عملت مع الأستاذ حسن عامر الذي كان يشرف على مكتب الأنباء الكويتية في القاهرة، مكتب جميل بالعجوزة يطل على النيل.تبناني الرجل وبعين فاحصة كان يطلب مني الأعمال التي تجمع بين (البحث والصحافة) فهو يريد أن ندخل الأرشيف ونعاود البحث والتنقيب عن القديم في الدسك الصحفي ثم نبعثه خلقا ًآخر برؤية جديدة الخبر الطازج كان موهبته، فهو لا ينتظر الخبر بل يصنعه؟! وهو تأتيه الفكرة ويقول : ( دوروا وقوللي هل هذه الفكرة حقيقية، أو أضغاث أحلام ؟!)
وفجأة استدعاني (حسن عامر) وقال خذ هذه الأوراق إنها أرشيف (أمينة السعيد) ادرسه وأذهب لتذكرها به، فقط ذكرها به وستسمع العجب ؟! وبعد يومين جاءني تليفون منه، عدل الفكرة ووضع (قضية المرأة) كعنوان فوقها، قال أدير جدلا ًبين أمينه السعيد، وسهير القلماوي حولها..سلام؟! أما سبب التعديل أنه قرأ هذه العبارة لمصطفى أمين: انقسمت الجامعة إلى حزبين، حزب ينتصر للآنسة سهير القلماوي الطالبة بالسنة الثالثة بكلية الآداب، وتلميذه طه حسين المفضلة ، وحزب ينتصر للآنسة أمينة السعيد الطالبة بالسنة الأولى بقسم اللغة الإنجليزية.
.. وتركني الاستاذ حسن عامر لحيرتي!!
وجاءت البداية هكذا صدر كتابا ًاستفزازيا ًمن عنوانه ومن ورقته الأولى للأخيرة الكتاب يدين الحركة النسائية المصرية وعنوانه "الحركات النسائية وصلتها بالاستعمار" وقال لى رئيس التحرير حسن عامر اعمله عرض، وكان الأستاذ مهتم بتقديم مادة الكتب ذاتها بملاحق الجريدة سواء نقدا أوعرضا، ويقال أنه ورث ذلك الاهتمام من مدرسة الأستاذ "محسن محمد" فى جورنال الجمهورية.
ولخصته ونشرناه فى الملحق الأدبى: يقول فيه المؤلف: "كانت الدعوة إلى هتك الحجاب وتقييد الطلاق ووقف تعدد الزوجات هي إحدى النغمات التي عنى بها المستعمر وراح ينشرها لإضعاف المسلمين والقضاء على سر تفوقهم ثم استشهد بما قاله "طلعت حرب" إن رفع الحجاب والاختلاط كلاهما أمنية تتمناها أوروبا من قديم لغاية في النفس ضد الإسلام، وأنه لذلك لم يكن عجبا ًأن تكون الحركة النسائية في مصر. وهي تهدف في جوهرها إلى تغيير النظام الاجتماعي للأسرة - المسلمة – وثيقة الصلة بهذا الاستعمار حتى أن "درية شفيق" أسست حزب (بنت النيل) ومجلتها الشهيرة التى بنفس الأسم، من أموال السفارة البريطانية في مصر! بل أنه يتهم قاسم أمين من أنه تلقى تعليمات في صالون الأميرة نازلي فاضل الوثيقة الصلة باللورد كرومر المعتمد البريطاني بوضع كتابه (تحرير المرأة) وهو في نفس الوقت يعتبر صالونها ضد الآداب والتقاليد الإسلامية حيث سمح بالاختلاط فيه والسهر حتى ساعات متأخرة من الليل!! ثم أنه يدين الاتحاد النسائي المصري الذي كونته هدى شعراوي 1924 لأنها ابنة "محمد سلطان باشا" الذي كان