هناك مؤثرات شرقية في الأعمال الروائية التي قدمتها الكاتبة الإنجليزية جوان كاثلين رولينج من خلال سلسلة كتاباتها التي حملت عنوان "هاري بوتر"؟
لقد اعتمدت رولينج في الجزء الأول من تلك السلسلة على فكرة حجر الفيلسوف الذي تقول عنه الأساطير إن له قوة مدهشة، فهو يحول أي معدن إلى ذهب، ويُنتج أيضا إكسير الحياة، الذي يجعل الإنسان خالدا لا يموت.
حول هذه الفكرة نسجت ج. ك. رولينج جزأها الأول متخذة من الطفل الموهوب هاري بوتر ـ الذي يموت والداه على يد ساحر شرير، والذي ينتظم في مدرسة هوجوورتس لتعليم فنون السحر ـ أداة ذكية وبارعة للتخلص من رموز السحر الأسود والأشرار.
وإذا كان هاري بوتر ابنا لوالدين ساحرين أيضا، فإن جميع السحرة يشهدون لهما، بأنهما كانا من الأخيار، وأورثا ابنهما هذه الصفات الحميدة. ومن ثم فقد كان الطفل بوتر وصديقه رون وصديقته هيرميون، حريصين على كشف المؤامرات التي تُحاك للوصول إلى حجر الفيلسوف، من جانب بعض الأشرار.
لن نتحدث عن الأثر الهائل الذي أحدثته ـ ولا زالت تحدثه ـ سلسلة "هاري بوتر" ومدى إقبال القراء من الأجيال المختلفة على قراءتها، وسرعة انتشارها في العالم عن طريق الترجمة إلى لغات كثيرة، والشهرة والثروة اللتين حققتهما الكاتبة ج. ك. رولينج، التي أجادت بالفعل رسم المواقف الساحرة والغامضة، فضلا عن التجوال داخل المشاعر الإنسانية، وخاصة في عالم السحر والسحرة، فأضفت بذلك نوعا من الإثارة والغموض المحبَّبين للنفوس القارئة.
ولكن دعونا نناقش فكرة حجر الفيلسوف ـ أو حجر الفلاسفة ـ نفسها.
تقول الموسوعة العربية الميسرة: إنه نُسبت للإسكندرية أنها موطن البحث عن حجر الفلاسفة وإكسير الحياة الذي يحيل المعادن الخسيسة إلى ثمينة، ويعيد الشباب إلى الإنسان. وإن هذا الفن قديم، قال البعض بنشوئه في مصر، وقال آخرون في الصين (القرن الثالث أو الخامس قبل الميلاد) وأنه زامله التنجيم، واختلط به السحر. وأن هذه الفن الذي أطلق عليه الكيمياء القديمة (أو الخيمياء) وصل إلى العرب في القرن الثامن الميلادي، وبقي معهم إلى القرن الثاني عشر، وانتقل إلى أوربا عن طريقة ترجمة أعمال العلماء والكيميائيين العرب من أمثال: خالد بن يزيد، وجابر بن حيان، وذو النون المصري، والطغرائي، وزكريا الرازي، وغيرهم. وقد سيطرت الرمزية على هذه الكيمياء في العصور الوسطى وأغرقها الغموض.
أما عن جابر بن حيان نفسه، فهو أوَّل من اشتغل بالكيمياء القديمة. عاش بالكوفة وبغداد في آواخر القرن الثامن وأوائل التاسع. تُرجمت كتبه التي زاد عددها على الثمانين إلى اللاتينية، وتعتبر من أهم ماكُتب في الكيمياء في ذلك العصر. تناولت كتاباته الفلزات وأكاسيدها وأملاحها وأحماض النتريك والكبريتيك والخليك، كما عالجت القلويات تحضيرا وتنقية بالبلورة والتقطير والترشيح والتصعيد، وكان أثرها ملموسا في تنمية الكيمياء القديمة، وإدخال عنصري التجربة والمعمل. وأوصى جابر بدقة البحث والاعتماد على التجربة، والصبر على إجرائها. وكان من المعتقدين بنظرية تحويل المعادن إلى ذهب، وبأن الزئبق والكبريت هما العنصران الأوليان. تُرجمت بعض كتبه من اللاتينية إلى الإنجليزية عام 1678 وأعاد هولميارد تحريرها وكتب تقديمها عام 1928. وعنى بول كراوس بنشر رسائله.
