علي المقري جريدة الاتحاد الخميس 21 يناير 2010
صعدت رواية “وراء الفردوس” للروائية المصرية منصورة عز الدين إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية، التي ستعلن لجنة تحكيمها اسم الفائز أو الفائزة بها يوم 2 مارس المقبل في أبوظبي، وصارت الرواية محل جدل ثقافي لما تمثله من منحى سردي تجريبي تعتبره الكاتبة أنه من ملامح الكتابة الروائية الجديدة التي نسألها عنها، كما نسألها عن عوالم روايتها المخيلية والتجريبية، ومدى تقاطعها مع كتابيها السابقين.
هناك ما يشبه استرجاع الحكاية في “وراء الفردوس” من خلال مزج الغرائبي بالشعبي، وفي “متاهة مريم” التي تبدأ بعبارة “يحكى أن” نجد دماء المدهوس بعربة التاجي قد كوّنت ما يشبه بحيرة صغيرة لم يفلح أي شيء في محو أثرها بعد أن جفّت. هل هناك مرجعيات حياتية أو معرفية لانشغالاتك في هذا المنحى الجامع بين الغرائبي والشعبي والأسطوري والاجتماعي؟
◆ أعتقد أن اتجاهي للكتابة التي تمزج الغرائبي والشعبي والأسطوري بالواقعي لم يأت بقرار، وإن كان يعكس تململي من الكتابة الواقعية الصرفة. ككاتبة لم أرغب في محاكاة الواقع، ولم أسع لتغييره، أردت فقط نقل حيرتي المعرفية أمامه. توجد بالطبع مرجعيات حياتية ومعرفية لهذا الانشغال، نشأت في قرية صغيرة جداً في دلتا النيل، حيث حكايات الجان والأشباح والجوانب الميتافيزيقية جزء من الواقع المعاش. في طفولتي اعتاد أحد أعمامي أن يحكي لي قصص الأنبياء ومعجزاتهم، في حين كان عم آخر يحكي لي السيرة الهلالية وسيرة سيف بن ذي يزن وغيرها. كل هذا فتّح خيالي مبكراً، وساعدني على امتلاك مخيلة قوية. أيضا علاقتي قوية بالأحلام منذ صغري، أحلم كثيراً وأقرأ بنهم في تفسير الأحلام في الثقافات المختلفة، أسجل أحلامي أحيانا للاستفادة منها في الكتابة. غير أن الغرائبي أو الحلمي عندي ليس منفصلا عن الواقع، بل هو جزء أصيل منه يساعد على مقاربته بشكل أعمق. لا أحب الفانتازيا الخالصة منبتة الصلة بالواقع، الغرائبي عندي وسيلة لفهم الواقع لا للهروب منه على غرار الرومانتيكيين. أكثر التفاصيل غرائبية في كتاباتي يمكن ردها للواقع بسهولة.
أقصى درجات التجريب ◆ تبدأ رواية “متاهة مريم” من خلال كابوس ترى فيه مريم مشهد قتل، تتداخل فيه مع مريم الأخرى، في تداعيات صورية غرائبية. وفي ما يشبه المشهد نفسه، نجد في روايتك الثانية “وراء الفردوس” سلمى وقد مضت في متاهة أخرى، إذ ترى نفسها في الحلم أنها تقتل ابنة عمّها جميلة. هل هناك ما يربط بين العملين كمنطلق لهاجس عام في كتاباتك؟
◆ ثمة، بالطبع، هواجس أساسية تشغلني ككاتبة، وستجد محاولات مختلفة لمقاربتها من عمل للآخر، فمثلا تشغلني أسئلة خاصة بالذاكرة، الهوية الذاتية، وبالعائلة في علاقتها بالفرد. أيضا ثمة رابط آخر هو المزج الذي أشرت إليه بين الغرائبي والواقعي والانشغال بالأحلام وهو رابط موجود منذ كتابي الأول. لكن كل عمل على حدة يحمل أسئلته وتحدياته الخاصة وطموحه الفني المنفصل. “ضوء مهتز” هي مجموعتي الأولى التي قدمتني ككاتبة وتحمل أبجديتي الخاصة وفيها كثير من شيفرات كتابتي اللاحقة. أما “متاهة مريم” فهي رواية تجريبية اعتبرها البعض ملغزة، تستفيد من فكرة “القرين” في التراث الإسلامي