غادة السمان عرافة الحب والحرب من كتاب :المسكوت عنه (كاتبات عربيات يكسرن حاجز الصمت) "كتاب تحت الطبع"

( في رواية بيروت 75، تبدع غادة السمان كأديبة وكمفكرة؛حيث قامت بتأليف هذه الرواية قبل اندلاع الحرب الأهلية في لبنان، فكانت الرواية تنبؤ لهذه الحرب قبل اندلاعها..ولذاحصلت "بيروت 75” على جائزة فولبرايت،لمدى صراحتها وشجاعتها الصادمة، فقد جعلت الجنس سببا فى الحرب،وكأنها تعيد مأساة الامبراطورية الرومانية(.  د. لطيفة الزيات

في سنة 1971 أصدر أنيس منصور كتابه يسقط الحائط الرابع وكان أول ناقد يكتب عن غادة السمان وقال عنها : " إنها مثل كرة من القطن المشتعل تنطلق في كل مكان ، أنها تبحث عن ماء يخمدها فإذا وجدت الماء رفضت وقاومت وصرخت..ما الذي تريده ؟! إنها تريد أن تظل مشتعلة وأن تحلم بالماء " وحينما كتب عن أعمالها ( دليل الغرباء ) و (عيناك قدري ) و ( البحر في بيروت ) وصفها بأنها أديبة غير منتمية وتريد أن تنتمي.. وحينما نقل بعض عبارات من كتبها مثل " قال لي انصهري فانصهرت،قال انسكبي فانسكبت"و"طالما بكيت لأنني سقطت وحدي ولم يرفعني أحد ..حتى أبي لم يرفعني لأنه هرب مع امرأة ضائعة مثلي!!" و"صوت حبيبي آت من الجبال إلى التلال على فراشي طلبت حبيبي فما وجدته" قال عبارته التي اشتهرت : جاء أدب الأظافر الطويلة من الشام !!  

وقال وقتها الأخوة في الشام عبارة جميلة لها معاني : قوصته السمان،أي قتلته باللهجة الشامية..والمعنى إشاعة حب بينهما – فلا يمكن أن يخصها وحدها بكتاب من غير الأخريات وبخاصة ليلى بعلبكي مع أنه عرف باقي أديبات بيروت ودمشق قبلها في كتابة " أزمة الجنس في القصة العربية " سنة 1961 ولكنه في طبعاته الأربعة غير وبدل فيه ولم يضف غادة السمان مع من كتبن عن الجنس..عجبي ؟!

ولم يكن تقويص غادة للكتاب والأدباء،مجرد إشاعات،فقد اعترفت غادة السمان بعلاقة حب ما بينها وبين غسان كنفاني هذا الاعتراف فلب الدنيا أنها قالت فيه " لا أستطيع الادعاء ..دون أن أكذب – أن غسان كان أحب ( رجالي ) إلى قلبي كامرأة كي لا أخون حقيقتي الداخلية مع الآخرين سيأتي الاعتراف بهم – بعد الموت" وبالفعل أظهرت بعده غادة السمان رسائل لانس الحاج وآخرين منهم الملحن بليغ حمدى،فهى بالفعل وبالكتابة تمارس التحرر الأقصى. إنها الفتاة الجالسة على حجر العفريت في ألف ليلة وليلة والتي قابلت شهريار وأخيه ومارست الهوى معهما وأظهرت لهما خيط من الخواتم لرجال آخرين فأعطاها كل منهم خاتمة


 كل من يتصفح غادة السمان،يجد أنّ الكثير من أعمالها القصصية والروائية،والتى تلفت الانتباه،حتى من عناوينها تظهر مدى اهتمام هذه الكاتبة بمدينة بيروت،تقول غادة عن بيروت: "تابوت الحنين الذى تحنطت فيه راضية ممتنة،ولكن لم يدم طويلا فصحوت على فرقة. فبعد بيروت صرت غجرية لامرفأ لها،بخيام بلا أوتاد ترحل مع الريح بين لندن وباريس".. ولكن غادة تهتم ليس بيروت المظهر أو مايُسمّى "باريس الشرق" وإنما بيروت الواقع والصراع الطبقي الاجتماعي والسياسي بيروت القاع والصراع مع الفقر والمرض،بيروت التي تفترس أولئك الذين يستهويهم الشكل والمال والشهرة فيأتوها طامحين طامعين بتحقيق أحلامهم التي سرعان ما تتحول إلى أوهام تؤدي بحياتهم أو بعقولهم

 

ورواية “بيروت 75” تمثل المأساة الحقيقية لمجتمع فقد ضوابطه الأخلاقية غادة السمان لا تصف فقط “وعي” الشخصيات، بل تصف بطريقة رائعة (لا- وعيهم) عن طريق هلوساتهم التي تصفها بعناية ،تصف كل شخصية من الشخصيات الأساسية كمزيج مركب ومعقد من المشاعر والرغبات والحسنات والسيئات لهذا لا يمكن حب أي شخصية فيهم بشكل مطلق ولا يمكن كرهها بشكل مطلق أيضا، فالرواية تحمل بين صفحاتها قصة شقاء وأحلام وواقع مر يخنق هذه الأحلام. فقد أمسكت غادة قلمها ولفته فى منديل أبيض كأنه نعش ثم اطلقته على الصفحات نواحا وبكاء على بيروت.أنها غمست قلمها فى دموعها وراحت تتفرس لتوحى لنا بنبوءة عرافة لحرب قادمة :"أنى أرى كثيرا من الدم"؟!

