" أنا لا ألقي اللوم كاملاً على الرقيب فهو مغلوب على أمرِه،مهزوز الثقة وأبعد ما يكون عن القراءة والثقافة. الرقيب لا يمنع من أجل المنع، فهو يدرك تماماً أن المنع صوري وإن حقَّق هدفه في سحب النسخ من المكتبات."
السنعوسي بعد مصادرة روايته (فئران أمى حصة)
بالرغم من أنّ الإنترنت يتيح لنا فرصة الإطلاع على ما نرغب فيه من كتب،حتى الممنوعة أو المحجوبة منها لاتزال العديد من الدول والحكومات تحارب الأدب والعلم والثقافة بمنع العديد من الكتب وحتى الروايات لأسباب تكون بغالبيتها مرتبطة بالدين او الجنس او السياسة ولذلك وبسببه يستمرّ العالم للأن في الاحتفاء بأسبوع يسمى "الكتب الممنوعة" مطلع شهر أكتوبر من كل عام، وبالرغم من إثبات نظرية: "كل ما هو ممنوع مرغوب" أحقيتها لايزال العمل الفنيّ محارباً،ولايزال كل كاتب يحاول معالجة بعض القضايا السياسية والدينية بعمق أكبر من المطروح والمتعارف عليه،يعدّ مرتداً أو كافراً أوشخصية تهدف إلى إفساد المجتمع،ويقال إن أنظمة الدول العربية من أكثر الأنظمة القمعية،فمن الطبيعي أن تكون هي الدول صاحبة الرصيد الأكبر من الكتب الممنوعة ومن الكتّاب المتهمين بأغرب اتهام لمجرّد أنهم قرروا في يوم ما أن يعبّروا للعالم عن أفكارهم التي قد تختلف قليلاً عما يدور في أذهان الأغلبية،ولعل حكاية الكاتب المصري إبراهيم عيسى مع الرقابة خيردليل،سواء على مستوى الصحف التي قام بتأسيسها وأغلقت أو حتى الكتب التي قام عيسى بتأليفها ووُجهت بسلطة المنع ومن أبرز ماحدث له مع الرقيب ما تم مع روايته «العراة» التي صودرت عام 1992بقرار من الأزهر الشريف «بدعوى جرأتها أو تجرّئها على مناطق أخلاقية للمجتمع»كماسحبت الرواية من معرض القاهرة الدولي للكتاب في العام نفسه بعد قرار الأزهر.وتكرر نفس المنع 1999صادر أمن الدولة روايته (مقتل الرجل الكبير) ولم ينطق كاتب أو مثقف والرواية تتحدث عن "الرئاسة والحكم الديكتاتوري المستبد" .
ودعونا ننشط العقل ونتذكر اشياء من تاريخ المصادرة خلال القرن العشرين - على سبيل المثال - ففيه صادرنا (فى الشعر الجاهلى ) طه حسين،واتهمناه بالكفر والألحاد.وفعلنا نفس الأمر مع كتاب الشيخ على عبد الرازق "الإسلام وأصول الحكم" وتلى ذلك مصادرة ومنع رواية "أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ 1959ثم صادرنا "من هنا نبدأ" لخالد محمد خالد، و(الحسين ثائرا وشهيدا) لعبد الرحمن الشرقاوى،وطال المنع ديوان نزار قبانى "هوامش على دفتر النكسة" فمنع نزار من دخول مصر لمدة 7سنوات.
وفي الغرب أيضاً قائمة تطول من الكتب الممنوعة لأسباب عديدة،فيبدو أن للديمقراطية أنياب كما قال السادات؟! ففى انجلترا منعت قريبا رواية اسمها "فانى هيل" موضوعها عن مذكرات عاهرة والغريب أن الرواية قديمة طبعت مرتين فى1900 لكاتب غير معروف يدعى (جون كليلاند) ولكن ظهرت ضجة ضدها تطرح اسئلة من نوع هل يليق؟ أو هل نسينا الاخلاق لهذا الحد؟ والرواية قصة فتاة يتيمة جاءت للندن وعاشت فى بعض البيوت،ولكنها هربت لسوء المعاملة لأحضان الرجال،ثم لصناديق الليل مع وصف جنسى موهوج مطول لهذه الأوقات..