يرافق جيش الاحتلال في زحفه على العاصمة أيام ثورة عرابي وبعد فشل هذه الثورة،بل أنها وضعت فرية غريبة غربية حينما سمحت لنفسها أن تحمل اسم زوجها شعراوي باشا كالغربيين دون أبيها وأنه يعتقد أن هذا مقصود حتى لا يتذكر أحد مأساة أبيها ضد عرابي !! وأنه لا يعرف سر الاهتمام الإعلامى الأجنبي وقتها بهذا الاتحاد المحلي الصغير حيث (حضرت د/ ديدت زعيمة الاتحاد النسائي وأعلنت مناصرة الحركة النسائية المصرية!!) ثم بدأت نغمات قاسم أمين تظهر جلية عام 1949حين كونت د/ درية شفيق حزبا ً نسائيا ً وتطرف حزبها حتى وصل إلى المطالبة بإلغاء تعدد الزوجات وإدخال القوانين الأوروبية الخاصة في الطلاق لمصر،وخاصة القوانين الفرنسية بحجة أن القانون المصري يأخذ في معظمه بالتشريع الفرنسي !!وأن الغرب يعرف أهمية مصر بدليل أنه بعد ظهور تنظيم هدى شعراوي المصري وتنظيمها النسائي ظهر الاتحاد النسائي العربي يحمل مبادئ قاسم أمين وينقل نقلا ًعن الاتحاد النسائي المصري !!
وبهذا الكتاب الساخن ذهبت لدار الهلال وطالبت أمينة السعيد أن ترد وقد انفعلت بشدة ..وقالت: هذا الكاتب مكانه مستشفى المجانين، لأنه يهذي بكلام لا يصدقه عاقل وليس لديه أقل معرفة بتاريخنا – فأنا عاصرت د. درية شفيق([1])وأعرف أخلاقها ومبادئها وهى لا يمكن أن تقبل معونة من أي جهة أجنبية وخاصة إنجلترا أو أمريكا كما يقول هذا الكتاب لسبب إنها لم تكن تجيد الإنجليزية، لأن ثقافتها فرنسية حيث قضت سنوات طويلة في جامعة السوربون. ونالت شهادة الدكتوراه من هناك، ثم إنها لم تكن جاهلة بالإسلام أو المرأة في الإسلام فرسالتها الفرنسية موضوعها "المرأة في الإسلام" وقد أثبتت أن حقوق المرأة في الإسلام سابقة وأضعاف حقوقها في أي دين آخر ، بل يكفي د/ درية شفيق إنها عام 1954 كانت واحدة من أهم عشر سيدات في العالم .
قلت لها : ولكن دكتوراه السوربون عن الإسلام ليست حجة علينا ، إنها من اشراف أساتذة مستشرقون وبخاصة أن درية شفيق تحمل شهادة في الآداب الفرنسية ( الليسانس من السوربون ) بباريس ولا أحد يعرف لماذا اختارت هذه الرسالة بل إن لديها مغالطات عن المرأة المسلمة بدليل طلاقها من الصحفي الكبير أحمد الصاوي محمد،حينما رفضت قوامته عليهما في الخروج والدخول حتى ضاق ذرعا ًبها وطلقها.. أنها لم تكن تطالب بحقوق المرأة في الإسلام ولكن تطالب بحقوقها في فرنسا .
قالت : هل تريد من المرأة بعد أن تتعلم وتحصل على الدكتوراه أن تجلس لتعد العجة لسي السيد، إذا كانت القوامة للرجال فإنها لها شروطها ثم إن العمل للمرأة لا ينكره الإسلام، إننا بحاجة أن يتحرر الرجل وليس المرأة، ولأن (قضية الصاوي ودرية شفيق ) لا تزال تعيش بيننا أنت نفسك تكمل في نفس الطريق .
قلت: كيف؟!