 

وقد كتبت غادة الرواية وهى رواياتها الأولى فى112 صفحة،آى أننا امام نوفيلا (رواية قصيرة) أن غادة فى رواية بيروت 75 كتبت جيدا عن سخصيتان فقط (فرح وياسمينة) لأنها تعاملت بمنطق الرواية معهما وهو "الإهتمام بالتفاصيل" اما باقى الشخصيات التى بدت سنوية ومحشورة فقد كتبتها بمنطق "التلخيص والإختزال" وهو من ثوابت القصة القصيرة فقصتا فرح وياسمينة كانتا أهم قصتين في الرواية، ولكن الكاتبة أرادت أن تغوص أكثر في أعماق المجتمع اللبناني حيث الفئات الاجتماعية المسحوقة التي تعاني القهر والاستلاب وتحلم بالخلاص الذي يقودها في النهاية إلى موت أسطوري ولتكشف لنا الكاتبة معاناة تلك الطبقة المسحوقة،جاءت بالشخصيات الثلاث الأخرى.أولهاأبو مصطفى الصياد الذي عاش حياته وهو يحلم في العثور على المصباح السحري ظناً منه أنه حبل النجاة والخلاص من الفقر والقهر له ولأسرته المؤلفة من اثني عشر شخصاً.فهو يخرج كل ليلة ليبحث في أعماق البحر عن ذلك المصباح لعله يعلق في شباكه، وفي إحدى الليالي يعتزم اصطياد المصباح فيشعل حزمة ديناميت ويرميها،ويرمي بنفسه معها لتتفجر ويتمزق معها جسده،ويكون بهذا قد أنهى رحلة عذابه وشقائه. وأبو الملا،حارس الآثار الذي سرق تمثالاً لم يُنقَلْ بعد إلى المتحف ليبيعه وينهي به رحلة فقره ويفتدي بثمنه بناته الثلاث الخادمات في قصورالأغنياء،لكن هذا التمثال الصغير يتحول في وهم أبي الملا إلى رجل عملاق يخنقه. أما الحقيقة فأنه قد مات بالنوبة القلبية فقد كان مريض قلب.وأخيرا طعّان الصيدلاني المذعور الهارب من الثأر،فقد قتل إنساناً خطأً،متوهماً أنه يطارده ليقتله وهو الذي كان يتحرق للعودة إلى الوطن ليفتح صيدلية في بعلبك،حيث يفاجأ أنه مطلوب دون غيره للثأر لأنه يحمل شهادة،إنه القانون العشائري الذي يقضي أن يكون الثأر لقتيل متعلم بقتيل يوازيه.

 

سألوها هل أنت ياسمينة؟! فقالت غادة (أنا فى كل قصة كتبتها،وإن كنت لم أكتب بعد القصة التى هى "أنا" كلها)

 

تبدأ الرواية بلقاء شخصياتها في سيارة أجرة منطلقة الى بيروت.“فرح” و”ياسمينة”و”طعان””أبو الملا” و”أبو مصطفى”(لاحقا ينضم لشخصيات الرواية ابنه مصطفى) ينطلقون معا الى بيروت،تسير العربة الاجرة بالرحلة إلى الضياع والجنون والموت (الشارع الدمشقى ينزف عرقا،ينادى تباع السيارات من الجراج:"بيروت بيروت" الرجل ذو الكرش المدلوق ينغم أسم بيروت كما لو كان يقدم راقصة للجمهور فى كبارية) ص5 (ومرت بباب الجراج حلوة صغيرة وخيل إلى فرح أن خديها توهجا لسماع اسم بيروت،أم تراه الحر؟"كلهن وكلهم يحلم ببيروت.لست وحدى.ولكنى وحدى ذاهب لأقتحامها ") ص13 منذ اللحظة الأولى تشعر أن الرحلة محفوفة،ليس بالمخاطر بقدر ماهي محفوفة بصراعات غريبة متشعبة فالشخصيات حمل كل منهم في داخله قصة شقاء مؤلمة يرافقها أحلامه وأمله بأن تعطيه بيروت حياة أفضل.تتصاعد هيمنة المكان كما لو كان مخزنا حقيقيا للأفكار والمشاعر،ولذا فالمكان عنصرمشارك وبقوة مع السرد ولذا يقولون أن "بيروت 75" رواية مكان...ولكن بيروت،تستقبل القادمين اليها بواقع صادم يفقدهم سريعا جدا سذاجتهم