اما سبب الضجة وجود ناشر يريد اعادة النشر فظهرت اصوات تطلب منعها أومصادرتها مع اخراجها من دار الكتب الانجليزية؟! تماما كما حدث عندنا مع كتب "سيد قطب" الذى كان حيازة كتابه "معالم على الطريق" كافياً للأتهام بالإنضمام لجماعة سرية تعمل على قلب نظام الحكم بالقوة!.ومنعت الملكية بانجلترا ايضا كتب كثيرة عن "الاميرة ديانا" كتب عن عشاقها وكراهيتها للعرش وللأمير"شارلز" وخيانتها له وخيانته لها! الذى كان أول اعماله وهو ملك منع نشر كتاب اسمه "الاحتياطى" spare للأمير "هارى" اصغر ابنائه ؟!
وللحق شغلتنا ديانا إذا طال فستانها أو قصر،وإذا انشق فستانها على الساق،وإذا انكمش مايوهها من قطعة لقطعتين..وإذا نزعت كل ذلك كما فعلت في مبنى السفارة البريطانية في القاهرة،ولما رأت المصور المصري (محمد جوهر) وهو يتسلل بالكاميرا بين فروع الشجر اعتدلت عارية تماماً، قبل أن تقفز لحمام سباحة السفارة.وبعث بالصور إلى مجلة "باري ماتش" التي لم تنشر هذه الصورة حتى الآن. وقيل أن المنع بأوامر ملكة بريطانيا شخصيا وقيل المخابرات الإنجليزية.
فتاريخ المنع والمصادرة شرحه يطول..فقبل أن تتحوّل رواية "مدار السرطان" إلى إحدى كلاسيكيات الأدب الأمريكي منعت 1939عن الصدور،فقد كتب مؤلفها( هنرى ميلر) فيها مغامراته وتجاربه الجنسية مع رفاقه وزملائه، أي الموضوع الذي كان يشكّل حينها أزمة حقيقية وجدلاً كبيراً عند الأميركيين.ووصفت المحكمة العليا في ولاية بانسيلفانيا الرواية بـ"حفنة من العفن" ولم يسمح القضاء بطبعها إلا في1961،أي في الفترة نفسها التي سمح فيها بتداول حبوب منع الحمل والمقويات الجنسية والسماح بالأفلام البرنو.
وقد عاصرت بنفسى في مصر سنة 2000 سلسلة مظاهرات ضد رواية "وليمة لأعشاب البحر" نظمها طلبة الأزهر وخرجت فى شوارع مدينة نصر كانت سببا فى مصارة الرواية منعت في مصر باعتبار أنها "تسيء إلى الدين الإسلاميّ". وخرج من وزارة الثقافة بسبب ذلك ثلاثة من الكتاب الكبار. أشهرهم "إبراهيم اصلان" ومن المرجّح أن تكون عبارة :"والله تعالى قال في كتابه العزيز فإذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا. صرخ مهدي ضاحكًا:يا عمي الحاج رغبنا في الاستتار فإذا بمخابرات ربي تقرع علينا الأبواب الموصدة" التى وردت بالنص السبب الحقيقي خلف النقمة ،فالرواية صدرت1983ومرت فى سوريا والعراق بل وفى الجزائر الموطن التخيلى للرواية بسلام.ولكن بمصر أثارت جدلاً بعد 17عاماً من صدورها،عندما أعيد طبعها؟!وتدور أحداث الرواية (حول مهدي المناضل الشيوعي العراقي الذي يهرب إلى الجزائر ويُقابل مناضلة قديمة تعيش عصر إنهيار الثورة ويلمس الخراب الذي لحق بالمناضلين هناك.) ..