وتحاول تقديمها في شكل أدبي ما بعد حداثي من خلال العلاقة الملتبسة بين مريم وقرينتها، وعبر هذه العلاقة هناك محاولة لمقاربة التاريخ الاجتماعي لمصر بعد ثورة يوليو من خلال عائلة التاجي الأرستقراطية الآفلة التي تنتمي إليها مريم. “وراء الفردوس” وعلى الرغم من اشتراكها مع “متاهة مريم” في بعض أسئلتي ككاتبة، إلا أنها تختلف كثيرا عنها، على مستوى تقنيات الكتابة، واتساع العالم، وطموحها الفني. في “وراء الفردوس” كنت أطمح لهدم البنية التقليدية لكتابة الرواية من داخلها، بمعنى أنه في القراءة الأولى قد يبدو للقارئ أن بنية “وراء الفردوس” كلاسيكية، لكن هذا انطباع خادع، لأني حاولت في الرواية اللعب مع هذه البنية للخروج بأقصى درجات التجريب فيها، من تشظي واستخدام لتقنيات المونتاج والكولاج الزمني، وعدم الخضوع لمنطق الزمن الخطي التقليدي، هذا غير تقنية الرواية داخل رواية. أيضا تختلف “وراء الفردوس” عن “متاهة مريم” في تركيزها على قضية اجتماعية واضحة هي الخاصة بتجربة تجريف التربة ومصانع الطوب الأحمر، ومحاولة التأريخ لهذه القضية، من دون تغليب الاجتماعي على الفني.
حتى الأحلام التي تعد عاملا مشتركا في العملين تختلف في وراء الفردوس من حيث اعتمادها على تفسيراتها في التراث الإسلامي خاصة تفسير ابن سيرين، في حين أنها حضرت في “متاهة مريم” في بعدها الكابوسي فقط.
◆ الاهتمام بالهامش والبسيط في روايتيك ألا تقلقه الحال الغرائبية والأسطورية، وإلى أي مدى تجدينهما قريبين من بعض؟
◆ لا أرى تعارضا بين الهامشي والبسيط، وبين الغرائبي والأسطوري، الأمر يتوقف فقط على قدرة الكاتب على المواءمة بينهما. أجدهما قريبين طالما أن الكتابة غير منبتة الصلة بالواقع، وطالما أن الغرائبي يتم استخدامه لمحاولة فهم الواقع بشكل أعمق. يحدث النتوء من وجهة نظري في حالة الكتابة العجائبية، بتعريف تودوروف، التي لا يمكن ردها إلى الواقع ولا تفسيرها عبره. أو في حالة الفانتازيا الخالصة التي لا تحتمل التفاصيل بالغة الواقعية. الغرائبية في “متاهة مريم” تعتمد على الجوانب الكابوسية وهلاوس اللاوعي لدي شخصيات ذات وعي مديني، أما في “وراء الفردوس” فهي تنبع من خصوصية المكان الريفي بكل ما يحويه من جوانب ميتافيزيقية وميثولوجية خاصة به.
◆ هناك عوالم كثيرة من مجموعتك القصصية الأولى “ضوء مهتز” قد انتقلت إلى أجواء روايتيك، ووجدنا في الروايتين شخصيات لها اهتمامات أو أعمال مشتركة كمريم وسلمى. هل أنت مع القول إن الكاتبة أو الكاتب يظل يكتب كتاباً واحداً طوال حياته؟
◆ أنا مع أن كل كاتب لديه هواجس وأسئلة معينة تشغله، ويحاول الإجابة عنها ومساءلتها من عمل لآخر، لكنه في كل مرة يحاول مقاربتها من زاوية مختلفة. سنجد هذا مع كافكا، وكونديرا وكثير من الكتاب العالميين والعرب. بالنسبة لي هناك أسئلة وإشكاليات وجودية تربط بين الكتب الثلاثة التي أنجزتها حتى الآن، لكن ثمة اختلافات أكبر من كتاب للآخر، وأيضا ثمة مراجعات دائمة وخيانات متكررة لأفكار فنية كنت أعتبرها في ما سبق من البديهيات. أفضل التعامل مع كل عمل باعتباره مغامرة مستقلة، ذات تحديات مختلفة عما سبقه، لكن تبقى الانشغالات الفلسفية والوجودية التي تكرر نفسها بصور مختلفة.