ولعلنا ندهش عندما نعرف أن الأمير خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان تنازل عن الخلافة الإسلامية ليتفرغ إلى هذا العلم، الذي عُرف بعلم الصنعة، وعُرف مَنْ يعملون فيه بالصنعويين. وتدلنا الموسوعة العربية الميسرة على خالد فتقول: "خالد بن يزيد بن معاوية الأموي (ت 704 م) حكيم قريش وعالمها. اشتغل بالكيمياء والطب والنجوم، فأتقنها، وألَّفَ فيها رسائل. بويع بالخلافة بعد موت أبيه، فأقام ثلاثة أشهر ثم تخلَّى عن الخلافة لينصرف إلى العلم. يقال إنه أوَّل من نقل إلى العربية من لغة أخرى، إذ أمر بإحضار فلاسفة يونانيين ينزلون مصر وقد تفصَّحوا بالعربية، ثم كلفهم نقل الكتب من اليونانية والقبطية إلى العربية، فترجموا كتبًا في الطب والنجوم والكيمياء. له شعر".
وكون أن لخالد شعرا في الكيمياء، فهو ما يفصح عنه الجاحظ الذي يقول في "البيان والتبيين": "كان خالد بن يزيد بن معاوية خطيبا وشاعرًا، كما كان فصيحا جامعا، جيد الرأي، كثير الأدب، وكان أوَّل من تُرْجمت له كتب النجوم والطب والكيمياء".
أما ابن النديم فقد رأى أن شعر خالد نحو خمسمائة ورقة. يقول صاحب الفهرست: "قال ابن اسحاق: (الذي عُني بإخراج كتب القدماء في الصنعة، خالد بن يزيد بن معاوية) وكان خطيبا، شاعرا، فصيحا، حازما، ذا رأي، وهو أوَّل من تُرجِمَ له كتب الطب والنجوم والكيمياء، وكان جوادًا. يقال إنه قيل له: لقد فعلت أكثر شغلك في طلب الصنعة. فقال خالد: ما أطلب بذلك إلا أن أُغني أصحابي وأخواني".
ولقد أُغْرِمَ بعض الحكَّام العرب بهذه الكيمياء أو بهذه الصنعة، لدرجة أن أحدهم قدَّم حياته ثمنا لحبه هذا، فقد عُرف عن يحيى بن تميم المعز بن باديس ولوعه بما لا أصل له من علم الكيمياء المعروف بعلم جابر. وقد كلف حب يحيى للكيمياء حياته، حيث إن ثلاثة من إخوته المنفيين صغارا تنكروا وزعموا أنهم من المصامدة، وأنهم من العارفين بالكيمياء، فطلب منهم الاطلاع على ما عندهم من سرِّها، ولما اشترطوا الخلوة خلا بهم ومعه وزيره وخادم مقرب، فأحضروا الأبواط والرصاص لإحالته ذهبا، وشرعوا في العمل، وريثما تمكنوا من إخراج السكاكين المختفية ووثبوا على الوزير والخادم فقتلوهما، أما هو فقد أثخنوه بالجراح، وهم يقولون له: إيها الكلب نحن أخوتك فلان وفلان وفلان، نفيتنا وبقيت في الملك وحدك، وظل يحيى يعاني من جراحه تلك حتى مات ثاني أيام عيد الأضحى سنة 509 هـ .
هل كان كل هذا ـ وغيره ـ ماثلا في مخيلة رولينج، أو في لا وعيها، أثناء إبداعها لهاري بوتر؟.
هل كانت أجواء الأساطير الشرقية، الفرعونية والبابلية، وجلجامش، وحكايات قارون، وهاروت وماروت، فضلا عن أجواء ألف ليلة وليلة، وكليلة ودمنة، على سبيل المثال، ماثلة لدى رولينج؟
إن الكاتبة تفصح على لسان هيرميون، في الجزء الأول، أنه كانت هناك تقارير عديدة عن حجر الفيلسوف عبر العصور، لكن الحجر الوحيد الأكيد والموجود، هو حجر "نيكولاس فلاميل" الكيميائي الشهير، وعاشق الأوبرا، وقد احتفل بعيد ميلاده الستمائة وخمسة وستين في العام الماضي، وهو يتمتع بحياة سعيدة هادئة في ديفون مع زوجته "بيرينيل" (658 سنة).
إذن فقد كان فلاميل هو المستفيد الأول ـ وربما الأخير ـ من وجود حجر الفيلسوف الذي أراد خالد بن يزيد أن يُغني به أخوانه وأصحابه. لقد وصل هذا الحجر ـ روائيا ـ عن طريق رولينج ـ إلى فلاميل، وكان لابد من الحفاظ عليه في مكان أمين، محاط بالألغاز والرموز والغموض.
قالت هيرميون: هل رأيتم أن الكلب يحرس حجر الفيلسوف. لا بد وأن "فلاميل" قد اكتشف أن هناك من يسعى للاستيلاء عليه، فطالب من "دمبلدور" (مدير مدرسة هوجوورتس لتعليم فنون السحر) أن ينقله من "جرينجوتس" (بنك السحرة) ويحتفظ به لديه!.
