ليلة الأمس حلمت بك. كيف عرفت عنوان مخدعي؟ كيف اقتحمت خلوة نومى ؟ كيف أقنعت هواجس الليل ، بالتخلى عن مطاردتى ؟ كيف قفزت فوق الأسلاك الشائكة ، التى تحاصر غرفتى ؟ غفوت ليلة الأمس ، بعد أن قرأت آخر الأخبار . لاشئ جديد تحت الشمس ، الا ظلام الأفق، و الدم ، وانحسار الأحلام . لا شئ جديد تحت الشمس ، الا أننا نحيا ، ليس كما يليق بالبشر . ونموت ، بالصدفة . نموت ، قبل أن ينتهى العمر . نموت ، دون أمنية أخيرة . وفجأة ، تظهر "أنت" ، ضوءاً، مبهراً، يشق عتمة الليل . منْ أنت ؟ سافرنا . عند " البحر " ، توقفنا . سبحنا معا ، حتى بلاد ، لا تسأل عن الاسم ، والديانة ، و فصيلة الدم ، والحالة الاجتماعية . عيناك ، والبحر ، والسماء ، حصار أزرق ، يفك قيودى . مشينا فوق سحابات بيضاء ، تمطر بالبهجة ، وأسرار الغِناء . أودعت بين يديك ، قصائدى . أهديتنى أحزانك . أخبرتك ، أن هذا العالم ، ليس بيتى . لكننى أواصل الحياة ، لأننى لا أقبل الهزيمة . قلت لى : " تعاقب الليل والنهار ، يدفعنى الى الجنون ... تكرار المواسم ، والفصول ، يفزعنى .. كل الأشياء غريبة عنى ، اسمى ، وملامحى ، ودمى ... لا أحتمل وجود الناس حولى .. " . فى الصباح ، كنت على موعد ، مع صديقتي ، لتناول الغداء، في المطعم ، المطل على النيل ، وعلى كل أسرارنا . المفاجأة ، تجمدنى فى مكانى . أهمس " هذا غير معقول .. غير ممكن .. مستحيل . ؟ " أنت " تدخل المكان . تختار مائدة ، فى الركن البعيد . سألتني صديقتي: "ماذا بك . ؟ " قلت: " ليلة الأمس ، جاءني رجل لا أعرفه ، في المنام... وها هو ، اليوم، وهنا والآن ، أمامى . أتأملك وأنت تتناول غذاءك . بك شيء ، من النبل المتوحش، لا تدركه إلا امرأة ، تهوى الخطر. رجولتك لها مذاق الشجن، تأسر دون جهد، تغازل في صمت ، بالغ الأدب. لك جاذبية ، تناجي شيئاً طال غيابه. من عينيك ، يطل حزن ، لا تداويه نساء الدنيا. يشع من روحك قلق، لا يسكن ، الا قلب فنان ، مبدع . ألهذا ترتدي نظارتك الشمسية، حتى في الحجرات المغلقة . ؟ اخلع عنك نظارتك، وأطلق حزنك في وجه العالم. لا تخفي خطوط الزمن ، المرتسمة على ملامحك . إن لم تنل استحسان العالم، فهذه مشكلته، لا مشكلتك أنت. "أنت" رائع هكذا . بأحزانك، ومتاعبك . تصور ، أنت فى هذه اللحظة ، تخلع النظارة السوداء ، كأنك تقرأ خواطرى . لم أنشغل بتخيل لون عينيك . فقد عرفته ، فى الحلم ، ليلة أمس . فرغت من طعامك ، ثم اختفيت . ترمقني صديقتي ، بنظرات شفقة : " حياتك كلها أوهام في أوهام. تصنعين من الخيال حقيقة، ومن الحلم واقعاً، ومن نسمة هواء عاصفة، ومن قطرة ماء ، بحراً تغرقين فيه وحدك". أقول " ما الحياة الا ، وهم كبير " . قلت : " قصة جديدة فى الأفق . " تهمس صديقتي "دائماً الكتابة ولا شيء غيرها". نعم ، دائماً وأبداً الكتابة . ولا شيء ، غيرها . أهناك شىء ، يستحق ، الا الكتابة " . ؟ لولا الكتابة ، ما كنت هزمت الأوهام . فى الصباح التالى ، استيقظت فى منتهى الارهاق . كان نومى مؤرقا ، متقطعا . لايهم ، " فالقهوة " دائما ، تصلح ما أفسده الليل . القهوة دائما ، عزائى ، حين أشتاق الى العزاء . سقط قلبى ... توقفت أنفاسى .. تجمدت عيونى .. فى الجريدة ، أرى صورتك ، وقد كُتب فوقها ، بخط أسود .. " يفجر رأسه ب طلقة رصاص .. ترك رسالة تقول : الى كل منْ يهمه أمرى ... لا تحزن .. الآن ، ولأول مرة ، أنا بألف خير ". أبدأ فى ارتشاف القهوة ، شاردة ، نحو أفق لانهائى . ترى هل أنا التى يقصدها فى الرسالة ؟ غير معقول . نحن لم نلتق الا فوق سحابات المنام . لم أعد أدرى ، ما الحلم ؟ وما الحقيقة ؟ كل ما أدريه ، أن " القهوة " ، هذا الصباح ، لن تصلح ما أفسده الليل ، ولن تطفئ اشتياقى الى العزاء .
فعاليات
مناقشة رواية النباتية لهان كانج الحاصلة على جائزة نوبل للأدب
نوفمبر 08, 2024
تمت منااقشة رواية النباتية يوم الجمعة 8 نوفمبر 202...
Art Auction: Support Palestinian Families in Gaza
أكتوبر 18 - 20, 2024
Join us on October 18th for Art for Aid, an online...
مناقشة نصف شمس صفراء لشيماماندا نجوزي أديتشي
سبتمبر 28, 2024
تمت مناقشة رواية نصف شمس صفراء للكاتبة النيجيرية ش...
إدوارد سعيد: الثقافة والإمبريالية
يوليو 27, 2024
تمت مناقشة كتاب الثقافة والإمبريالية لادوارد سعيد...