وتكرر معى الأمر عام 1992و"بمعرض الكتاب الدولى الرابع والعشرين" بأرض المعارض بمدينة نصر،وأنا بجوار الناشرة (راوية عبد العظيم) امام استندات الكتب الخاصة بدارها للنشر "سينا للنشر", ليهجم علينا مجموعة ملتحية تدعى أنها لجان الازهر "إدارة البحوث والتأليف" وتصادر خمسة كتب للمستشار(محمدسعيدالعشماوى) أشهرها :الخلافة الإسلامية -الإسلام السياسى- معالم الاسلام) بلا ورقة قانونية واحدة؟!
وذهبنا لنحرر محضر (لم ينفع ولم يشفع) أنه مجرد إثبات حالة!! وعند عودتنا كان أ.(عادل حمودة) الصحفى الهمام يجادل مع ملتحى لجان الازهر "إدارة البحوث والتأليف" فقد صادروا الطبعة الثالثة من كتابه "قصة تنظيم الجهاد" الصادرة عن"سينا للنشر" ايضا؟!و(عادل حمودة) يصيح فى لوعة : الكتاب طبع فى1985،وطبعة ثانية فى1986وهذه الطبعة الثالثة وهى بالسوق من1989 الم تحسوا بخطر الكتاب إلا الأن 1992و"بمعرض الكتاب الدولى الرابع والعشرين" يالا الفضيحة؟! لتذهب الناشرة (راوية عبد العظيم)مرة أخرى وتحرر محضر جديد مضيقه فيه أنها المقصودة،وليست الكتب،فهم يصادرون كل كتبها،الأزهر يريد أن يخرب بيتها.ويقفل سينا للنشر؟!ويبدو أنها لم تكن تبالغ فقد لحقت بها عند إدارة المعرض الكاتبة (سناء المصرى) لتخبرها عن مصادرة جديدة لكتاب سناء "خلف الحجاب" – موقف الجماعات الإسلامية من قضية المرأة - وهو من نشر (راوية عبد العظيم) أيضا!!
واستمر المنع حتى طالنى اقصد طال كتابى،ففى معرض المغرب للكتاب 2011صادروا روايتى "مملكة الجنة" منعت من المعرض،لأن بطلة الرواية تصادف أنها كانت مغربية منفلتة فى غربة فرنسا؟!فلم يطيقوا فى المغرب خيال الكاتب(لماذا جاء بها مغربية؟!)كانت الرواية مباحة فى مصر وممنوعة فى المغرب..ولكن الذى أصابنى فى الصمييم مصادرة أمن الدولة وفى بلدى مصر لكتابى "العالم السرى للنساء" والغريب أنه جاء المنع على الطبعة الثانية ؟!
وقد ذهبت لصالون د.وسيم السيسى الثقافى وقت معرض الكتاب 2009 لأسجل سهرة رمضانية لإذاعة الشرق الأوسط ضمن سلسلة سهرات اسميتها " فى صالون فلان " -كنت أعدها – وطفت فيها عدة صالونات شهيرة.وقال د.وسيم السيسى جهارا وفى حضور د.اسامة الباز ونوال السعداوى أن أنيس منصور سرق كتابي: (عجلات الآلهة - وعودة إلى ارجون) للكاتب الالمانى"اريك فونتشكن"وسماهما: "الذين هبطوا من السماء" و"الذين عادوا للسماء" ونسبهما لنفسه آى جعل نفسه المؤلف وليس المترجم فقط وغمضت عيون المراجعة والرقابة عندنا ليصبحا الكتابان المسروقان على قمة المبيعات بمعرض الكتاب؟! ولكن عيون المعرض كانت واسعة لرواية (اسمه الغرام) (لعلوية صبح) منعناها بسرعة بحجة سلامة الأخلاق! وقام د.شريف حتاته ليخفف علينا وقال فى كلمته: الأمر قديم ومكرر وكان أكثرها إثارة حينها تلك المقارنة التي عقدها "رشدى صالح" بين كتاب "حمار الحكيم" و"أنا وحماري" للإسباني"خوان رامون خيمينيث".لقد اتهم الحكيم بالسرقة. وقرر عبد الناصر إيقاف الهجوم على الحكيم فمنحه وسام الجمهورية، ونشرت الصحف ذلك الخبر(الرئيس عبد الناصر يقلد توفيق الحكيم وسام الجمهورية) ويرى (د.شريف حتاته) أنها لم تكن تلك المرة الأولى،ولا الأخيرة التى يقف فيها عبدالناصر بجوار الحكيم الذى لم يتمتَّع بروح ثورية مثل كتاباته وإنما قنع بدور الموظف البيروقراطي المُطيع للأوامر مهما كانت وهو ما تسبَّب في أزمة كُبرى أنصف فيها عبد الناصر أديبه المفضل على حساب وزير في حكومته،ففى عام1953قام وزير المعارف (اسماعيل القباني) بعملية تطهير في الوزارة وطال التطهير"توفيق الحكيم" ليفصل من وظيفته (مدير عام دار الكتب) بصفته (غير منتج) فهو يأتى ليقرأ الصحف ويكتب لنفسه المسرحيات،ولايعمل شىء.وتصدى عبد الناصر والغى القرار فقدم الوزيراستقالته من الوزارة.
