Sabra named Sham

(0)
Year: 2022

بعيدًا عن السياسة والخوض في بحورها والحديث عن مراميها، وقريبًا من الإنسانية وفضائِلها في تفعيل القلوب الرحيمة، تأتي رواية "صابرة اسمها شام" رصدًا مختزلًا للحياة العامة في الشمال السوري بشكلٍ عام وحياة النزوح التي عاشتها شام وعائلتها بشكلٍ خاص، بين مطرقة الفاقة وسندان النزوح خلال حربٍ ضروس أكلت الأخضر واليابس، لا تدري هي وأمثالها إن كانوا هم من صنعوا ذلك الوجه الكئيب للحياة هناك أم هو من أعاد تصنيع الجميع من جديد.

لكن للأسف، تلك هي الحروب، دائمًا تصنع حياةً جديدة للبشر، مليئة بمخازٍ وأحزان، هم ليسوا فيها ولا لها، لكنهم مجبرُون أن يعيشوها -حتى إن لم يألفوها- شاءوا أم أبوا.

تعدَّدت رماح الموت في الشمال فمن لم تخطفه ويلات الحرب هناك قتلتهُ ضغوطات الحياة وعصرته سنون القهر، ولئن كُتبت له السلامة من هذا وذاك كان له صقيعُ المخيفات وقلة التغذية، ورياح الأوبئة بالمرصاد.

هل تستطيعُ شام أن تكمل المسير في طريقٍ غابت عنها المعالم أم ستقفُ حائرةً منتظرةً لليلٍ آخر قد يكون أحلك مما هي فيه؟

هل يبقى الوطنُ بشكلٍ عام والشمال بشكل خاص هكذا قابعًا مستكينًا أمام سياط الاختلافات وغوائل السنين التي تنهش بأرواح قاطنيه قبل أجسادهم؟

رواية "صابرة اسمها شام" ليست فقط حكاية عائلة سورية صغيرة عانت الأمرَّين داخل الوطن في مواجهة مصاعب الحياة خلال حرب ضروس تسببت في نزوح مُذرٍ زاده البردُ القارص والوباء القاتل مقتًا وكآبة، إنما هي أيضًا قصة كل عائلة سورية كبيرة أصبحت أشلاء مبعثرة في أرجاء المعمورة لا تعرف للالتئام سبيلًا، حجبتها عن بعضها البعض حدودٌ ملعونة ومسافات مُتعِبَة لكن رغم كل هذا تبقى رغباتُ لقائهم متجددة ما دامت قلوبهم تنبض ودماؤهم تتدفق.

رواية "صابرة اسمها شام" ليست قضية ذاتية، وليست قضية عائلة سورية تعيش في دياجير النزوح أو في وِهادِ اللجوء، إنما هي قضية بحجم وطن.. مسلسلُها دامٍ لم ينته بعد.