قبل عشرات السنين كتبت مقالات عديدة تبحث في هذا الموضوع الهام جداً والذي يهم كل فرد من البشرية جمعاء، هذا وطرقت أبواباً كثيرة عن الأخطار المحدقة التي تهدد سلامة عالمنا وكوننا البديع، ذكرت في أحد مقالاتي ولأسباب معروفة في العلم والتجارب الذرية النووية، غزو الفضاء وارتفاع درجات حرارة الكون وغيرها، أن الكون سيفرض من خلال دفاعه على نفسه ومنظومته الزمنية قوننة جديدة لن نصمد أمامها نحن بني البشر فهي أقسى وأصعب من الهزات الأرضية والزلازل والبراكين وكل الظواهر الطبيعية معاً، على كل أبناء الجنس البشري الترفع عن الفروقات العرقية والتمييز العنصري والتوقف والتفكير في هذا الأمر الذي بات على أبواب عالمنا، ففي حالة وقوعه لا مجال للتصليح لإعادة الكون لسابق عهده ونحن اليوم نقف أعتاب مرحلة الدمار الشامل الفكري في الإيمان والعقيدة، هذا الدمار المداهم لكل زاوية في عالمنا، خطر على الجميع من دون استثناء حتى على الذين يفكرون بموجب هذا المعتقد أنفسهم فالتطرف الديني ينتقص الدين من قلب المؤمن ومن ثم يفقد المؤمن إيمانه لأن الله عز وجل لم يمنح لأحد من عبيده التصرف مكانه في أي حال من الأحوال .
على إنسان هذا العصر أن يفهم : التطرف الديني هو الحرب على بقاء الجنس البشري العقلاني المفكر في النور وأن يعيش في حرية وديمقراطية حالة اجتماعية وضرورة بشرية لا يمكن الاستغناء عنهم مهما حصل فالحر لا يظلم أبناء جنسه البشري وعرفنا منذ القدم أن المساواة بين الناس والشعوب والأمم قد تكون موجودة نسبيا ومن هو حر لا يسيء لأحد على مستوى عام وخاص ويساوي الناس بنفسه، يصلُح المجتمع وإن فسد بات كل شيء مباح وخاصة في ظل التطرف الديني فالحرب إذن على بقاء الجنس البشري حرا طليقا دون ما ظلم أو زور وبهتان للأمور، اعبدوا الله تعالى كل على طريقته لا ترغموا أحد على فعل شيء لا يرغب فيه باسم الدين والأنبياء والرسل الكرام، فالله عز وجل لم يمنح لأحد منا صلاحية قطع الرؤوس وجز الرقاب ونحر الأعناق، أو حرق الإنسان حياً وإغراقه باسم الدين مهما كان حجم جريمته، هذا كله من دون محاكم رسمية أو قضاة مهنيين. الله عز وجل زرع في كل نفس منا محبة وعملاً صالحاً وخيراً لا ينتهي وعليه نحن بني البشر نحافظ على أسرنا الكريمة ونجتهد في الحياة لتأمين لقمة العيش الحلال دون ما إساءة لأحد. الحرب على بقاء الجنس البشري حراً طليقاً على هذه الأرض هي إبعاد التطرف الديني والتخلف الفكري في المعتقد والإيمان والدين عن مراكز القوى المؤثرة على المجتمعات العالمية والأمور المركزية على كل الساحات الحساسة اجتماعيا وسياسياً.