وانتقل الأتهام من انيس منصور ليشمل الجميع ففتحى فضل يتهم صنع اللة إبراهيم بسرقة "روايته الزنزانة 1993 فى روايته شرف1994؟! ويشمل الإتهام جمال الغيطاني الذي يشير عصام زكريا في تحقيقه الصحفي إلى تأثره بأدب ابن إياس خصوصاً في روايته "الزيني بركات" المسؤولة عن حجزه مقعداً له بين كبار الأدباء.واقدم من ذلك بكثير راح عبد الرحمن شكري يتهم صاحبه المازني بترجمة قصائد الشعر الإنكليزي ونسبتها لنفسه؟! وفى القرن الماضى بلغت الخصومة بين مصطفى صادق الرافعى وعباس العقاد حد اتهام الأول للأخير بالسرقة قائلاً: أن العقاد رجل دعوى وتدجيل وغرور فيسرق ويدعى الملكية.
وتصدت د. هدى وصفى لكل الاتهامات بقولها أنه "التناص" علم وفن النقد الذى لاتعرفونه ( Intertextuality)وهو مصطلح نقدي يقصد به وجود تشابه بين نص وآخر أو بين عدة نصوص وهو مصطلح صاغته )جوليا كريستيفا( للإشارة إلى العلاقات المتبادلة بين نص معين ونصوص أخرى وهو بذلك مصطلح أريد به تقاطع النصوص وتداخلها ثم الحوار والتفاعل فيما بينها، ولقد أصبح مفهوم (التناص) واضحا فهو (تداخل النصوص في النص الجديد أو التعالق النصي)..فلا يوجد نصا جديدا وإنما فيه من نص أخر،وتوضح د.هدى أن التناص كمصطلح فرنسي الأصل ظهر في مرحلة (ما بعد البنيوية) ليشير إلى استحالة وجود نص نقي وأن كل نص صدى لنص آخر. إلى ما لا نهاية وكل نص أدبي يجب أن يُقرَأ في ضوء سياقاته التاريخية والثقافية . فلا صنع الله ابراهيم سرق من فتحى فضل وانما تناص معه فى موضوع السجن والمساجين والمحاكمة وبخاصة أن "صنع الله" كان اصغر سجين شيوعى فى مصر،عاش وعاصر السجون فى عصور اليمة،وعرف كل شيىء فيها من إجراءات التحقيق حتى التعذيب على العروسة،ولاانيس منصور صتى على مؤلفات أحد بل قرأ واضاف وسافر للجزائر وليبيا ورأى ليستوثق، ثم إنه له ستة كتب فى الموضوعات الخفية منها: ( أرواح وأشباح، (والقوى الخفية) و(لعنة الفراعنة) فمن أين سرقها هى ايضا؟..)
