سياسة أميركا الخارجية - الثروة النفطية والأطماع الأميركية - حرب أميركا بين الإرهاب واستهداف الإسلام - إدارة بوش بين الحرب الوقائية وقانون الوطنية - الديمقراطية الأميركية ودعم إسرائيل - الشرق الأوسط ومخططات الإدارة الأميركية - الشعوب العربية ومواجهة المخططات الأميركية
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييكم على الهواء مباشرة وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج بلا حدود، تغيَّر وضع النظام العالمي في أعقاب سقوط الاتحاد السوفيتي وانهياره بداية العقد الأخير من القرن الماضي وتفردت الولايات المتحدة بقيادة العالم لكن الصورة تغيرت تماما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر حيث تفردت الولايات المتحدة ليس بقيادة العالم فحسب وإنما بصياغة قوانينه وتحديد نظمه وأعلن الرئيس الأميركي بوش أن حرب أميركا على الإرهاب قد بدأت وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات لم تنته الحرب ولم ينته الإرهاب، بعدها أعلن الرئيس الأميركي بوش مع فترة ولايته الثانية أن حربه بدأت على الأنظمة الديكتاتورية والحُكام المستبدين ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب وإنما في مناطق مختلفة من العالم فأسقط نظام الحكم في العراق وأرسل إنذاراته إلى أنظمة حكم أخرى وفي هذه الحلقة نحاول فهم المخططات الأميركية في ظل القانون الدولي مع البروفيسور فرانسيس بويل أستاذ القانون الدولي والعلوم السياسية في جامعة إلينوي في شيكاغو بالولايات المتحدة الأميركية، التحق فرانسيس بويل في جامعة شيكاغو عام 1968 حيث رُشح كنابغ للانضمام للجمعية الطلابية الفخرية للنابغين، حاز على الدكتوراه في القانون من جامعة هارفارد عام 1978 وعلى الدكتوراه في العلوم السياسية من نفس الجامعة عام 1983، انضم إلى مدرسة القانون في جامعة إلينوي عام 1978 حيث يقوم بتدريس قانون العلاقات الدولي وحقوق الإنسان الدولي والقانون الدستوري للولايات المتحدة والعلاقات الدولية والقضاء إضافة إلى قانون المنظمات الدولية والسياسة الدولية والقانون الدولي، له الكثير من المؤلفات التي يعتبر بعضها مراجع أساسية في القانون الدولي منها السياسة الدولية والقانون الدولي الذي نشرته جامعة ديوك ودفاع عن المقاومة المدنية في القانون الدولي ومستقبل القانون الدولي والسياسة الخارجية الأميركية والشعب البوسني جريمة الإبادة وأُسس النظام العالمي، جريمة الخيار النووي، فلسطين والفلسطينيون والقانون الدولي وقد تُرجم هذا الكتاب إلى اللغة العربية، تدمير النظام العالمي والإمبريالية الأميركية في الشرق الأوسط بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وتُرجم هذا الكتاب أيضا إلى اللغة العربية، محام ممثل للشعب الشيشاني، مستشار قانوني لوفد فلسطين المفاوض بين عامي 1991 و1993، عضو مجلس إدارة هيئة إمنستي إنترناشيونال لحقوق الإنسان ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بنا بعد موجز الأنباء على أرقام هواتف البرنامج: 009744888873 أو على رقم الفاكس: 00974890865 أو يكتبوا إلينا عبر موقعنا على شبكة الإنترنت http://www.aljazeera.net/ بروفيسور فرانسيس بويل مرحبا بك.
الثروة النفطية والأطماع الأميركية فرانسيس بويل: السلام عليكم وأطيب تمنياتي لمشاهدينا الكرام.
