أيها الجغرافي السائد على ظهر الكرة /يا مهندس الزلازل في حداثة الطين وما بعد الذرة/انظر المنازلَ تعود أزمنة بعد الاغتيال/أنظرها تنبت في الحبق على طاولة الدمع والفول والكتابة /في اللوز والمرآة والحلم وأحمر الشفاه/أيها الجيولوجي يا نظير الموت في ريختر المنشور بدراجاته الجوية على طول السنوات وعمقها/انظر الجدارَ عليه لوحةٌ تتحكمُ في تشكيلها الجرافةُ وقدامى حفاري مترو الأرواح/أيها الفلكي في الدين والزندقة/ الحروبُ لازمةُ الشرق السعيد/وهاك المنازل تتجسمُ على الجلود بالزنكوغراف/ وما من ذكرى لحصان أحدٍ بالريزو /أقوامٌ من الحجارة حتى الرماد/ وأقوام من التواريخ على ظهور إبل الإليكترون/والصبرُ مفتاحٌ مكسورُ في باب العدم/هكذا المنزلُ الهاربُ من الشارع/ يُعمرُ غرفه في النفس سريعاً/ الخزانة هي الأخرى/ لبس الحطامُ ثيابها مستعرضاً شخوصها في الأزياء العميقة/فيما شجرة الرمان المفككة كالجنازة قرب السياج/تشبه خارطة لا تفارقها الشمس.
لك يا منازلُ في القلوب
منازلُ
أقفرتِ أنتِ وهنّ منك أواهلُ
السقفُ فوقنا بهدوء..
يفرشُ الأجنحةَ المائلةَ
وجدران اللحم هم ..
يتهاوون في طواحين الغبار.
ليس على خط غرينتش .
هذه المرة.
ليس على خط الاستواء.
هؤلاء الأقوام.
منازلهم في النفوس ترتفعُ..
والشعوبُ بذورٌ على خطِ التمرد.
يقول الطفلُ وهو يتحول إلى ساعةٍ
تنشطُ عقاربها في الربيع الأحمر.
كم سأتذكر خط بارليف .
يقول الأب العسكري وهو يفيض
بمذكرات التقاعد والرصاص .
كم سأكسر خطَ الأمم في محفل مثانة نيويورك.
يصيُح مراقبُ الأعصاب في بداية
إكليل الغار على عتبة المذبح.
كم لي من خطوط سلالتي في النفط
والهجانة والخماسين.
ينادي الإعرابي في وجه الفضاء.
والفتنة تشغلهُ بخط الرقعة والنسخ.
يا لنا من شعوب اللا حركات .
وأسبقية المرور لمن تدثر بالأسمنت
تحت الدرج الأوبرالي
حالماً بنصف قمر بنصف حلوى.
يسأل رجل الطوارئ وهو يدفن جثمان سيارة
الإسعاف في جسده.
كم منزلٍ في الأرض يألفه
الفتى
وحنينهُ أبداً لأولِ منزلِ.
سلوكنا ألأممي في السكون .
جيدٌ.
يقول الشيخ الأيديولوجي مبتسراً.
فيما الدماغ التقني يستغرق في لعبة
الاستغماية .
يصرحُ بائعُ الكهرباء المظلمة.
المكننة العربية في خياطة الأكفان.
يؤكد قائد جوقة الإعدام ،
وهو يرشدُ الحبال إلى الأعناق
في مثوى بيانات طوبولوجية النفس.
1
يا دارُ ما فعلت بك الأيامُ
ضامتكِ والأيامُ ليس تضامُ.
وأنت أيها البيت..
يا مثلي في العراء الناري
عين كوكب تتشقق في تموز.
وتحتها الغربانُ في يوغا الذهول
على الأطلال.
أيها البيت..
يا شقيقي الجيني في الخريطة
والتخت والأرز وشبق الشمس على منصات
الحروف.
ها نحن نتمددُ في مغتربات الحطام
كالزواجل ..
وكل منا رسالةُ نفسه إلى الأسئلة..
وإلى البلاغات العظيمة للطين العائدِ لأمهِ
الممشوقةِ الصراخ.
2
قفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ
ومنزل
بسقط اللوى بين الدخول
فحوملِ.
قفا نستحلبُ ما في شرايين التاريخ
من أضرحةٍ وجنايات وأوبئةٍ.
الذكرياتُ كائناتٌ لا تموت
تحت الأنقاض.
وإما أهل الفندق المقام على المقاصل
والعظام وجدار الفصل،
فسيخسرون سلالاتهم في الذئب
وأكياس الظلام.
3
حي المنازلَ
إذ لا نبتغي بدلاً
بالدار داراً ولا الجيران جيرانا.
حبيبي يا مسلتي القتيلة في حمورابي
يا قامتي المسجاة في رحيق الطحين.
كأنكِ عُدتِ لنسختك ِ الأولى في الكاربون.
لا حائط مبكى لعدوٍ فيك.
ولست أبناً لبيضة تتشردُ
في الشتات.
4
يا منزلاً
سكنَ الجوى في مهجتي
مذ أصبح التشتيتُ في سكانهِ.