قال هاري: "حجر يحوِّل المعدن إلى ذهب؟. ويمنع الإنسان من الموت؟ لا عجب أن يحاول "سناب" العثور عليه! أي شخص يجب أن يحصل عليه!.
رون: لذلك لم نجد اسمه في الكتب الحديثة، لأن عمره 665 سنة.
هكذا يبزغ إلى الوجود الروائي حجر الفيلسوف على يد الكاتبة رولينج، بعد أن كان مجرد فكرة في مخيلة علمائنا العرب الأقدمين، وخاصة من اشتغل منهم بالكيمياء القديمة (أو الخيمياء)، والذين عندما تحدثوا عن هذه الكيمياء أو الصنعة ـ وخاصة في منظوماتهم ـ إنما كانوا يتحدثون عنها باعتبارها صنعة يشوبها شيء من الغموض والرموز والسحر، وهو الأمر الذي أجادت رولينج توظيفه، فخلبت الألباب، وسلبت العقول، بخيالها الواسع، واستفادتها العظمى من تاريخ العصور الوسطى، وما قبلها، وخاصة التاريخ المصري والعربي والإسلامي، أو تاريخ الشرق بعامة، الذي لم تشر إليه أدنى إشارة خلال سطور الجزء الأول من سلسلة هاري بوتر.
أيضا نستطيع أن نقول إن الكاتبة استفادت كثيرا من قصة النبي موسى مع السحرة المصريين الذين كانوا يلقون عصيهم، فتتحول إلى أفاع أو ثعابين، وخاصة في يوم الزينة المنصوص عليه في القرآن الكريم. ولا نستطيع أن نجزم برجوع الكاتبة إلى قصص القرآن الكريم في هذا الخصوص، لأنه ربما تجد ما يشابه ذلك في الإنجيل والتوراة. ولكننا نستطيع أن نقول إن توظيف العصي السحرية في أعمالها والتدريب عليها، ما هو إلا صدى للمؤثرات الشرقية في أعمالها سواء عن طريق الأساطير الشرقية أو الديانات الثلاث.
تعرِّف موسوعة المورد الإلكترونية السحر بأنه "فن يدعي أصحابه القدرة على القيام بأعمال تعجز عنها القدرة البشرية العادية, وذلك عن طريق الاستعانة بقوى خارقة للطبيعة أو من طريق السيطرة على بعض القوى الخفية في الطبيعة. وقد عرف البشر السحر منذ فجر التاريخ, ولجأ بعضهم إليه للسيطرة على أفراد مجتمعاتهم وعلى القوى الطبيعية حينا, ولمعالجة المرض وطرد الأروا ح الشريرة حينا آخر. ولا يزال بعض القبائل الإفريقية, إلى اليوم, يقيم حلقات الرقص الصاخبة لطرد هذه الأرواح، وهم يرتدون في تلك الحلقات ملابس غريبة، ويضعون على وجوههم أقنعة توقع الرعب في النفوس, في محاولة لترويع الأرواح وإكراهها على مفارقة أجساد من تلبستهم. وإنما يمتزج السحر هنا بالدين امتزاجا قويا حتى ليتعذر على المرء الفصل بينهما عند تلك الجماعات البدائية. وكثيرا ما يتخذ السحرة من الرقى والتعاويذ وسيلة لما يزعمون من إمكان السيطرة على قوى الطبيعة. ومن معاني السحر أيضا فن إيهام المشاهدين بحدوث أمور غير واقعية وذلك بالاستعانة بما يدعونه (خفة اليد).
وقد وردت لفظة (سِحْر) في القرآن الكريم ثلاثا وعشرين مرة، ولفظة (ساحر) اتنتي عشرة مرة، و(السَّحَرَة) ثماني مرات، إلى جانب ألفاظ أخرى مشتقة مثل: سحروا، وتسحرون، وسحَّار، وساحرون، ومسحورون، ومسحَّرون أو مسحَّرين، وسحران، .. الخ. مثل قوله تعالى في سورة النمل، الآية 13: "فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين". وقوله تعالى في سورة طه، الآية 69: "ولا يفلح الساحر حيث أتى".