أحمد منصور: وعليكم من السلام شكرا جزيلا لك، أود في البداية أن أسألك عن رؤيتك القانونية لما آل إليه وضع النظام العالمي في ظل الهيمنة الأميركية على العالم؟
فرانسيس بويل: نعم علينا أن نفهم أن معظم النظام العالمي الذي رأيناه يعود في تاريخه إلى فترة تأسيس منظمة الأمم المتحدة وكل قواعد القانون الدولي والمؤسسات الدولية التي تأسست تحت رعاية الأمم المتحدة والتي كانت حين ذاك فكرة الرئيس فرانكلين روزفلت، الآن ما ترونه في ظل حكم جورج بوش الابن والمحافظين الجدد من البيروقراطيين هي محاولة لتهديم هذا النظام العالمي وتقويض الأمم المتحدة وعكس بعض أسس القانون الدولي وحقوق الإنسان وفي كتابي أقول إن هذا مشابه تماما لذلك الوضع الذي رآه العالم في منتصف الثلاثينيات عندما رأينا هجوما على عُصبة الأمم من قِبَّل القوى الفاشية المهيمنة في ذلك الوقت وأرى ما نراه اليوم أيضا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن أميركا تريد الحفاظ على مصالحها، ما الذي يمنع الولايات المتحدة في ظل الحفاظ على مصالحها من أن تنتهج هذه السياسة وتعتبر مهددة؟
فرانسيس بويل: نعم الحادي عشر من سبتمبر استُخدم كذريعة لسياسة انتهجتها الولايات المتحدة لتقوم ما سماه أستاذي بالهيمنة في العالم، من أجل السيطرة على موارد النفط والغاز في العالم والذي وضعها الله تحت تصرف الشعوب العربية والإسلامية في معظم أجزائها وأيضا للتخلص من أية معارضة في العالم وهذا أمر خطير للغاية.
أحمد منصور: يعني أنت تؤكد دائما في كتاباتك على رغبة الولايات المتحدة في السيطرة على النفط والغاز في المنطقة، إذا كانت الولايات المتحدة تحصل على النفط والغاز من دول المنطقة بسهولة تامة وبأسعار تفضيلية وتضمن تدفق هذا إلى الولايات المتحدة، ما الذي يهمها في قضية السيطرة على النفط والغاز وهو بالفعل تحت يديها دون أن تكون في حاجة إلى أن تقوم بذلك؟
فرانسيس بويل: هذا هو النفط والغاز الطبيعي الذي يحتاجه بقية العالم وليس الولايات المتحدة ولكن بقية العالم، لو سيطرنا على النفط والغاز الطبيعي في بحر قزوين كما هي الحرب في أفغانستان التي قامت على هذا الأساس والآن في الخليج العربي والذي بسببه كانت الحرب على العراق، إذاً أميركا عند ذاك ستسيطر على مستقبل الاقتصاد العالمي حتى انتهاء النفط والغاز في العالم وعلى الجميع أن يخضعوا لإملاءات أميركا وهذا لا يمكن أن يحدث بشكل مباشر.
أحمد منصور: بروفيسور بويل كثيرون يقولون بأن العرب لم يستفيدوا من النفط بالشكل المطلوب وكانوا سفهاء في التعامل مع هذه الثروة التي تقول أنت أن الله قد منحها لهم وبالتالي فإن الأميركيين والأوروبيين يرون أن من حق الذين يعرفون قيمة النفط ويقومون باستخدامه على الوجه الصحيح أن يسيطروا عليه، لماذا تعارض ذلك؟
فرانسيس بويل: حسنا في ظل القانون الدولي الدول العربية والشعوب العربية هي التي تمتلك الحق في السيطرة على مواردها الطبيعية وهذا مكفول بالحقوق العالمية للحقوق المدنية والإنسانية وميثاق الحقوق الاقتصادية وواجبات الدول وأيضا الدول العربية والشعوب العربية لها الحق الطبيعي في التصرف بثرواتها بالشكل الذي تراه مناسبا، للأسف أميركا وبريطانيا تحديدا استخدمت أسلوب فرِّق تسُد بين الدول والشعوب العربية والحكومات العربية وحاولت التلاعب ببعضها البعض ضد البعض الآخر في محاولة للحصول على النفط مقابل أسعار رخيصة وتأمين مصالح كبيرة.
