أمسك مصحفهٌ،
وتحسًس أحرفهُ،
شعر بثقل الكلماتِ،
ترجرجَ،
زادت رجفتهُ،
حين اخترقت أٌذنيهِ،
لسعته الرغبةُ
في أن يبكي،
وقف على أول ما طالعه ،
وظل يردّدُ
والليل إذا عسعس
والصبحِ إذا تنفس.
وتمنى لو عاد إلى كُتاّب القريةِ
كان يعسعس
بين حقول القمحِ،
ويخفى لوحَتهُ،
حتى يتفرق عنه
رفاق الحيّ
ليخرج من مخبئه
ويكمل ترتيل الآيات
ويخشى أن تفَضحَهُ،
أصواتُ تَلجلجهُ،
فيلوذ بصمت كونّي،
ثم يحاولُ،
فتزيد الرجرجةُ
فيرجع منسحباً
نحو البيتِ
ليكمل ما أهمله،
همّ ليخفى
ما علق بملبسهِ
من أعوادِ الحنطةِ،
فارتطم وسقط اللوحُ
فبكى
حتى حاول أن يتلمّسَ
ما أسكنه بذاكرةِ النسيانِ،
فلم تسعفهُ،
فعاجله صوتُ أبيه،
لكي يسمعهُ،
شيئاً من آيات التنزيلِ،
فما إن بدأ يرتّلُ،
حتى زادت رهبُتُه،
حنّ عليه أبوه
فانطلق، فأطلقهُ
وتذكر لحظة أن واراهُ
واسكنه تحت البيداءِ،
فظلّ يرتلُ
لم يتلعثم،
شَعُرَ،
بأن سرائر وجه أبيه
قد انفرجت،
وتمنى الأ يصمتَ،
آهٍ حين تقلبت الأيامُ،
فعاد الى غرفتهِ،
وأمسك مصحفه،
فشعر بثقل الكلماتِ،
وظل يطالع رسمة وجه أبيه،
فخاف بأن يتلعثم،
لسعته الرغبة
في أن يبكي،
فبكى،
فتدفقت الآياتُ،
وظلّ يرتل ويرتلُ،
وبصيصُ من ضوءٍ
يعبرهُ
يسكنُ في متسع
فضاءات الصدرِ،
تمهل حين ارتعشَ،
وأمسك بالآيات
لكيلا يسقطَ
آهٍ لو عبرت
كل شراين القلبِ،
تذكّر حضرةَ بيت أبيه،
وطاقاتِ النور،
وكيف تلصّص كى يمسِكَهُ
لم يعرف من أين يجئ،
فرتّل
ثم انتبه
لنور بدأ يحيط بغرفته
وتماسك حتى لا يفزعُهُ،
آهٍ لو عاد أبوهُ وشاهده
وراح يرتل
والآيات تذوب وتعبرهُ،
وتُذيب مواجعهُ،
فسما
وتسامى
وتطيّب من ريحٍ جاءتهٌ،
من ناحية النورِ
كان يحس
بها حين تزور أباهُ
اعتدل واغلق مصحفهُ،
كى يتحمم
من طاقاتِ من نورٍ،
غطّت غرفته
فبكى.