شاهدت قبل أسابيع أفلام الغرب كمثل هاري بوتر، المتميزة بين عمل الخير لبقاء الجنس البشري الصالح وعمل الشر باستخدام السحر وغسل الأدمغة لمخلوقات مولدة بناتج سيء وقوي جدا، كريهة الرائحة وقبيحة المنظر تستخدم أدوات حادة صلبة في الذبح والقتل وتعذيب الجنس البشري الذي ما زال في طريق النشوء الارتقاء كما وبحوزتها حيوانات شرسة مروضة مفترسة بشعة تكره الإنسان المتحضر الراقي بأفكاره وأعماله إلى أبعد الحدود، وبالمقارنة لما يجول على ساحات دول الشرق الأوسط من تخريب وانتهاكات للحرية باسم الدين وهذا دار في غرب أوروبا في البوسنة والهرسك وصربيا وفي الشيشان وأفغانستان، كله حرب ضد الإنسان المختلف المغاير لأن هذا التطرف الديني لا يستوعب الرأي الآخر ولم يدفع بعجلة الفكر الإنساني للنور وفضلوا التقوقع في دوائر فارغة تدافع عن الدين وتقتل وتسبي وتذبح كل ما هو يختلف في الرأي والفكر والمعتقد عن أصول دينهم الذي بات في ظلام دامس وظلم مستمر متواصل، هذا ولا تقتصر هذا الأعمال على من هو ليس من دينهم فحسب بل دارت الأمور على من هم من عشيرتهم وجلدتهم ودينهم وكفروهم وهم على دين الله تعالى الحنيف، هل هذا هو دين الإسلام ؟
هل هذا ما ورثه الإسلام والمسلمين عن الرسول والصحابة ؟
إذا كان الأمر كذلك فلن ينتهي الأمر بالبشرية جمعاء إلا لطريق مسدود مسدود.
لقد حمدت ربي ملايين المرات على بوادر السلام بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية والتي كانت ضد البشرية جمعاء ولم تكن في الأصل حرب دينية إنما على خلفية عرقية محض أراد بعض حكام ذلك العصر فرض سيطرتهم على العالم بتوسيع مجال سطرتهم على الأرض والبشرية من دون منازع هذا الأمر نجح في بادئ الأمر، لكن البشرية أجمعت على التصدي والخروج للدفاع عن البشرية الحرة حاملي لواء النور الذي يرفض الاستسلام لزعيم كهذا أو ذاك وكانت الحرب التي راح ضحيتها الملايين من أبناء الجنس البشري الصالح الذي لا يريد إلا الحياة، تأملت خيرا لمبادرات السلام والأحكام الدولية التي فرضت على الدول التي أرادت الحرب والسيطرة، إلا أنني لم ألبث أنتهي من دراسة موضوع الحرب العالمية الثانية حتى بدأت المطامع والسيطرة الفكرية على العقول البشرية والمساحات في الشرق الأوسط ومنها امتدت إلى سائر أقطار الأرض وعلى العالم البشري العقلاني المتحضر أن يعي ويفهم أن الحرب على ضمان بقاء الجنس البشري على هذه الأرض قد بدأت، بما أن عملية غسل الأدمغة في إبادة كل ما هو مختلف ومغاير فهذه حرب باردة ليست كمثل الحرب الباردة في سنوات الستينيات والسبعينيات، وامتدت شهب الحرب إلى عمليات تخريبية فعلية على كل ربوع الشرق الأوسط وفي كل مكان أساسها التطرف الديني، اليزيدين يقتلوا وتنتهك حرمة بيوتهم، نسائهم يغتصبون ويباعون عبيداً في أسواق النخاسين والرق وكذلك التركمانيين والأكراد والدروز والشيعة واليهود والأقباط والمسيحيين والسنيين أنفسهم بالرغم من أن معظم أفراد الحركات المتطرفة دينيا هم من المسلمين السنيين المناشدين لإقامة دولة خلافة إسلامية كما كان الأمر عليه في ظهور الإسلام.
عالمنا في خطر مداهم قريب، الحرب على بقاء البشرية قد بدأت وعلى العالم أن يفهم أن عليه التضحية والاستغناء عن مليون ميل مربع لمدة 600 عام أو أكثر ولن يدخلها ولن يستثمر بها أو حتى يزرعها ولن يكون له فيها أي شيء، فباستعمال شتى الوسائل المتاحة له من أدوات وأسلحة ومواد قاتلة في حرب دموية لم يسبق لها مثيل وما عهدها العالم منذ القدم لن يتمكن أي كائن حي العيش في تلك البقاع من الأرض الملوثة بالفكر الرجعي إلى عصر الظلمات، هذا قبالة إبقاء اولئك المتطرفين دينيا الذين يريدون إبادة البشرية جمعاء وكل ما هو مختلف عنهم باسم الدين وتحت رايته، لا مجال لنقاش معهم أو تفاهم أو تسوية أي أمر من الأمور هم مع الله وأنت المختلف كافر يجب إبادته حتى يصبح إيمانه ودينه على دينهم وإيمانهم وتؤمن بربهم ورسولهم فقط وهم في تزايد مستمر.