أحمد منصور: بعض الذين يرون أن ما تطرحه غير مقبول يقولون إذا كانت الولايات المتحدة تستطيع أن تسحق الضعفاء أو غيرها من القوى الأخرى، تستطيع أن تسحق الضعفاء بحذائها للحصول على ما تريد فما الذي يمنعها من ذلك والعالم كله يقوم على عملية صراع القوى والحصول على ما يمكن أن يحصلوا عليه؟
فرانسيس بويل: هذا صحيح، التخطيط لسرقة حقول النفط العربية يعود إلى فترة عهد كارتر وما يسمى قوة التدخل السريع التي حاولوا إنشاءها وكانت كردة فعل على المقاطعة العربية للنفط ضد أوروبا الولايات المتحدة في عام 1973 وتضامنا مع الدول التي حاولت استرجاع أراضيها التي سرقتها إسرائيل التي تدعمها الولايات المتحدة، أنا أوثِّق هذا في كتابي، هذه كانت سياسة استغرقت نحو ثلاثة عقود لتطوير القوات الجوية والعسكرية التي تسمى الآن بالقيادة المركزية والمعدات والتدريب لتنفيذ هذه المهمة وهذا ليس محض مصادفة، هذه الحرب ضد أفغانستان وضد العراق كانت قيد التجهيز لفترة من الزمن، هناك خطة ونحن نرى القوات العسكرية الأميركية وهي تمارس عملياتها في مختلف أنحاء العالم وأيضا في محاولة للهيمنة على احتياطيات كبيرة من النفط والغاز أيضا في بلدان أخرى مثل جيبوتي وغيرها التي يجب أن يتدفق عبر أراضيها هذا النفط، إذاً المسألة ليست هي حاجة أميركا من النفط والغاز بل قدرتها على التحكم على مستقبل اقتصاد العالم الذي يستند إلى النفط والغاز فالكل يحتاجهما.
أحمد منصور: معنى ذلك أنك تتهم الولايات المتحدة بأنها تسرق نفط العرب وأن الحرب التي قامت على أفغانستان والعراق بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر كان يُخطَّط لها منذ ثلاثين عاما؟ أسمع منك الإجابة بعد فاصل قصير، نعود إليكم بعد فاصل قصير لمتابعة هذا الحوار فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
حرب أميركا بين الإرهاب واستهداف الإسلام أحمد منصور: أهلا بكم من جديد بلا حدود، في هذه الحلقة التي نستضيف فيها البروفيسور فرانسيس بويل أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية والعلوم السياسية في جامعة إلينوي في شيكاغو بالولايات المتحدة الأميركية ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الكتابة عبر موقعنا على شبكة الإنترنت http://www.aljazeera.net/ أو يتصلوا بنا على أرقام هواتف البرنامج أو الفاكس التي ستظهر تباعا على الشاشة هاتف رقم 009744888873 فاكس رقم 009744890865، بروفيسور بويل كان سؤالي لك أو أنك قلت بأن الولايات المتحدة تسرق نفط العرب وأنها خططت لتلك الحروب التي قامت في أفغانستان والعراق بعد الحادي عشر من سبتمبر قبل ثلاثين عاما من وقوعها.
فرانسيس بويل: هذا صحيح، خطة الحرب لأفغانستان نفسها تعود على الأقل عام 1979 وقبل الحادي عشر من سبتمبر الولايات المتحدة وحلف الناتو وبريطانيا بدأت بتهيئة قوات كبيرة الحجم في الخليج الفارسي وفي مصر وفي تركيا، أما بالنسبة للعراق فأنتم تعلمون أنهم يحاولون سرقة نفط العراق لفترة لا يُستهان بها، القيادة المركزية التي تتولى عمليات تنفيذ هذه الحروب والسيطرة والهيمنة على منابع النفط ولغاز الطبيعية في جنوب شرق آسيا، التخطيط لهذه الحرب يرجع إلى فترة كارتر وقاموا بأول هذه الخطوات من حيث إنشاء القيادة المشتركة في ظل حكم كارتر في ظل رعاية برجينسكي وبالمناسبة أنا في جامعة هارفارد قُمت بنفس برنامج الدكتوراه وهذه هي الطريقة التي درَّبوا بها برجينسكي وكسينغر ولا احترام هناك أبدا للاحترام الدولي وتفكيره تفكير ميكافيللي بحت وأيضا من فترة كارتر حتى يومنا هذا في حكم بوش الابن تم تنفيذ هذه الخطة الآن فقط.