ولم يفلح معى الكلام عن "التناص" باعتبارى على خلفية عالية فى القانون وحاصل على ماجستير فيه فاظهرت رسائل ماجستير ودكتوراة تقول لنا الفرق:(بين التناص بالنص والسرقة من النص) وكيف أن المحكمة الأقتصادية عندنا اشارت لذلك فعرفت السرقات الفكرية بأنها اغتصاب الناتج العقلي أيا كان نوعه " أدبيا ـ علميا ـ عاما " ونشره دون الإشارة للمصدر الأصلي وتتعدد أنواعها بتعدد المجالات الإبداعية كالمجال الأدبي من شعر ونثر والمجال العلمى كالبحوث المنهجية والمجال العام وهو الكتابة فيما يخص مختلف القضايا كما تتفرع فى درجة خطورتها إلى أنواع فهناك السرقة الفكرية التامة وهى قيام السارق بنقل الإنتاج الفكرى كاملا ونسبته لنفسه وهناك السرقة الجزئية وهى الاستيلاء على جزء من مؤلف ما والاستعانة به لتكملة مؤلف آخر والتغطية على صاحب النص الأصلي،وهناك السرقة الفكرية غيرالمباشرة والتى تعنى الاستيلاء على الفكرة دون النص أو عن النتيجة العلمية دون صلب البحث وهى لاتقل عن السرقة الفكرية المباشرة من حيث خطورتها على الأمانة العلمية والاخلاقية.
واعترضت مجموعة من الأدباء والمثقفين على تدخل القانون اللزج فى كل شيىء وهو تدخل مع السلطة وضد الحرية وادانوا مايحدث فى المحكمة الاقتصاية مع صنع الله ابراهيم وحكوا كيف ( وقفت د. ليلي عنان أستاذ الحضارة الفرنسية بجامعة القاهرة بالمحاكمة ضد الروائى صنع الله ابراهيم تقول : سرقنى! وسألوها كيف؟ قالت: وضع 10أسطر من كتابى (الحملة الفرنسية تنوير أم تزوير) فى روايته "القانون الفرنسى" أنها السرفة؟..) وقالوا لها:ولكن الرواية نفسها تعدت الثلثمائة صفحة فما أثر10 اسطر فيها!..قالت: القانون يشترط الأذن قبل النقل أو الاقتباس.
وقال المحامون لها:انظرى للرواية لقد كتب مايفيد الاقتباس فى الهوامش (والأذن عند الفقة هو الإشارة للأصل بالهوامش )..
ولكنها تصرخ وتقول:القانون اشترط أذنا صحيحا بموافقة منى وليس على سبيل المجاز فىى الإشارة للهامش (اريد تعويض مليون جنيه!)
وقالوا: ورددنا اسكندرانى بصوت مرتفع ..عليها !!...
واحمر وجهى واشرت لرواية عنوانها" الركض فوق الماء" لمحمود قاسم يقول فيها كله بيسرق من كله (الكاتب والصحفى والسناريست) فلا عزاء (لعاطف الاشمونى) مؤلف الجنة البائسة؟! آى ليس أنا من يخيل عليه السرقة تحت مسمى التناص.وقبل أن يحتد النقاش تصدت نوال السعداوى صارخة: علوية صبح ليست أول من صادروا ومنعوا رواياتها لقد منعوا كتبى ورواياتى وحبسونى،ووضعوا اسمى فى قائمة القتل مع "فرج فودة" و40 اسم آخرين،وصاح د.اسامة الباز ليقلل من حدة الإنفعال وسخونة الجلسة،وهو يهرج وعلى طريقة (عادل امام - فى مسرحية "شاهد مشفش حاجة" ) : - (أنا اسمى مكتوب؟!) ..
وضحكنا فى ضجة..وظهر السؤال الذى يقطع قول كل خطيب ولكن لماذا منعوا رواية علوية صبح؟!