قالت: لقد عرف الصاوي .. درية شفيق وهي (ستار) ومشهورة وصاحبة حزب ورضى عن ذلك وتزوجها عليه،وبه، ولم يرى فيها عيب أو فضيحة ولكنه على طريقة سي السيد طلقها !! المفزع أنني أجد هذه الأفكار الظلامية تعشش في رؤوس عدد لا يحصى من نساء الجيل الجديد تقول سأدرس وأقعد في البيت بعد الزواج !! هذه الأفكار الرجعية من الرده الدينية في الاجتهادات التي بلانا بها زمن التطرف والتيارات الدينية.. أما إذا كانت الأميرة (نازلي فاضل) استطاعت أن تستقطب(قاسم أمين ) (والشيخ محمد عبده) وكل عظماء ومفكري مصر، بل وتخرجهم عن الملة كما يقول هذا المجنون صاحب الكتاب فدعني أرفع لها قبعتي !!
وإذا كان الكتاب الساخن قد اغضب أمينة السعيد فانفعلت معه وخرجت أعصابها وارتفعت نبرات صوتها حادة،متحدية، فانى استطعت أن اعيد لها ابتسامتها بالكلام عن الأدب ، قلت لأمينة السعيد:الذين يحبون الأدب من أمثالي يشعرون بالألم لأنك أخلصت للصحافة على حساب الأدب وبخاصة أن روايتك الوحيدة "الجامحة" ومن عنوانها كانت بداية الأدب الروائي النسائي ؟!
قالت:اصدرت رواية (الجامحة) في 1946 وكنت وقتها أسير على مقولة "أميرة"بطلة الرواية:( أما أنا فقد رسمت مستقبلي،ولن أغير منه خطا) وقد حول أستاذي مصطفى أمين نشاطى الأدبى للصحافة، وتنبأ أنني سأكون صحفية كبيرة وبدأت الكتابة بدون اسم وكتبت عن المرأة في أول موضوع لي من خلال "حمام سباحة الحريم في فندق سان ستيفانو برمل الإسكندرية"وفوجئت بأن أسرار الدولة على لسان السيدات في الحمام وبخاصة أنه كان فيهن زوجات وزراء وكانوا لا يعومون وإنما هناك حبل يتعلقن به وهات يا رغي !! وأحدث الموضوع ضجة في الدولة واتهمتني الصحافة للأبد حتى أني لم اجد وقتا ًلأكتب سيرتي الذاتية كما طالبتني بذلك"لطيفة الزيات"؟! ولكن عيني لم تغب عن كتابات المرأة الأدبية.
.. واستمر الحوار، معى، ومعهما، بطريقة "حسن عامر".
الملفات التى جمعناها نواجهها بها
قالت أمينة السعيد :الرئيس عبد الناصرلم يعارض أن أصبح عضو مجلس إدارة دار الهلال وأذكر عندما أصدر وزير العدل في الستينات قانونا ًخاصا ًبالمرأة "الناشز" وضرورة وضعها في بيت الطاعة أن دفعت من جيبي مبلغا ًاستأجرت به عدد من" الأوتوبيسات" و كان معي حوالي 2000سيدة وذهبنا إلى مجلس الأمة وقتها في مظاهرة سلمية وكان الرئيس الراحل رحمه الله أنور السادات هو رئيس المجلس وعندما أبلغوه بالمظاهرة طلب حضور قائده المسيرة فأخذوني له،ودخلت عليه فقال لي"أنت مين يا شاطرة" فقلت له :أمينة السعيد الصحفية بالمصور، وحضرت ومعي النساء لتحتج على قانون ( بيت الطاعة ) فقال لي"ماذا ستفعلن لو تم إلغاء القانون ؟" قلت له : سنهتف لكم من قلوبنا ونعرف انكم أحرارا ًلا تضنون بالحرية على المرأة..فقال" وماذا لو تم إقرار القانون " قلت له : اطلعوا لنا بره وشوفوا هنعمل فيكم إيه ؟! وضحك السادات ولم يغضب وقال : أعدك بأننا سوف نعيد النظر في القانون وقد كان وتم إلغاؤه بالفعل.وفي الثمانينات.عيني رئيسة لمجلس إدارة دار الهلال فكنت أول سيدة بذلك القرار ترأس مجلس إدارة مؤسسة صحفية كبيرة .وقبلها أول رئيسة تحرير لمجلة(حواء)،إلا ان خلافا ًوقع لا أعرف سببه،كنت ضمن رؤساء مجالس الصحف في طائرة الرئيس المتجهة إلى أمريكا وجلس يتحدث عن(معاهدة كامب ديفيد )وقال: أن لديه معلومات موثوق بها أن السعودية ستوافق على المعاهدة ولكني قلت له : إن معلوماتي تؤكد أن السعودية سترفض المعاهدة. وثار الرئيس ثورة عارمة وشديدة أخرجتنى عن وقارى وقالت للرئيس: لا تصدق حملة المباخر !! وغضب على والقانى من رئاسة تحرير المصور ومجلس إدارة الهلال،وصدر قانون بإحالة الصحفيين للمعاش في" سن الستين"..و اعتقد إنى المقصودة بالقرار. و طبق على.