أحمد منصور: في كتابك الإمبريالية الأميركية في الشرق الأوسط قبل وبعد الحادي عشر من سبتمبر قلت نشاهد اليوم حربا صليبية جديدة يقوم بها الأوروبيون المسيحيون البيض وقواهم الاستعمارية ضد بليون ومائتي مليون مسلم في العالم متواجدين في 58 دولة غالبيتهم مصنفون كشعوب ملونة في العقول الأوروبية الاستعمارية والذين هم في نفس الوقت يمتلكون أضخم مصادر البترول والغاز التي يحتاجها الغرب لاستمرار حضارته، هذا اتهام خطير على أي شيء استندت إليه؟
فرانسيس بويل: إن بوش الابن نفسه كرر ذلك عدة مرات أنه يقود حملة صليبية ضد الإرهاب كما يصفه هو ولكن الكل يعلم أن هذا مجرد ذريعة لسرقة النفط والغاز وهناك مكوِّن ديني في هذه القضية وليس من قبيل المصادفة أبدا عندما ترى إلى أن الحكم الأبيض الغربي قد تعامل مع المسيحيين والمسلمين في فلسطين، فالمسلمون حاليا في العراق وهناك أيضا مسيحيون أيضا وهناك مسلمون في أفغانستان وهناك مسلمون في الشيشان الذين يمثلهم حكومة الشيشان والمسلمين في البوسنة، انظروا إلى ما فعلوا للمسلمين في ليبيا، ما ترونه كقواسم مشتركة هنا هو شعوب مسلمة وفي إيران أيضا الآن التي تتعرض لتهديدات بهجمات هم أيضا، ما هو مشترك بين كل هؤلاء هو النفط والغاز والدين الإسلامي وفيما عدا الشيشانيين والبوسنيين فهم أيضا من الملونين، انظروا إلى غوانتانامو، الرجال في غوانتانامو هم مسلمين ملونين وقد عوملوا على مدى ثلاث سنوات حتى الآن كالحيوانات مثل كلاب في أقفاص، النازيون لهم تسمية لهذه وهي احتجاز من هم دون مرتبة البشر حسبما كانوا يسمون اليهود واليوغوسلافيين والغجر المتنقلين، نحن الآن نتبع نفس الأسلوب نحو المسلمين الملونين وغوانتانامو إنما هي دليل على ذلك ولو كنت تعيش هنا في الولايات المتحدة فإن التعصب والعنصرية ضد العرب والمسلمين منتشر ووسائل الإعلام تغطيها باستمرار، كل ما عليك أن تفعله هو أن تدير محطتك على الفوكس والسي إن إن وغيرها سترى أن القيادة هنا في أميركا وفي بريطانيا ولدرجة أقل في العالم الغربي تحاول حشد عواطف ومشاعر مضادة للعرب والمسلمين من أجل الحرب ضد الإرهاب كما يسمونها والتي هي حرب من أجل النفط والغاز وضد الشعوب من العرب المسلمين الملونين وأنا أوجه السؤال ثانيةً إلى مشاهديكم لينظروا إلى ما تقوم به الولايات المتحدة وبريطانيا وليس ما تقولانه وما تفعلانه فعلا للشعوب العربية والمسلمة في مختلف إنحاء العالم، ارسموا خريطة.. انظروا أين القوات العسكرية الأميركية والبريطانية والاسترالية في العالم وأين تلتقي وأين تتحرك بأي اتجاه لترون أنها من أجل السيطرة على النفط والغاز في الدول العربية والإسلامية تحت ذريعة الحرب ضد الإرهاب وهم أيضا يحشدون العواطف المضادة ضد المسلمين في الولايات المتحدة.
أحمد منصور: بروفيسور بويل هذه الرؤية هل يشاطرك فيها أحد أن ما يحدث الآن هي حرب صليبية من البيض تجاه المسلمين وأن كل الأطر المقصودة من وراء هذا الأمر هم المسلمون كدين ونفط العرب والمسلمين كثروة؟ أسمع منك الإجابة بعد موجز قصير للأنباء، نعود إليكم بعد موجز قصير للأنباء لمتابعة هذا الحوار مع البروفيسور فرانسيس بويل أستاذ القانون الدولي والعلوم السياسية في جامعة إلينوي في شيكاغو فابقوا معنا.