وجاء الجواب سريعا أنها ممنوعة فى معظم البلاد العربية أنها رواية تعتبر (الخيانة الزوجية) حالة من حالات تقلبات الجسد الذى يجب احترام حريته، فلا هى خطيئة ولا هى جريمة!! فالرواية حالة لممارسة البغاء الكتابي الذى يسقط القيم والفضيلة الباليين في رأى الكاتبة ويصبح مصدر مباهاة ومفخرة لأبطال روايتها (إنه الغرام) :(فسعاد الأستاذة في الفلسفة تقول لصديقتها :«وإنتِ يا هبلا يلاّ قومي روحي عيشي وزتّي هالمقبور جوزك ورا ظهرك” و نهلة تخاطب سعاد عن زوجها « لم أشعر يوما بأني أخونه،برغم أني كنت دائمة الخيانة له !») التحريض الروائي الهدام لإعمال"تطبيع مع البغاء" كما هو عليه المجتمع الغربي فعلوية صبح أحبت أن تكتب عن المرأة بعين وقلم المرأة وهذا قد يكون عادي ولكن أن تكتب المرأة عن الخيانة وباقتناع وأنها مسألة حياة عادية طبيعية كما تفعل بطلات علوية صبح فهو أمرمستهجن وحاد ولا يمكن قبوله فهل أصبحت المرأة في لبنان على هذه الحال؟ أم أن شخصيات "إنه الغرام"شخصيات نخبوية ومن طبقة معينة تعتبرخيانة الزوج والمباهاة في العلاقات الجسدية وغيرها من الأمور المسلم بها والمقبولة لديهن؟
وظهر الكلام عن عشرات الكتب والروايات الممنوعة مثل: رواية «أنا هي أنت» لإلهام منصور الكاتبة اللبنانية وهى رؤية تحررية نسوية تنظر إلى المثلية الجنسية كحق من الحقوق الفردية،التي لايحق لأحد التدخل فيها! واتهمت الكاتبة بسببها بالمثلية والشذوذ.ورواية "صمت الفراشات" للكاتبة الكويتية ليلى العثمان التى قدمت بسببها للقضاء وحكم عليها مع ايقاف التنفيذ وغرامةكبيرة.ورواية "بنات الرياض" الرواية الأولى والوحيدة لرجاء الصانع-صدرت في 2005 ومنعت في السعودية بتهمة "تشويه صورة المجتمع السعودي" فهى تحكي أحداثاً وتفاصيل سريّة عن الحب والحريّة في حياة أربع فتيات سعوديات من الرياض: هن (قمرة،سديم، لميس،مشاعل) مافعلته الصانع هو كشف المستور عن حياة النساء السعوديات بشكل خاص فلم تكتب بعدها ولاكلمة كبتت الصانع طبيبة الاسنان الشابة أبنه الخمسة وعشرين ربيعا تماما كروائيات كثيرات كتبن رواية واحدة واشتهرن بها وندمن بعدها واختفين؟! وطلقت بعضهن؟! كصفية عبد الحميد «عفوًا ياآدم1968) وفاطمة العلي«وجوه في الزحام1971» لكن رواية "بنات الرياض" التى منعت محليا نجحت خارج الحدود، لعلعت عالميا! وترجمت ل 5 لغات؟! فالغرب يحب أن يرى الشرق عاريا،أدمن الغرب جوارى ألف ليلة وليلة!!
وظهرت فوضى دعوى (الحسبة) التى بمقتضاها رفع المتطرفون القضايا على الفكر والفن والأدب.فرفع الشيخ البدرى قضية ضد عادل أمام وفيلمه "طيور الظلام" بحجة أنه هو المقصود والفيلم يعرض به؟!
وتذكرنا د.نصرحامد أبو زيد، وجاء ذكر"نقد الخطاب الديني" وهو كتاب منع من النشر للمفكر الإسلامي المصري نصرحامد أبو زيد.وهو رسالته المقدمة لجامعة القاهرة بهدف الحصول على درجة الأستاذية ليمنع الكتاب وتطبّق محكمة الأحوال الشخصية على "أبو زيد"حكم "الحسبة" وتبعده عن زوجته وتضطره لمغادرة القاهرة إلى هولندا بعد تهديدات كثيرة!! وتجلت الكوميديا السوداء حين رفع بعض الشيوخ قضية حسبة ضد د.عبد الصبور شاهين،لأنه أصدر كتابا بعنوان "أبى آدم" اعتبروه مخالفا للقرآن،ويخرج عن المعلوم من الدين بالضرورة،لأن الكتاب يرى أن (الارض كان عليها اقوام قبل آدم؟!) ومصدر المفارقة السوداء أن د.عبد الصبور شاهين،كان هو صاحب التقرير الذى حوكم بسببه وكفر د.نصر حامد أبو زيد!!