منذ الصباح الباكر، تفتح باب شقتها، تمسك بيدي الطفلتين بكل حب، عيني تترصدها بمزيج من الحسد والضيق ، كل شيء فيها يفتن، إذا كنت وأنا امرأة، أقف حائرة، أمام تمايل هذا الجسد الطري، والنهدين ..آه ..إنهما يتحركان بتناسق غريب، جميل ، فيهما الكثير من الإغراء ، لا أدري سبب ارتفاعهما بهذي الطريقة، ربما لأنها ترتدي نوعية جيدة من (الستيانات ) ، التي تغري بها الرجال...
هاهي تعود إلى شقتها في نهاية الدوام، قلبي ترتفع دقاته، وشياطين الأفكار تعربد في رأسي، سوف تلاقي زوجي في الطريق، ويحتك طرف صدرها بجسده ، أسمع صوت خلخلة المفاتيح ، وحذائها ذو الكعب العالي ، فيرتجف قلبي، أفتح الباب ، متخيلة الموقف ، هو يقربها أكثر لصدره ، يحضن خصرها النحيل، وجهها يقترب من أنفاسه ..
ولكنني أتفاجأ بها واقفة ، ومعها طفلتيها ، تحاول فتح باب شقتها، وعلى وجهها نظرة دهشة، مستغربة من تصرفي ..
أنصرف للداخل في ضيق،لابد إنها تفكر في خطة مدبرة ،أعرفها من نظرة عينيها، من ذلك الوهج الذي يطل دائما في ملامح جسدها، من شفتيها ونهديها ..
مرت شهور أخرى، وجودها في البناية، يثيرالجميع، وبخاصة النساء ، كن يشعرن بخوف خفي داخلهن، عدا طالب الثانوية الذي يسكن البناية المجاورة ، كانت نظراته تلاحق المرأة ، وكنت أرى عيناهما تتلاقى كثيرا ، في مواعيد ربما ليست صدفة في كثير من الأوقات ، نافذة الشاب تظل أضواءها إلى وقت طويل ، مضاءة ، أنا من خلف ستارتي ، أحاول اقتناص الفرص ، مرات عديدة أرى ظل جسدين يتعانقان وهما عاريان في تلك الغرفة، فألعن تلك الأرملة، وقدومها الشؤم إلى بنايتنا ، أخبرت زوجي بأمرهما ، لم يصدقني ، إنه يؤكد بأن ذلك الشاب من أسرة محافظة ، ووالده شخص صارم ، قاس ، وعنيف في تعامله مع أبنائه ، ومن المستحيل ،أن يجازف بإحضار امرأة إلى غرفته .
زوجي يوبخني على طريقتي وفضولي في مراقبتي للمرأة وحبيبها الشاب، أفكاري تسربت خارج الشقة ، فأصبحت جاراتي يعلمن بأمر النافذة ، شهر آخر ، وزاد التجمع حول نافذتي ، أصبحنا سبع نساء ، نراقب نافذة الشاب ،نتناول الشاي ، نثرثر ، نتكلم عن كل شيء ، عن الأزواج والعوانس والأرامل الجميلات اللواتي يقتنصن الرجال، نراقب النوافذ ، والوجوه المرتسمة بالتعب بعد يوم مرهق ، ممل .وانتشرت أحاديثنا في البناية بأكملها وفي البنايات الأخرى ، وأصبحت تتحاشى الأرملة الخروج من منزلها ، وإذا خرجت تتقاذف عليها الكلمات كالسياط، تحرق جسدها، وجهها ونهديها أيضا .
وفي ليلة صيفية ، فوجئنا بجارتنا الأرملة ذات الوجه الفاتن تجرجر طفلتيها ، وفي يدها حقيبة سوداء كبيرة ، وتوقف سيارة أجرة ، تستقلها ، وهي تطلق سبابا عاليا .
تركت رأسي على المقعد ، ارتشفت القهوة في عصبية ، وبطرف عيني لمحت ظل الجسدين المتعانقين .