.. ولأن الاستاذ قال: أدير جدلا ًبين أمينه السعيد،وسهير القلماوي.
فقد ذهبت لها وبخاصة أن هناك بينها وبين ابى صلة قرابة من بعيد،حتى أن مدافنا كانت واحدة،وسبحان من له الدوام.
ولم ينتاب د/سهير القلماوي، شيئا من كتاب "الحركات النسائية وصلتها بالاستعمار"وعلقت بشكل غير مباشر بقولها: المؤسف أن عشرات الكتب من هذا النوع تزحم أرفف مكتباتنا وتباع على الأرصفة ليست في قضية المرأة وحدها بل في الدين والسياسة وهي كلها مليئة بالافتراءات وإذا منع كتاب منها قامت الدنيا ولم تقعد مع انه ليس كتابا ًوإنما مرض اجتماعي وقد قلت أكثر من مرة إن الهدف هو " تأسيس عقل المرأة وليس تذكير هذا العقل "..
بمعني أن أجعلها مؤمنة بوطنها وأن تكون قضيتها كالرجل قضية هذا المجتمع كله بلا تجزئة أما الكثيرات فلا يزلن على سياسة تذكير عقل المرأة أي جعل قضيتها خاصة ومتعلقة بالرجل وسائرة وراء كل ما يفعله ويريده. أنها قضية هامة ولكنها واحدة من قضايا متعددة في مجتمعنا،ولا يحق أن أعزلها عن القضايا الأخرى فهناك قضية الفقر،والتخلف و.. وبطريقة الفصل،والتجزئة (على الفقراء أن يجعلوا قضيتهم مع الأغنياء هى المطالبة بأكل الكافيار) والحديث عن قضية المرأة فقط يهمش كل القضايا الأخرى وهذا تقليد للغرب،والحقيقة أنه لا توجد قضية للمرأة في الشرق وقد منحها الإسلام الكثير ( حق الملكية والاسم والميراث والذمة المالية المنفصلة ونظم لها العلاقة مع الرجل ( هي لها دور ورسالة – وهو له دور ورسالة) وهما يتكاملان ولا يتصارعان إن هذا واضح حتى في الطلاق ..فالطلاق في الغرب صراع لأن هناك ذهاب للأبد، يقتسمان كل شيء أما عندنا فيبقى على الزوج واجب النفقة، وواجب الرعاية للأولاد، لأنه ذهاب ولكنه ليس للأبد !!
قلت لها:ولكنك رغم ذلك توليت رئاسة اتحاد المرأة العربية لفترة طويلة وكما يقول كتاب"الحركات النسائية وصلتها بالاستعمار" إن هذا الاتحاد صورة لما أنشأته هدى شعراوي وإنه تكريس لكتاب قاسم أمين (تحرير المرأة) بل هو الشكل المعاصر للنسوية الغربية ؟!