أما أعمال الشعوذة فهي قريبة من أعمال السحر، وقد برع فيها القدماء المصريون. تقول الموسوعة السابقة عن الشعوذة إنها فن قوامه إيهام النظارة بقدرة صاحبه (أي المشعوذ) على اجتراح كل ما هو معجز أو مستحيل. وأعمال الشعوذة لا تقتصر على الحيل البسيطة التي تصطنع في أدائها المناديل والسكاير وورق اللعب أو الشدة. بل تعدو ذلك إلى إظهار قدرة المشعوذ على التخلص من القيود والسلاسل وإلى احتراز رؤوس الحسان بالمنشار ثم إعادتهن إلى الحياة من جديد! وإنما يستعين المشعوذ على أداء حيله هذه بخفة اليد ـ إذ يتعين عليه تحريك يديه بسرعة فائقة تنخدع معها عيون النظارة ـ ويستعين أيضا بعلم النفس, وبأدوات معدة بطريقة سرية تمكنه من القيام بألعابه, وأخرى غير منظورة يستخدمها في غفلة من الجمهور. والشعوذة ترقى إلى عهد قدامى المصريين; وقد حاربتها الكنيسة في القرون الوسطى بدعوى أن المشعوذين عملاء الشيطان.
ولعلنا لاحظنا أن رولينج تستخدم العصا السحرية كثيرا في هاري بوتر، وأن هذه العصي السحرية تتدرج في مرتباتها وأشكالها وألوانها، والخشب المصنوعة منه، ومن هذه العصي في الرواية، العصا "نمبوس 2000" التي منحتها الأستاذة م. ماكجونجال لهاري بوتر بعد أن أظهر تفوقه، وتأكدت لها موهبته التي ورثها عن والديه.
وقد وردت العصا السحرية في أكثر من موضع في قصة النبي موسى مع السحرة المصريين، منها قوله تعالى في سورة الأعراف، الآية 107: "فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين". وقوله تعالى في سورة طه، الآية 66: "فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى". وقوله تعالى في سورة الشعراء، الآية 44: "فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون". وقوله تعالى في سورة النمل، الآية 10: "وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب".
وما من شك أن هناك صلة وثيقة بين أعمال السحر والعصا التي تتحول إلى ثعابين وأفاع. وقد أدركت رولينج أهمية وجود الثعابين والبوم والضفادع والقطط والفئران، وغيرها، في عالمها السحري الأسطوري، فاعتمدت عليها اعتمادا كبيرا في خلق الأجواء السحرية المناسبة لسلسلة روايتها "هاري بوتر".
وعلى الرغم من نجاح نيكولاس فلاميل في الاستفادة من حجر الفلاسفة الذي أطال عمره وعمر زوجته إلى 665 سنة، إلا أننا نفاجأ بأن الأستاذ دمبلدور يدمره، وأنه يرى أن هذا الإجراء هو الأفضل للجميع بعد أن الصراع الرهيب الذي دار بين السحرة، على امتلاك هذا الحجر. إن هذا الصراع هو الذي أدى في يوم من الأيام إلى موت والدي هاري بوتر، وفي الوقت نفسه كان السبب في تلك الندبة التي في رأسه، وعُرف بها. إنه صراع بين الخير والشر، أو بين الأخيار والأشرار في عالم السحرة.
ولعلنا ـ في النهاية ـ نستطيع أن نتساءل: هل فشل الكيميائيون والعلماء العرب والمسلمون في العثور على حجر الفلاسفة الذي يحول أي معدن إلى ذهب، وينتج إكسير الحياة، الذي يجعل الإنسان خالدا لا يموت. أم أنهم نجحوا في التوصل إليه أو اكتشافه، ولكنهم رأوا ببصيرتهم أنه سيكون من أهم أسباب الصراع بين السحرة والعامة، أو بين الأخيار والأشرار من السحرة أنفسهم، الأمر الذي يحول الحياة إلى جحيم كبير بدلا من أن تتحول إلى حياة طويلة سعيدة هانئة، كما يحلم الفلاسفة والشعراء دائما؟ لذا يأتي قرار رولينج في نهاية الجزء الأول من سلسلة هاري بوتر "حجر الفيلسوف" بتدمير الحجر على يد دمبلدور، بعد الاتفاق مع نيكولاس فلاميل على ذلك.
المؤثرات الشرقية لهاري بوتر
بقلم: احمد شبلول - في: الخميس 16 نوفمبر 2017 - التصنيف: نصوص نثرية
فعاليات
مناقشة رواية النباتية لهان كانج الحاصلة على جائزة نوبل للأدب
نوفمبر 08, 2024
تمت منااقشة رواية النباتية يوم الجمعة 8 نوفمبر 202...
Art Auction: Support Palestinian Families in Gaza
أكتوبر 18 - 20, 2024
Join us on October 18th for Art for Aid, an online...
مناقشة نصف شمس صفراء لشيماماندا نجوزي أديتشي
سبتمبر 28, 2024
تمت مناقشة رواية نصف شمس صفراء للكاتبة النيجيرية ش...
إدوارد سعيد: الثقافة والإمبريالية
يوليو 27, 2024
تمت مناقشة كتاب الثقافة والإمبريالية لادوارد سعيد...