم السياسة، أقامت وشاركت في العديد من المعارض الخاصة المحلية والدولية، ومن معارضها «خربشات على جدار التعاويذ والذكريات لامرأة خليجية مشدوهة بالحرف» ما بين الامارات والقاهرة عام 1991، وفي عام 1992 بقاعة اخناتون بالقاهرة وفي المجمع الثقافي بأبوظبي، أقامت معرضها الثاني «الوقوف على خرائب الرومانسية» وفي المركز الثقافي الملكي بالأردن ثم اتيليه القاهرة وبالمجمع الثقافي في الامارات، أقامت معرضها الثالث «السرد على هيئته» عام 1993، وبعده جاء معرضها الرابع «الآخر في عتمته» عام 1998، متنقلاً ما بين قاعة الهناجر بالقاهرة وقاعة الطاهر الحداد بتونس وملتقى المبدعات العربيات بتونس والمركز الثقافي بالبحرين.
كل هذا وميسون صقر القاسمي تذهب عميقاً في اهتماماتها الابداعية فنجدها شاعرة صدر لها تسعة دواوين شعرية هي: «هكذا اسمي الأشياء» «الريهقان» «جريان في مادة الجسد»، «البيت» «الآخر في عتمته» «مكان آخر»، «السرد على هيئته»، «تشكيل الأذى» وأخيراً «رجل مجنون لا يحبني»، كما نجدها مهتمة بفن الغلاف رسماً وتصميماً.
لقد كان لاقامتها الطويلة في مصر دور كبير في تشكيل شخصيتها وصولا لشعرها للدرجة التي أصدرت ديواناً شعرياً باللهجة العامية المصرية بعنوان «عامل نفسه ماشي» وللدرجة التي لم تستطع هذه الفتاة المليئة بالطموح والتوثب والتوق لغير المألوف ان تألف وضعها كموظفة دائمة أياً كان مسمى الوظيفة ودرجتها في وزارة الإعلام والثقافة! فلم يمض عليها زمن حتى حزمت حقائب العودة ميممة شطر القاهرة صوب وطن آخر عاشته وعايشته ونهلت منه ثقافة وتلاوين تكوين تظهر للوهلة الأولى التي تقع عينيك عليها، أو منذ الجملة الأولى التي تبادرك فيها بابتسامة معهودة.
ما بين القاهرة والامارات تتنقل ميسون، ناثرة أسئلتها وأنشطتها وصداقاتها وكاتبة تاريخها وفكرتها، تمضي متنقلة راسمة كاتبة شاعرة تقضي الأيام في تلمس احداث تمضي.. تتحدث لترى ميسون!
السفر معلق في مشجب بائع الكذب في انطلاقته اليومية سائر نحن وراءه نمضي في الحكايات كي ننشغل
لماذا كل هذا الجري وراء الحكايات وبائع الكذب؟ لماذا هذا السفر الجاهز المعلق كجاكيت السفر على المشجب؟ في قصيدتها «رجل مجنون لا يحبني» تجيب ميسون
كي تروق لنا حال بلا أسئلة عميقة ولا ثمر بلا قلب يخفق لمرة واحدة!! فهل هذا ممكن؟!
خمسة عناوين كبيرة توزعت بين دفتي الديوان الأخير، وتحت العناوين اندرجت أكثر من خمسين قصيدة مليئة بالحب والشجن والبكاء والبحث عن شيء ما ربما هو الأمان، وربما الحنان، وربما شيء لن يأتي أبداً مثل الطفولة:
طفولة وحيدة ومعرفة كبيرة هكذا نرى ان ميزان العالم ليس ثابتاً دائما
حينما تقرأ الديوان ستعرف معنى ان يقول لك صاحبه «انني أمضي الوقت أتحدث كي أراني» سترى ميسون الانسانة الجميلة جداً واضحة تتقافز بخفة وطيبة ما بين الحروف تماماً كما يلوح نخيل بساتين رأس الخيمة شامخاً قوياً ثابتاً ومحتجاً على كل الانكسارات، وحتى على الانتكاسات الحنونة.
الشدة لينة مثل كل الأشياء الطيبة وانتكاسات الحنان فينا هي الأجمل من قبحنا اعطني الحب اذن لأفر لا من طينك أتيت وإليك لن أصعد سأفوز بالخسران إذن!