قالت : نعم توليت هذا المنصب منذ 56 وحتى توقيع اتفاقية كامب ديفيد سنة 79 وعلقت عضوية مصر فيه ، فكان لابد أن أتركه ولم يكن يضم إلا 16 دولة عربية فقط ولم تكن لنا اهداف ولا خطوات(إلا تقارب البلدان العربية عن طريق المرأة) لا أفكار قاسم أمين ولا هدى شعراوي
قلت لها: عملت مع هدى شعراوي وتوليت رئاسة تحرير مجلة المصرية وهي مجلة الاتحاد النسائي المصرى فكيف تكوني رئيسة لمجلة هذا الاتحاد ولا تؤمني بقضية المرأة الخاصة ؟!
قالت:مع الأسف بعض كتاب التاريخ يذكرون ذلك..والحقيقة إني رفضت رئاسة تحرير هذه المجلة،ولم أتول هذا المنصب فالسيدة "هدى شعراوي" طلبت ذلك ولكنني رفضت لعدة أسباب أهمها أن المجلة كانت هي التي تصدرها ومعنى ذلك أنني أعمل لد يها وأنا لا أعمل لدى أفراد إطلاقا ً،صحيح أن المجلة كانت تصدر عن الاتحاد النسائي..ولكن هذا الاتحاد يتبع السيدة هدى شعراوي هي ومجموعة معها..وهي التي أسسته وتولته ..وتنفق عليه ..
لقد اقتربت وأدركت بأنه اتحاد ( هدى شعراوي ) وليس اتحاد المرأة ؟!
قلت لسهير القلماوي: مجموعتك القصصية ( حكايات جدتي ) يؤرخ بها للقصة القصيرة النسائية فماذا بعد ؟!
قالت:نشرت المجموعة القصصية عام 1935 وذلك بعد تخرجي مباشرة وقبل رسالة الماجستير،حيث تسرد الجدة ذكرياتها على الحفيدة،وبذلك تنحصر الحكايات بين الثنائي الراوي والمستمع،وتركز الذاكرة التاريخية في حكايات جدتي على حياة النساء اللواتي بقين قابعات في منازلهن في أوقات الحرب.والأمر يقترب جدا ًمما فعلته بعد ذلك،وتخصصت فيه أدب ( ألف ليلة وليلة ) ومثلما كانت الجدة تسلى الحفيدة (فألف ليلة ) في حقيقتها أكثر من ( 200 كتاب) تروي قصص كانت تروى لتسلية الملوك والحكام وعلى ذلك فليس فيها الخصائص الشعبية مثل أبو زيد الهلالي فهي لم تكن ولم يعرف إنها كانت تروى على ربابة.بل أؤكد أن صورة "شهر زاد الجنسية مقحمة على النص العربي" ومع الأسف الذين كتبوا عنها،ومنهم توفيق الحكيم أكدوا هذا المفهوم المغلوط،فشهريار استبقى شهر زاد ليس لأنها جميلة ولا للجنس،وانما لغرامه بالحكايات الغريبة لشهرزاد.ولم أستمر في الكتابة لظروف العمل العلمي والأكاديمي ولأن كاتبات جيلي توقفن عند مشكلة اضطهاد الرجل للمرأة.