تأويل الفردوس
◆ هل فقد الحلم في الفردوس نهائياً، بعد أن ظل نوعاً من الشفاء لعذابات ما أو بعض عزاء، وبالتالي كان على رواية “وراء الفردوس” أن تشاغله وتكاشف خيباته؟
◆ ربما لا يكون للمسألة علاقة بفقدان الحلم في الفردوس بقدر ما لها علاقة بتحول الفردوس أحيانا من حلم إلى وهم يزيف الوعي ويعمي عن رؤية الواقع أو التواصل معه. الرواية تقدم الفردوس الشخصي باعتباره مجرد وجهة نظر تختلف من شخص لآخر. “وراء الفردوس” تمتلئ بشخصيات حالمة، كل بطريقته، وكثير من الشخصيات تطارد فردوسا متخيلا أو حلما تسعى لتحقيقه. شخصية مثل سميح يتلخص حلمها في البحث عن أصول العائلة في الشام، كأن الماضي هو كل شيء، وسلمى تبحث عن يوتوبيا أو فردوس أرضي تهرب إليه من مشاكلها وخيباتها ومن الماضي بشكل أساسي، قبل أن تدرك قرب نهاية الرواية أن السكينة أو “الفردوس” تنبع من الداخل، ومن مواجهة الذات والمشكلات لا الهرب منها. لكن كل هذا يظل تأويلا ضمن تأويلات مختلفة ومتعددة.
◆ تبرز في كتاباتك الكثير من الخبرات القرائية والحياتية سواء كانت علمية أو تاريخية أو اجتماعية. هل ترين أن على الكاتب القيام بتقديم شخوصه في حال مقبول أو مقنع للقارئ من خلال سرد الخلفيات المعلوماتية؟
◆ أنظر للرواية باعتبارها الفن القادر على احتواء كل الفنون الأخرى، بل وأيضا القادر على احتواء والاستفادة من الكثير من العلوم مثل علم الاجتماع وعلم النفس الخ، لكن الفكرة تكمن في كيفية توظيف الروائي لمعارفه وخبراته الحياتية والقرائية بحيث لا يطغى المعرفي على الفني، وإلا تحولت الحمولة المعرفية في العمل إلى عبء يثقل الرواية ويقلل من فنيتها. لسنوات كثيرة بالغ كثير من الروائيين العرب في الإيمان بمسألة الإلهام والوحي، في حين أن الكتابة هي أيضا تعتمد على الحرفة والصنعة، والبحث. البعض يردد دائما جملة هيمنجواى الشهيرة “اكتب عما تعرفه”، ويتناسون أن هيمنجواى عاش حياة ثرية جداً وتنقل بين دول مختلفة وبالتالي فهو يعرف الكثير. ومن ليس لديه الحظ لعيش حياة مماثلة عليه أن يستعين بالمخيلة والبحث. من هنا أقول إني أهتم كثيراً برسم شخصياتي ومحاولة الإلمام بكل تفاصيلها، من خلال إضافة أبعاد منوعة لها تعتمد على خلفيات معلوماتية، وعلى كل ما يمكنه أن يعطيها صدقية أكثر. لا أقول إن هذه هي الطريقة الوحيدة لرسم الشخصية الروائية، إنما فقط هذه هي طريقتي التي أراها وألجأ إليها. فمثلا شخصية سميح في “وراء الفردوس” من ضمن سماتها الاهتمام بالنباتات والأعشاب والطب البديل، وبالتالي كان لابد من الإلمام بمعلومات كافية في هذا الصدد، وأيضا شخصية “ظيا” الباكستاني تطلبت مني البحث عن معلومات كافية عن ثقافته كشخص ينتمي للجزء الباكستاني من كشمير. فكرة الاهتمام بدقائق الشخصيات قبل بدء الكتابة تعطيني حرية أكبر في رسم شخصيات قد تبدو بعيدة عن حياتي وغير مألوفة لي، وأحيانا للقارئ.