وهنا الغطاسُ تحت أطنان الردم،
يخوضُ السباحة في العظام.
مقربةٍ منه الصنبورُ المكسورُ يسقي
القتيل المسجى في حجرة الله,
ما من أحد يقتلُ ماءً في جسد
الشهيد.
هكذا تكلم النبي من وراء كثبان أرواحٍ
غلب عليها مسحوقُ الزجاج ما بين مفاصل
الشبابيك والأعين المتوجة بالرماد.
5
جدارٌ صامدٌ .. يبصق في وجه الكابتن الممتلئ
بالكوكائين اللاهوتي..
جدارٌ زاجلٌ ..كما الريح على ظهر تايتنيك.
جدارٌ منهارٌ..يقرأ صيغَ البارود في العناقيد .
جدارٌ ذائبٌ.. يتوسعُ في العدم.
فيما عمود البيت ..
تمزق ناراً وغادر أعشاش الصغار
على وقع الجلجلة.
6
وكانوا يقتنون الأرضَ تفاحاً في منازل
الضاحية.
وكان الجنوب يستنزفُ الذهبَ والياسمينَ
والعشاق.
كم هم من أنهر و تنهدات وخيال
وفيروز وبرغل وأفواه عامرة بمباني
البلاغة والحنين.
يسهرون ملفوفين بورق السماق والنجم
والحرير وبريق القاذفات.
الآن..
القمر صحنٌ مكسورٌ كضلع الشرفة.
على مقربة منه كتابٌ أبيدَ مؤلفه
وكل ما فيه من شخوص وكائنات.
يا لها من وسادةٍ ممزقة الريش
كانت تُسمى الأرضٍ.
قالها الراوي .
وهو يستعرض الهلاك في المباني.
7
ماما :
لم يعد جدول الضرب صعباً.
سيقول لي أستاذُ الرياضيات .
ولم تعد الحياة غير فرنٍ بعجين الألغام.
سيقول لي معلمُ الكيمياء.
أما أنا فقد رأيت كم في H20 من بوارج
وقرشٍ وتماسيح.
ماما:
أمريكا أصابتني بذكاء قنابلها.
وها هي شاحنات الليزر تخترقُ الورد
والأجساد وأوراق الأساطير.
ماما:
بتُ طفلة من مسحوق الرخام.
أكبرُ في نومي على صخرة الروشة،
وتحتي فتافيتُ حليبكِِ الشبيه
بالسخام تمرُ.
8
لإعلاناتكم المبوبة في جريدة
الخراب.
اكتبوا الحيطان بالآيات التالية :
ومن المنازل ما قل ودل على الخلود.
الشهيدُ مدفعٌ رابضٌ على ظهر الأبد.
ولا كتاب كالمنشور بغبار الطلع وحبر الأرواح.
شهوةُ الحرب هواءٌ مريض.
لا تهدم منزلاً قبيل تخدير أفكاره.
العربُ لسانٌ مقفى على عرض الصحراء.
9
-إلى أين ذاهبٌ يا بيتي في النار؟
_إلى قيلولتي في الرمال المعقدة.
_ومتى تكون مرآتي في الجبال؟
_أنا أنت في الطين والياقوت واليانع
من فلزات التكوين.
_كأني أراك غريقاً مثلي !
_لا . فكلانا خارج الاكواريوم ..
نطيرُ في البريد الإلهي.
10
قم يا أبتِ لنزهة خارج الأنقاض.
خذ معنا الدار والمحبرة وصورة بيروت والدراجة
وضحكة العندليب.
قم يا أبتِ وانزع من رأسك سيخ الحديد.
كي ندرك آخر حافلة ستعبر جسر اللوزية.
أراك لا تسمع يا أبت!!
بأية لغة أزيح السقف عن وجهك،
والأسمنتُ عصورٌ من الدول والجفاف.
قم يا أبتِ
ترى فراشي ينهضُ بطاقة الغارة
المستعادة.
ألا تراني أرتفعُ بخار غيب؟
كن هرقلاً..
وانزع عن جسدينا البنايةَ وأكفان
الباطون.
ألست أنت أبي
تقاوم الموتَ في علبة هذه البئر
العميقة.
وحتى تشرذم أهل الفندق في خرائب
الجحيم.
يا أبتِ أيها البيت.
كأن الجدار مغرمٌ بي..
فاختارني سريراً لنومته
في الأبد.
ألا ترى الأحلام تحت الأنقاض ماءً
يشقُ في اللغة مجرى لجذوره.
فيما قنابلُ الفراغ تترجمُ المباني
بطمي الديناميت.
الأرواحُ لوائحٌ ..غير نابضة.
المنازلُ لوائحُ زجاج مفروم.
القبائلُ لوائحٌ لكاريكاتير الثوم والذباب.
الجثثُ لوائحٌ لخزائنَ غرف النوم في الهشيم.
هكذا البناءون في الموت
يردمون الثريات تحت البلاط ،
ليختمروا مع دباباتهم في الأرشيف.
لبنان /البقاع الغربي
5أب2006.