قلت : هل لك حكاية مع حكام مصر المحروسة؟
قالت سهير القلماوي: عيني الرئيس أنور السادات مرتين في البرلمان مرة وهو اسمه مجلس الأمة ومرة واسمه مجلس الشعب،وليس بذلك علاقة بين السيدة جيهان وعلاقتى بها: " فجيهان شخصية نسائية هامة ويمكن أن يؤرخ بها لنجاحات كثيرة للمرأة في مصر، ولقد قلت لها حينما تشاورت معي في أمر تعديل قوانين الأحوال الشخصية بأني لست متخصصة ولكني أعتقد أنه يجب ألا يكون الطلاق سهلا ً، فليس كل خلاف يمكن أن يجعل أسرة كاملة تتأرجح لكلمة وأننا علينا أن نعمق أنه أبغض الحلال عند الله،وقد كانت رؤيتها في تعديل القوانين لصالح الأسرة والطفل . وتم التعديل عن طريق رجال الدين ولم يكن به تجاوز وإنما نقل من مذهب لمذهب، وقد قيل وقتها من الفقهاء أن المعايير الشرعية تجعل الطلاق لا يقع إلا خلال ثلاث سنوات وليس فوري وخاصة إذا ما كان هناك حكم من أهله وحكم من أهلها. وحينما سكتت ذكرتها بأنها أستاذتها والمشرفة على رسالتها، بل أني لمحت من بعيد إلى كتاب صدر لحسن عزت الضابط الثائر صديق السادات والمتزوج من أحدى قريبات(جيهان السادات)( 2)
وقالت: الرسالة موجودة في الجامعة ويمكن الرجوع إليها،ثم أن مناقشتها كانت علانية وفي التليفزيون ولا يمكن التضحية بقواعد وأصول الجامعة تحت أي ظرف من الظروف ثم إن هناك من هن أقل في الشخصية والاستعداد والبحث وحصلن على الدكتوراه في الجامعات.فالدكتوراة اعتراف بأن الطالب يعرف طريقة البحث العلمي وكيفية الإلمام بموضوعية وجيهان تدرسُ الآن في جامعات أمريكا ،فلم نجاملها بل هى التى رفعت رأسنا.. وقد ظلت علاقتي بها حميمة طوال الوقت حتى في عز غضب الرئيس السادات على، وكانت تزورني في المنزل وأهدتني كتابها "سيدة من مصر"واعترف بأنها قدمت للمرأة المصرية الكثير ، فقد عدلت قانون الأحوال الشخصية واستطاعت أن تحصل على 30 مقعد للمرأة في البرلمان المصري، ولكن فور وقوع زوجها انقلبوا عليها وأهانوها وشنعوا عليها حتى اتهموها بالزواج مرة آخرى !!
وهكذا ارتبطت خلال ايامى بالصحافة بقضية المرأة، سياسيًا وآدبياً وإجتماعياً وجاء عن هذا الارتباط كتابى هذا وكتاب أخر هو (اعترافات نساء اديبات)
( المقال عن كتاب : حريم فى حياة الزعيم سعد زغلول (الثورة التى أيدها الحرملك
[1] درية شفيق أعطت حياتها لقضية المرأة وأصدرت مجلة ( بنت النيل ) و ( المرأة الجديدة ) وحدث في سنة 1954 أن اعتصمت في نقابة الصحفية وأضربت عن الطعام مطالبة ضباط الثورة ( بحق المرأة في الانتخاب ) وفوجئت السلطات المصرية في 6 فبراير 1957 بــ درية شفيق تدخل السفارة الهندية بالزمالك وتعلن الاعتصام والإضراب عن الطعام حتى الموت وتصدر بيانا، ًولم يغفر لها عبد الناصر ذلك واتهمتها مراكز القوة بالجنون ولولا تدخل ( نهرو ) الذي طلب السماح لها بالذهاب إلى منزلها وترك السفارة دون القبض عليها وتم تحديد إقامتها في شقتها بالزمالك وضغط على زوجها الثاني د/ نور الدين رجائي فانفصلا .. وتركت ( درية ) وحيدة .. حتى حينما تغيرت الدنيا ومنحت المرأة حق الانتخاب ودخلت نائبات مجلس الأمة والشعب ( البرلمان ) وعينت وزيرة وأكثر نسى الناس اول من طالب بذلك ...وظلت درية شفيق شبه مسجونة في شقتها بالدور السادس بعمارة وديع سعد بالزمالك لا تزور أحد ولا يزورها أحد وكتبت ( 16 كتابا ً) في عزلتها لم يكشف أحد عنها شيء !! وفي 20 سبتمبر 1975 لم يعرف أحد كيف ماتت وجدوا جثتها تحت شرفتها .. وقد سقطت من الطابق السادس .
(2) الكتاب هو " العمالقة والأقزام السبعة " وقال فيه إنها حصلت على أسرع ماجستير عام 1979 ثم تراخت المساعدات بعد وفاة السادات فلم تحصل على الدكتوراه إلا عام 1986 أي بعد 8 سنوات وقال إن كل من ساعدها حصل على مكافأة سخية !!