مرثيّة شاعر مات ولم يُدفن

أأرثي لحالك أم أزدريكْ
وأنت تطلّ على سامعيكْ
بما وهبتك َ الطبيعةُ من صَلف ٍ
وإهاب ٍ سميكْ ؟!
أساريرُ وجهك تنطق بالعُجب والكبرياءْ
وأنت تكيل النعوتَ الكبارْ
وتضفر إكليل غارْ
لجلاّد شعبك ، لا عن هوى أو ولاءْ ،
ولكنْ لأنّك أتقنتَ فنَّ التزلّف للأقوياءْ
وتقبيل أعتابهم طمعاً في الرضا والعطاءْ..
وتلك – لعمري- خلائقُ ركّبها اللهُ فيك !
* * *
أأرثي لبؤسك أم أزدريكْ
وأنت تصعّرُ خدَّك للناس تيها
لأن رئيس العشيرة يُلقي إليك ببعض العظامْ
ويأذن ُ أن تحتسي من كؤوس عشيقاته فَضَلات المُدامْ !
فليتك تعلم كم أنت تبدو قـميـئاً ، كريـهاً
وأنت تمجّدُ سفك َ الدماءْ
وسحقَ الضميِر ِ ، ونهبَ الفقير ِ
ونصبَ المشانق للأبرياءْ !
وليتك تذكر أن رفاهك من جوع شعب ٍ يُضام !
وأنّ قصوركَ ..
تنهضُ وسط البلى والحطام !
وأن الكلاب َ الذين رفعتَ إلى رتبة الآلهه
بما صغتَه من هراء وثرثرة ٍ تافهه
أذلّوا كرامة شعبك بين الأممْ
وداسوا الرؤوس ، وداسوا النفوس ، وداسوا القـيَـمْ
بإحذية ٍ خوّضت في بحار صديد ٍ ودمْ !
تأملْ .... أتبصرُ حولك داراً خلتْ من كآبه ؟!
أثمةَ بيتٌ حوالـيك لم يطرق الموتُ بابَه ؟؟
ولكنْ ... أمثلك َ يعنيه حزنُ الوطن ْ
وماضيك يدري به عارفوك ْ
ويدرون أن َ ضميركَ مثلُ فراش الهلوكْ
متاحٌ لمن يدفعون الثمن ؟!!
عجبتُ لأمرك َ ، والله ِ ، كيف تذوق الوسن ْ ؟؟
ألا وخزةٌ من ضمير ٍ ؟
ألا ذرةٌ من حياءْ
وأنت تتاجر في مهرجان الرياءْ
بمأساة شعب ٍ يكابد أقسى المحَنْ ؟!
* * *
أأرثي لعارك َ أم أزدريكْ ؟
لعلّك َ أجدر ، يا سيّدي ، بالرثاء ْ
فأنت َ لفرط الغبـاء ْ
وفرط العمى لا ترى ما يرى الناس فيك !

بغداد 1985