الكاهن الاعظم يصفع الملك ويجرّ اذنيه ويأمره بالانبطاح ويجرده من شاراته
يوسف الناصر الجزء الثاني
تناولنا في القسم الاول اهمية بوابة عشتار وشارع الموكب في حياة بابل القديمة واحتفالات السنة الجديدة وطبيعة التقويم البابلي وتقسيم الاشهر الاثني عشر ، كما عرضنا لليومين الاولين من الطقوس البابلية احتفاء بمقدم العام الجديد ، ونستانف هنا تفاصيل الطقوس والاحتفالات الباقية .
اليوم الثالث : يبدأ هذا اليوم مثل سابقه بالاغتسال الطقوسي للكاهن الاكبر الذي يتلو التراتيل أثناء ذلك حتى يصل بقية الكهنة بعد شروق الشمس بثلاث ساعات ، ثم يستلم ( عامل معادن ) ( ربما كان ذلك كناية عن النحات ) أمرا لصناعة تمثالين صغيرين من الاحجار الكريمة والذهب ، وتعطى له كمية منها من مجوهرات مردوخ ، ويطلب من (عامل خشب ) و ( صائغ ذهب ) ان يساعداه ، على ان يسلم التمثالين الصغيرين بين الثالث والسادس من نيسانو . وتعطى للعمال كل التعليمات اللازمة ثم تقام الترتيبات من أجل تكريم التمثالين بالقرابين والنذور في اليوم السادس عندما يصل ( نابو NAPU ) وعندها يقطع راسا التمثالين ويحرقان .
اليوم الرابع : تبدأ الطقوس قبل شروق الشمس بثلاث ساعات ونصف ، حيث يباشر الكاهن الأكبر مهماته السابقة ثم يرتل صلاة أضافية الى (سربانيتو) ثم يناشد كواكب برج الحمل النزول الى ساحة المعبد ، ويبارك الحرم المقدس ، عندها فقط يسمح لبقية الكهنة بالدخول وأداء مهماتهم الخاصة .
سيكون لدى الكاهن الاكبر في هذا اليوم مهمة جسيمة ، حيث سيرتل ملحمة الخليقة كاملة ( اينوما ألش Enuma Elish ) بينما يمشي باتجاه وفي حضرة تمثال مردوخ . وتستعرض ملحمة اينوما اليش قصة خلق السماء والارض والنجوم والقمر والشمس وصراع مردوخ ضد الالهة الشريرة ، وصراع الالهة القديمة مع الالهة الشابة ، وكذلك قصة خلق الالهة نفسها .
اليوم الخامس : يبدأ اليوم بساعتين بعد شروق الشمس ، وبعد تقديم الاضاحي الى مردوخ وسربانيتو يُطهّر المعبد ، لكن الكاهن الاكبر يمنع من حضور هذا الطقس ، ثم يدخل رجل يحمل سيفا ، وعليه ان يقطع رأس خروف بضربة واحدة ، يبدأ بعدها الكاهن المسؤول عن تطهير المعبد بتلاوة صلاة خاصة بالتطهير ، ثم يكنس المعبد بجثة الخروف المذبوح ، بعدها يحمل الكاهن والسياف جثة الخروف وراسه ويرميانها في النهر . وحتى اليوم الثاني عشر من نيسانو ( اي بعد يوم واحد من انتهاء الاحتفالات ) يجب على الكاهن والسياف أن يمكثا خارج المدينة ، وليس باستطاعتهما العودة الأ بعد خروج الاله (نابو) منها .
في داخل المعبد يقوم حرفيون بتغطية مقر نابو بكلّة من الذهب ، ومع التراتيل تقدم اضحية لمردوخ ، ثم تنقل منصة التضحية الى مقر نابو . بعد ذلك يبدأ الجزء الاهم من احتفالات اليوم السادس وربما كل ايام الاحتفالات ، حيث يقود الكهنة ملك بابل الى مقر مردوخ ثم يصل الكاهن الاعظم لينزع عن الملك شارات الملوكية ويقدمها لمردوخ ويعود الى الملك ليصفعه ويجرّ اذنيه ويأمره بالانبطاح امام مردوخ ، ثم يتلو صلاة الغفران حيث ينال الملك المغفرة وتعاد اليه شارات الملوكية ، لكن الكاهن يعود اليه ويصفعه مرة أخرى ويجر اذنيه حتى يبكي الملك ، واذا ما جرت دموعه فان ذلك سيعتبر فأل خير، وهنا فقط سوف تنشرح اسارير مردوخ ويتخذ موقفا وديا ( وليس من الواضح ما اذا كان الملك يفعل ذلك من أجل خلاص نفسه أم من أجل رعيته ومملكته . والملاحظة هنا لمؤلف الكتاب ) .