◆ في هذا المنحى نجد خبرات ثقافية نسوية لافتة في كتاباتك، كملاحظة إحدى الشخصيات “تحوّل الدائرتين الورديتين المحيطتين بالحلمتين أثناء الحمل إلى اللون البني الداكن”. ألا ترين أن المرأة قد تمتلك خبرة أكثر إذا ما تناولت موضوعاً نسوياً؟
◆ بطبيعة الحال هناك تجارب أنثوية بامتياز، تكون المرأة هي أفضل من يكتبها ويعبر عنها، كتبت عن شخصية نرجس وتجربتها مع الحمل في “متاهة مريم” استناداً إلى خبرتي الشخصية كامرأة مرت بهذه التجربة، لكن هذا لا يعني أن على المرأة أن تكتفي بالكتابة عن خبراتها كأنثى فقط. هل سنطلب أيضا من الكاتب الرجل أن يكتفي بالكتابة عن تجاربه كرجل فقط وألا يقترب من موضوعات نسوية؟ أعتقد أن الإبداع هو ضد الحدود والقيود. ككاتبة لا أحب أن أكتب فقط ما هو متوقع مني، أفضل أن أفاجئ نفسي والقراء كل مرة. في الماضي لم يكن لدى النساء خبرة كافية بالعالم، رائدات الرواية العالمية من النساء عشن معظم حياتهن بالكامل داخل البيوت، الأمر اختلف كثيراً. بالنسبة لي كنت محظوظة لدرجة كبيرة، مررت بخبرات متعددة منذ سن صغيرة، انتقلت للإقامة بمفردي للدراسة ثم العمل في القاهرة منذ كنت في الثامنة عشرة من عمري، سافرت كثيرا، وتعرفت إلى ثقافات متنوعة، وهذا بالطبع يضيف لخبراتي كإنسانة وكاتبة. لا أتنكر لخبراتي كأنثى، بل على العكس أحاول الاستفادة منها قدر الإمكان، لكني لا أتوقف عندها فقط. الرواية هي عالم موازٍ للعالم الذي نعيش فيه بكل تفاصيله وزخمه وتناقضاته ووجوهه، وهو ما أحاول عكسه في رواياتي.
بين الذكورة والأنوثة
◆ كيف يمكن أن نتفهم القول بوجود أدب نسوي الذي تبنّته موجات طليعية تحررية في الغرب، على أساس أنّه مناصر لقضية المرأة وخاص بموضوعها، ونقاربه مع ما صرّحت به أكثر من مرّة بلا جنسوية الكتابة؟
◆ حين قلت من قبل إن الكتابة لا جنس لها، لم أقصد بذلك أن أنفي وجود الأدب النسوي، فقط أردت أن أعبر عن رؤيتي أنا للكتابة كما أتصورها. لا أحب الأدب المنحاز، أو الذي يجعل من نفسه ناطقا رسميا باسم حزب أو قبيلة أو جنس ما. أحترم الحركة النسوية كثيرا باعتبارها بالأساس حركة فكرية إنسانية هدفها إعادة التوازن لعلاقات القوى بين الذكر والأنثى، وقضية المرأة تهمني بشكل شخصي خاصة في مجتمعاتنا الشرقية التي لا تزال المرأة تعاني فيها للحصول على أبسط حقوقها. يمكنني أن أكتب آلاف المقالات عن ذلك، لكن حين أبدأ في كتابة إبداع أحاول تنحية أفكاري المسبقة وانحيازاتي الخاصة جانباً كي لا تعميني عن الإنصات لمنطق عملي ومنطق شخصياتي. أرفض أن يطغى إيماني بفكرة ما على فنية العمل الذي أكتبه بحيث تفسده، وتتحول شخصياتي إلى مجرد نماذج واهية لتمرير أفكار بعينها بشكل مباشر. لتوضيح فكرتي يهمني الإشارة إلى كاتبة أحترمها كثيرا هي فرجينيا وولف، فوولف كانت ناقدة نسوية مهمة، إلا أنها كمبدعة لم تكتب أدباً منحازاً، ولم تجعل من كتاباتها الإبداعية بوقا لتمرير أفكارها هي بعيدا عن منطق الشخصيات أو فنيات العمل. من هنا أعيد التأكيد على كلماتي السابقة وهي أن الإبداع لا جنس له، لأنه يكمن في مناطق الالتباس بين الذكورة والأنوثة، الضوء والظلمة.
