ياسر الزيات شاعر وصحفى مصرى صدر له ديوان أحسد الموتى وهو الأول عن الدار للنشر، ويحمل غلافه لوحة وجوه الفيوم الشهيرة التى اكتشفها المنقب البريطانى وليم ماثوس تيرى عام 1888م. ويرصد الديوان حالة من الكآبة الواضحة التى تصل بالأحياء إلى حد حسد الموتى الذين تظهر أرواحهم فى كل القصائد والمقطوعات الشعرية المكتوب معظمها فى مدن سعودية. وصدّر الشاعر الديوان قائلا: طموحى أن أغرس الموت فى مسام الورق. وبدأه بمقطع شعرى عنوانه نهاية طويلة يقول فيه: لابد من مبرر أحيانا للموت على الأقل لهؤلاء الذين سيعيشون الذين سيتحدثون كثيرا عن حادث مزعج الذين سيأكلون ويشربون ويتذكرون لابد من شبهة بطولة تجعل النهاية طويلة ولابد من أشخاص يشفق عليهم آخرون.
كما صدر له عن دار النهضة العربية في 2011 ديوان “دمي ملوث بالحب” والذي يبدأ بالتالي:
ربما أنا ياسر الزيات
ضع جثتي في جيبك يا صديقي، ادخرني إلى أن يصبح البكاء سريرك، وضعي أحلامي في حقيبتك يا زوجتي، تجملي بها عندما يصبح وجودي قبرك، وانزعيني من أظافرك يا صديقتي، ارميني في عربة الإسعاف لكي تنتظم ضربات قلبك. ويا بلادي، لم يحدث أي شيء، لم يحدث أي شيء، فاستمري في مضغ
الدخان والمهرجانات والسجون، أنا سعيد هنا، سعيد في مقبرتي الإلهية، مقبرتي هذه التي أسميها ياسر الزيات.
***
نعم.. أنا ياسر الزيات: سليل التجار المفلسين، سليل الشعراء المفلسين، سليل البلاد المفلسة هذه، وسليل الأناشيد الجماعية، والأحلام الجماعية، والمقابر الجماعية، فكيف أتبين ملامحك وسط كل هذا الحطام؟
***
نعم.. أنا ياسر الزيات: تركت لكم كل شيء على حاله: المحبة الحارقة والموت الفجائي، القصائد الخربة والحياة المؤجلة، العزلة الوراثية والقسوة الأبدية. تركت لكم كل شيء على حاله، فرتبوه إن استطعتم، أو اتركوه على حاله، وتخلصوا مني لتحرروني. حرروني، أنا الهائم في جحيم ذاته، حرروني.
***
نعم.. أنا ياسر الزيات: وحدي، وحيد، خائف. ربما أنا لا أحد، أو لاشيء. فما الذي يعنيه هذا الوجه؟ ما الذي تعنيه العينان المزدحمتان؟ ما الذي يعنيه القلب الغائم الطري؟ ما الذي تعنيه هذه الكتابة العرضية المعلقة في الأصابع؟ ولماذا أبكي هكذا كعاشق خائب، كإرهابي، كمنفي في ذاته، كنصف برتقالة، كشتات بلا نهاية؟
من أنا حقا؟
***
ربما أنا ياسر الزيات: وحده، أو بعضه، أو بقاياه، أو أثره، أو نبضه الأخير المتلاشي في اسم بلا معنى، يفتش عن جسد بلا معنى، ليكون شيئا، مجرد شيء مكتمل، له نهاية واحدة تجعله وحيدا أو خائفا، أو ميتا حقيقيا تحضنه رمال حقيقية، يبعثرها هواء حقيقي، كلما مرت حبيبته عليه.
القاهرة 2و 3 يناير 2004