الكتاب: أني أحدثك لترى الناشر: دار ميريت المؤلف: منى برنس عرض: أشـرف عـبـد الشـافـي
لا تحلم الكاتبة "منى برنس" فى روايتها "إنى أحدثك لترى" بتحقيق جماهيرية واسعة فى الأوساط الثقافية، فهى تكتب رواية عن "الحب"، أى مجرد سرد متدفق دون إثارة أو تطور فى الأحداث.
تصارح "منى" القارىء بأنها لا تجد ما تفعله حيال ذلك ، فماذا تفعل حتى تكسر الملل؟! هى تريد روايتها عن "العشق"، عن ذلك الرجل الذى إقتحمها وعاش فى أوردتها، تريد أن تحكى تجربة خاصة جداً قد لا تهم أحداً من القراء، ماذا تفعل؟! هل تضيف عناصر البهارات والفلفل مثل الغيرة والمعارك الصغيرة بين "الحبيبن" كى تصبح الرواية أكثر تشويقاَ ؟!
أنا عن نفسى ـكقارىء- لا يعرف الكثير عن عشق العشيقات وهيامهن بالمعشوق، ولم أر فتاة تتغزل فى أنف رجل وفحولته ووسامة أصابع أقدامه، ولم أقرأ لفتاة عن هيامها وعشقها لرجل تعرف أنه لن يتزوجها ولا تسعى وراء ذلك.
أقول: أنا استمتعت بالرواية، أو قل نصف الرواية الأول، وهذا يكفى، فنحن لا نطلب الكمال فى كل الأعمال لكننا نسعى لنقتنص متعة ونعرف جوانب نجهلها حتى ولو كانت تخص طريقة عشق البنات الجنونية، ففى الرواية فتاة منطلقة تمارس حرية الفكر والجسد فى متعة لم نعهد الإعتراف بها من الكاتبات أو من الفتيات عموماَ، فالبنت فى معظم كتابات البنات خجولة، معشوقة وليست عاشقة، تقاوم الرذيلة ولا ترتكب معصية الوقوع فى حب رجل، بل وتراه ظالماَ ينتقم لذكورته منها ويقف عقبة أمام تحققها!، مع "منى برنس" الأمر ليس كذلك، فالرواية تحكى عن فتاة مصرية مثقفة وتعمل فى إحدى منظمات حقوق الإنسان، وفجأة تجد نفسها غارقة فى حب دبلوماسى عربى لا يخلو من "شيفونية" أو عنصرية لا شعورية تتكشف عبر علاقته المتوترة مع البطلة.
تجردت منى برنس فى الرواية من الكثير من قناعات المرأة العصرية أو المثقفة، وقررت أن تعيش قصة حب خالصة تخلو من الأهداف أو الأغراض، فرأينا فتاة من لحم ودم وليست نموذج مصنوع تحرص على تقديمه معظم الكاتبات فى عالمنا العربى، فتاة على فطرة الحب الأولى لدرجة أنها تنقل لحبيبها نصائح صديقاتها ووصفاتهن لإشعال نيران الغيرة فى قلبه!.
أخيراً فإن منى لم تكتب رواية غارقة فى لذة الجنس، لكنها قدمت الجنون والتوتر والقلق لفتاة حائرة وقوية وعنيدة وواثقة فى ثقافتها ومصريتها أيضاً، فهى رواية عن"الجنسيات" ـالجنسيات ليست جمعا هناـ وليست عن الجنس، عن عواصم وجغرافيا وتأثيرات ثقافية إقليمية غارقة فى العنصرية دون أن ندرى.