◆ كثيرا ما نسمع عن موجة الكتابة الروائية الجديدة في مصر من خلال تنظير ثقافي قد لا يلامس، النصوص أو يبرهن على حداثته فيها. بل نجد أحياناً أن البعض من المنتمين لهذه الموجة يسترجع أساليب سردية تقليدية ترجع إلى عقود وقرون، إضافة إلى ما يلحظ من ركاكة سردية، تكشفها تركيب العبارة وبناء الفقرة وشعبوية المعرفة. كيف تقرأين أنتِ تجربة جيلك؟
◆ عادة لا أتحمس كثيرا لفكرة تقسيم الكتاب إلى أجيال، مثلما ذكرت هناك بين الكتاب الشباب من يسترجع أساليب سردية تقليدية، كما أن هناك كتابا من أجيال أسبق أكثر طليعية. لكن على الرغم من هذا يمكن ملاحظة بعض السمات التي تسم “الكتابة الجديدة” في مصر حاليا، وأقصد بالكتابة الجديدة الكتابة ما بعد الحداثية، وليس بالضرورة ما يكتبه الشباب وحدهم. أبرز هذه السمات هو الإعلاء من شأن الشك ونسبية المعرفة، والرغبة الشديدة في تجاوز الواقع إما عبر مزجه بالغرائبي أو المبالغة في السخرية منه، أو التعامل معه بحياد شديد. ربما يقول قائل إن السخرية والحيادية ليستا جديدتين تماماً، لكن ما أقصده هنا أمر مختلف، فكثير من كتاب الرواية الجديدة يختلفون عن الأجيال السابقة في أنهم يكتبون من موقع اللامنتمي، وهو ما يتيح لهم أن يظلوا على مسافة مناسبة من المجتمع الذي يكتبون عنه. بعد موجة كتابة الذات أو رواية السيرة الذاتية التي سيطرت في عقد التسعينات، حدثت تغيرات كثيرة في السنوات التالية من خلال عدد من الكتاب المهتمين بالتخييل باعتباره العنصر الأهم في الفن الروائي، كما تمت الاستفادة من كتابة السيرة الذاتية لدى البعض الآخر في روايات تضفر الذاتي بالمتخيل وبالتاريخي أحيانا.
في ما يخص ملاحظتك الخاصة بالركاكة السردية، أرى أن فيها قدراً كبيرا من التعميم، وأي تعميم هو خاطئ بالضرورة. مشهد الرواية الجديدة في مصر الآن هو مشهد ثري وفوضوي في آن. بمعنى أن هناك كتابا مميزين جداً، بل منهم من يمكن وصفهم بالكتّاب الأسلوبيين، لكن إلى جانب هؤلاء يوجد من تتسم كتابتهم بالركاكة وشعبوية المعرفة كما أشرت. وأرى أن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم وجود فرز نقدي حقيقي وشيوع ثقافة المجاملة.
◆ أخيرا، ما هو الانطباع الذي تولّد لديك إثر صعود روايتك “وراء الفردوس” إلى القائمتين الطويلة والقصيرة لجائز البوكر العربية، وترشيحها للجائزة؟
◆ سعدت طبعا بوصول “وراء الفردوس” للقائمة الطويلة ثم القصيرة لجائزة البوكر العربية، لأن الجائزة أثبتت منذ نشأتها أنها الأقدر على إلقاء الضوء على الأعمال التي تفوز بها والتي تصل لقائمتها القصيرة. سعدت أيضا لأن الجائزة تتعامل مع العمل ذاته بغض النظر عن سن كاتبه أو درجة شهرته، وهو أمر نفتقده في الجوائز العربية الأخرى