 

وتبدأ بيروت بالأطلال داخل الرواية بمشهد يخت وسط البحر تتعرى فيه "ياسمينة" من كل ملابسها متطرفة برغباتها انصياعا لإغواء الحرية (لم أخلع ثيابى بأكملها من قبل إلا فى الحمام،وكنت دوما أرتديها قبل خروجى متسترة بالبخار الكثيف والنور الشاحب)ص11فهى كارهة متأففة من حياتهابدمشق(تعبت من العمل فى التدريس بمدارس الراهبات سئمت الأيام تمضى هناك ثقيلة كجسد مخدرعلى طاولة عمليات)ص14 تعرض ياسمينة جسدها الناصع البياض للشمس وترى سلحفاء تتحرك أمامها ببطء فوق خشب اليخت،تراها وهى تسحب جسدها وتنزوى فى الظل تتحسرعليها لأنها لاتستطيع أن تخلع صدفتها وتستمتع بالشمس مثلها؟! تستسلم "ياسمينة" لغوايه (نمر السكاكينى) أحد أثرياء بيروت (آه ماذا يستطيع جسده أن يفعل بها جسده المعطر بزيت البحر الثمين وبنعومة الرفاهية ..لا شيىء فى العالم يشبه نشوة الألتصاق برجل محبوب ويتم ذلك تحت الشمس)ص15(تسمع دويا رهيبا لأنفجار عنيف يهتز اليخت بأكمله وتسأل ماذا حدث؟ يقول نمر:لاشيىء إنها الطائرات الإسرائيلية تلهو فى سماء بيروت وتخترق جدار الصوت..قربى نهدك منى..تلملم نفسها عنه مزعورة،والسلحفاء تختبىء بأكملها داخل صدفتها.وتتذكر "ياسمينة" كيف كانت تمطر طائراتهم الموت فوق دمشق منذ أقل من عام.دوى انفجار آخر،وقال نمر بشراسة وهو يغمرها بجسده الأشقر قربى نهدك!..فقربته)ص18لقد أختارت الذات العاجزة الغريزة حلا ليعوضها عن الفقر،أنه ماتمتلكه طبقا لمفاهيمها غير الواعية.. (كان نمر غنيا،حتى قدماه تعلنان عن ثراءه..إنه ليس فقيرا مثلى ولد وفى فمه دفتر شيكات،وولدت وفى دمى كمبيالة مستحقة الدفع) ص22 لقد اختارت الجنس،تنازلت عن مؤاهلاتها بالتدريس وكتابة الشعر فليس للنساء غير الجسد فى بيروت؟! (لقد قطعت كل الجسور..لم أعد اعمل وهو ينفق على بكرم، وأنا أنفق على شقيقى الذى يغمض عينيه عما يدور اكراما لنقودى..ولكن هو..جسده لقد الفته ادمنته..إنى مريضة به..طيلة سبعة وعشرين عاما وأنا ممنوعة عن ممارسة تلك المتعة المذهلة) ص40

 

وتعرف "ياسمينة" الحقيقة من نمر(مستحيل أن يتزوج بمن نام معها قبل الزواج) ولذا حين صعدت بالتلفريك فى جونيه معه ،لم تدخل الكنيسة المشهورة فى قمة الجبل-والتى يتسابق العرسان على الزواج فيها-(لكننا تابعنا رحلتنا إلى الفراش دونما زواج،كالعادة)ص39ويختار نمر أن يتزوج ابنة أحد الأثرياءخدمة لمصالح والده السياسية "نائله السلمونى" انسجاما مع قوانين المكان،فالمصالح تتصالح دوما.ويتصاعد الألم لحد الإذلال:

(قبل منتصف الليل قال اننى استنزفه وأنه متعب وسئم،أما أنا فكنت أشد جوعا إلى جسدة قلت له ذلك فنصحنى بالتفتيش عن رجل آخر) ص40 (صرخ بى:جسدك مسكون بالشياطين..آى رجل سيمتعك أذهبى وجربى أننى أشك اصلا فى أنك كنت عذراء حين بدأنا معا..لقد مارست على لعبه ما)ص41لقدصارت"ياسمينة"هشة وعاريةوبلاصدفة تحميهاكسلحفاء اليخت(وفى الليالى القليلة التى أقضيها فى بيت أخى بعيدا عن جسده الأشقر ارتجف كمدمن محروم وأفقد كل قدرة على التعقل) ص45تهيمن سلطة المدينة المنحازة إلى الأغنياء ورأس المال الذى يطحن الضعفاء ويخرج صوت الذات من المونولوج "آه كم تشوهت"..نمر يمتصها وسيبصقها قريب ،وتصرخ ياسمينة "وحدها السلحفاة تنجو فوق فرو الأرنب المسلوخ".لقد وقعت فريسة للسلطة الذكورية المزدوجة فيقتلها أخوها "الذى يعيش على نقودها" فى مشهد يضج بسخرية سوداء يحمل فيها الأخ رأس أخته فى سطل إلى الشرطة بصفته حامى حمى الشرف؟!

