نص قصير لفرجينيا وولف ترجمة محمد توفيق

أزرق وأخضر

أخضر
تتدلى الأصابع الزجاجية مشيرة إلى أسفل. ينزلق على زجاجها الضوء، فيُسقط بركة من  الأخضر. طوال النهار تُسقط أصابعُ اللمعان العشرة الأخضرَ على الرخام. ريش لببغاوات – صراخها عفية – خوص حادة لنخيل – هي أيضا خضراء؛ إبَر خضراء تتألق في الشمس. لكن الزجاج الصلد يُقطر على الرخام؛ البرك تطفو فوق رمال الصحراء؛ من خلالها تهرول الإبل؛ فتستقر البرك على الرخام؛ عيدان الشيح تحيطها؛ الحشائش تسدها؛ زهرة بيضاء هنا وهناك؛ الضفدع ينقلب؛ في الليل النجوم متراصة هناك غير قابلة للكسر. يأتي المساء، فيكنس الظل اللون الأخضر من على رف المدفأة؛ سطح المحيط المضطرب. لا سفن تأتي؛ الأمواج تتمايل بلا هدف  تحت السماء الخالية. الليل أتي؛ الإبر تقطر بقعا زرقاء. الأخضر تلاشى.

أزرق
يرتفع الوحش أفطس الأنف إلى السطح ومن خلال منخريه الرخوين يقذف عمودين من الماء، وإن كان بياضهمها متوهج في المركز، فإنهما يفترشان إلى حواف من  الخرز الأزرق. لمسات من الأزرق ترسم خطوطا على مظلة جلده السوداء. يغني قاذفا الماء من فمه ومنخريه، مثقلا بالمياه، والأزرق يهبط عليه مغلفا عينيه كحصوتين ملساوين. يرقد وقد ارتمى على الشاطئ، رخوا، مترهلاً، تتساقط  حراشفه الزرقاء الجافة. زرقتها المعدنية تلطِّخ حديدا صدئا على الشاطئ. زرقاء هي ضلوع زورق التجديف المحطم. موجة تنساب تحت الأجراس الزرقاء. لكن  الكاتدرائية زرقتها مختلفة، باردة، معبأة بالبخور، زرقة باهتة بخُمر السيدة العذراء.

-------
هذا النص من كتاب "الإثنين أو الثلاثاء" (نشر عام 1921) للكاتبة البريطانية فرجينيا وولف (1882-1941) ، وهي من رواد كتابة الحداثة وتيار الوعي. وكانت تنتمي لمجموعة بلومزبيري التي ضمت كتابا وفلاسفة وفنانين، وكتبت هذه القصة في مرحلة تحول أدبي للمؤلفة، ويلاحظ تأثرها في هذا النص بالمدارس الحديثة في الفنون التشكيلية.