في الليلة نفسها تقدم أضحية أخرى من قبل كبير الكهنة ( النص الاصلي ينقطع هنا ، لكن المؤلف يعيد بناء ما تبقى من الطقوس من مصادر اخرى كما اشرنا ، ومنها نصوص تصف الطقوس ذاتها ولكن في مدينة اوروك ) .
اليوم السادس : يصل الاله نابو في هيئة تمثاله ، وهو ابن الالهين مردوخ وسربانيتو ، وهو واحد من اهم الالهة البابلية ولا يمكن للاحتفالات ان تجري بدونه ، وهو اله الكتابة والاله الحامي للكتبة ، ولذلك يتمتع بنفاذ بصيرة خاص في رؤية مصير العالم واستشراف مستقبله . وهو ايضا مؤلف الواح القدر المذكورة في ملحمة الخليقة التي مرّ ذكرها والمحفوظة في معبده ،ويعتبر امتلاك هذه الالواح ضمانا للسيطرة على العالم .
ومن أجل زيارة نابو الى أرض بابل أقيم له شارع خاص يشبه شارع الموكب يمتد من معبده في ( بورسيبا) الى قناة بورسيبا حيث يُحمل تمثاله بعربة مهيبة كبيرة حتى حافة القناة ، ثم ينقل في قارب الى بابل حيث بني له صرح خاص داخل معبد مردوخ من اجل ايام الاحتفالات .
تشارك في الاحتفالات ، بطبيعة الحال ، الهة اخرى من بورسيبا و(كوتا) و(كيش ) وغيرها من المدن ، ويبلغ عددها ثلاثة واربعين الها والهة ، وقد دلت الحفريات والنصوص على وجود أماكن خاصة بها في معبد مردوك تتسع لها جميعا.
تتسم الايام التي تلي اليوم السادس من نيسانو بممارسة مكثفة للطقوس الدينية ةالاحتفالات ، ولكن طبيعتها والاماكن التي تجري فيها ليست واضحة بشكل جيد ، ولعل أهمها عملية رسم المستقبل ( القدر ) التي يشرعها الاله مردوخ في اليومين الثامن والتاسع حيث يقام موكب لمردوخ ونابو وتعلن كل الالهة البيعة للالهين الكبيرين في اجتماع يضم الآلهة جميعا ، وفي هذا الاجتماع يقرر الكهنة العرافون قدر البلاد ومستقبل مواطنيها بمن فيهم الملك .
في بداية الموكب ياخذ الملك يد مردوخ ويسأله أن يقوم ، ثم يتحرك الموكب من مدينة بابل الى معبد أكيتو ( لم يتم اكتشاف مكان هذا المعبد حتى الان ، لكن اتجاه شارع الموكب يدل على انه ربما كان يقع شمال المدينة بالقرب من نهر أو قناة ، والملاحظة للمؤلف ) . ولا احد يعرف ان كان الموكب يغادر المدينة عن طريق بوابة عشتار ثم الى القناة ام كان يسافر في نهر الفرات باتجاه القناة المذكورة .
اليوم الحادي عشر : تعود الالهة الى المدينة ، ومن أجل ذلك تم تزيين شارع الموكب وبوابة عشتار وزخرفتهما بالالوان البراقة والاشكال الاحتفالية المبهجة ، كما هما الان ، ويتقدم الموكب الاله مردوخ من اكيتو باتجاه بابل ويخترق شارع الموكب وبوابة عشتار يحف به الكهنة والرؤساء وعموم الناس الذين يسمح لهم بالاشتراك في هذا الجزء من الاحتفالات .
احتفالات البابليين بالسنة الجديدة وعلاقتها بالنوروز والبنجة الجزء الثاني
بقلم: يوسف الناصر - في: الاثنين 19 يوليو 2021 - التصنيف: فنون
فعاليات
مناقشة رواية النباتية لهان كانج الحاصلة على جائزة نوبل للأدب
نوفمبر 08, 2024
تمت منااقشة رواية النباتية يوم الجمعة 8 نوفمبر 202...
Art Auction: Support Palestinian Families in Gaza
أكتوبر 18 - 20, 2024
Join us on October 18th for Art for Aid, an online...
مناقشة نصف شمس صفراء لشيماماندا نجوزي أديتشي
سبتمبر 28, 2024
تمت مناقشة رواية نصف شمس صفراء للكاتبة النيجيرية ش...
إدوارد سعيد: الثقافة والإمبريالية
يوليو 27, 2024
تمت مناقشة كتاب الثقافة والإمبريالية لادوارد سعيد...