 

ثم يأتي دور فرح الشاب القروي الموظف في المكتبة الوطنية بدمشق الذي يمتلك صوتاًجميلاً،ويحلم أن يكون مطرباً مشهوراً،ولاسبيل لتحقيق حلمه إلا في بيروت.وهناك تبدأ رحلة ضياعه الحقيقية في البحث عن قريبه،ولماوجده،وجد نفسه مضطرا لبيع نفسه للشيطان،المتمثل بهذا القريب الثري، نيشان.ومقابل أن يصبح مطرباً مشهوراً،يطلق عليه (مطرب الرجولة).فيمنح فرح جسده لنيشان الذى يعانى شذوذ،وزكورة قاصرة مع النساء،لقد عقد معه "إتفاق فاوست"( نيشان :كان لحمه الكثيف المترهل يرتعش حبا وهو يقول: النساء لا يقدرن على منحى هذه المتعة، إيها الرجل الرائع سأسميك"مطرب الرجولة" مع الرجال أحس بالألفة، معهن أحس بالغربة،فأنا لا أفهم النساء ولا يفهمننى)ص66 ليضطره الأمر للتخلي عن رجولته وكرامته في سبيل تلك الشهرة.في داخله كان "فرح" رافضاً لهذا الواقع،وتمثّل رفضه بانتقاله إلى عالم اللاوعي،إلى عالم الكوابيس وأحلام اليقظة،ثم دخوله إلى مشفى المجانين وهروبه منه، وهو عندما يهرب من مستشفى المجانين يسرق اللافتة المعلقة على مدخل المستشفى ويذهب بها إلى مدخل بيروت فينتزع اللافتة المكتوب عليها "بيروت" ويثبّت مكانها اللافتة التي انتزعها عن مدخل المستشفى "مستشفى المجانين" لتنتهي رحلة ضياعه بموت حلمه وعودته إلى دمشق

 

الحدث المركزي بالرواية هو السفر إلى بيروت والبحث عن المال والشهرة فيها،فبعد انطلاق سيارة الأجرة واختفاء دمشق: "يفكر فرح (لن اعود إلا ثريا مشهورا) وتحلم ياسمينة " لن أعود إلا ثرية مشهورة " ولكن عند التعمق في هذا الحدث وما أدّى إليه من أحداث وصراعات نجد أنه ياسمينة وفرح كممثلين للطبقات المسحوقة، أثناء بحثهما عن المال والشهرة في بيروت، أصطدما بنمر ونيشان كممثلين للطبقات الغنية مالا وسلطة،المنحطة سلوكا وأخلاقا.هذا الصدام ولد الصراع بين الطبقتين ما أدّى إلى استشرافهما المصير القاتم الذي ينتظرهما. فياسمينة تقول: "سأتابع خطة الانتظار والصمت بانتظار سقوط المقصلة فوق رقبتي أحس أنها هناك وأنها ستسقط" ص51 ثم تسقط المقصلة فعلا إذ يقتلها أخوها .وفرح يبدأ صراعه الداخلي ويستشرف نهايته حتى قبل أن يلتقي نيشان إذ يقول ويكرر "آه كم أنا ضائع ووحيد" (بيروت، ص 17-19). وفي مكان آخر: "أني أتعذب باستمرار وأشعر بأنّ رجلين يقتتلان داخل جسدي" ص 92، ثم ينتهي إلى الموت المعنوي، الكوابيس والجنون.

 

 الرواية تعكس بصدق شديد إرهاصات ما قبل الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت بعد بضعة أشهر فقط من صدور الرواية. وقد أبدت فيها الكاتبة حساسيتها الشديدة لما يجري على الساحة اللبنانية عامة،وفي بيروت بشكل خاصة وعبّرت عن صدق مجسّاتها من خلال العرافة التي لا شكّ أنّها تمثل غادة السمان نفسها التي تنبّأت بالحرب.

 

فالرواية تناقش الثمن الأخلاقي الذي يدفع مقابل التغلب على الفقر، مما يضع الأبطال أمام اختيار صعب:“هل أهرب بذاتي وأعود فقيرا جائعا أم استمر ببيع أخلاقي مقابل حياة تسلبني ذاتي لكن تلبي احتياجاتي؟”.

 

 

 



.