[موجز الأنباء]
إدارة بوش بين الحرب الوقائية وقانون الوطنية احمد منصور: أهلا بكم من جديد بلا حدود، في هذه الحلقة التي نستضيف فيها البروفيسور فرانسيس بويل أستاذ القانون الدولي والعلوم السياسية في جامعة إلينوي في شيكاغو بالولايات المتحدة الأميركية ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بنا عبر أرقام هواتف البرنامج 009744888873 وعبر الفاكس 009789865 أو يكتبوا إلينا عبر موقعنا على شبكة الإنترنت www.aljzeera.net موضوعنا هو السياسة الأميركية اتجاه الشرق الأوسط والمنطقة العربية في ظل القانون الدولي، اتَّهمت الولايات المتحدة بأنها تخوض حربا صليبية وطلبت من مشاهدينا أن ينظروا عبر الخريطة إلى المواقع التي تتواجد بها القوات الأميركية والبريطانية والأسترالية ليجدوا أنها تتواجد في مناطق ينطبق عليها صفتان أساسيتان، الصفة الأولي أنها مناطق دول إسلامية والصفة الثانية أنها مناطق دول غنية بالنفط، هل هناك في الولايات المتحدة من يشاطرك في هذا التفسير أم إنه تفسير يتعلق بك وحدك؟
فرانسيس بويل: نعم كما ترون فإنني كرَّست كتابي لرمزي كلارك زميلي وصديقي الذي كان وزيرا للعدل سابقا في الولايات المتحدة، أنا عملت معه على مدى عشرين عاما حول قضايا فلسطين والعراق وليبيا وأيضا بلدان عربية وإسلامية أخرى وقضايا عربية وإسلامية أخرى وأعتقد أنه يرى الأمور كما أراها أنا ولهذا السبب نحن على اتصال مستمر ولهذا السبب أهديت كتابي له.
أحمد منصور: في كتابك الإمبريالية الأميركية في الشرق الأوسط قبل وبعد 11 سبتمبر وجَّهت اتهامات قانونية للولايات المتحدة الأميركية واتهمتها بارتكاب جرائم حرب ومجازر وانتهاكات للقانون الدولي، على أي شيء استندت وما الذي ارتكبته الولايات المتحدة في الشرق الأوسط يرتقي إلى مستوى هذه الاتهامات؟
فرانسيس بويل: إن أكثر الاتهامات خطورة وهو الحرب الوقائية التي إدارة الرئيس بوش وإدارته المحافظين الجدد استخدمتها كعقيدة لتبرير الحرب ضد العراق ويهددون اليوم بشن الحرب في مناطق أخرى من العالمين العربي والإسلامي وعقيدة الحرب الوقائية هذه قد رُفضت في محاكمات نيوننبرج عندما المحامون الذين كانوا يدافعون عن المتهمين النازيين الرئيسيين إذ حاولوا استخدام هذه العقيدة لتبرير فظائعهم التي ارتُكبت في الحرب العالمية الثانية ومن وجهه نظري ومنظوري أنا وما يخص مناقشاتنا هذا اليوم إننا نري أكبر قدر من المسؤولين بما فيهم الرئيس ونائب الرئيس، وزير الدفاع، وزير الخارجية والآن أيضا السياسة الرسمية الأميركية تدعو إلى شن الحروب التي وهي من النوع.. من نوع الحروب التي أدانتها محاكم نيوننبرج سابقا.
أحمد منصور: لكن أميركا تشعر بالفخر أنها خلَّصت العراق والشعب العراقي ومنطقة الشرق الأوسط من ديكتاتور مستبد هو صدام حسين وإنها تسعى لترسيخ الديمقراطية وقيمها ليس في العراق وحده وإنما في المنطقة كلها الآن.
فرانسيس بويل: أنا لديّ نقطتان هنا في الرد على هذا الكلام، أولا الرئيس بوش الابن وإدارته يحاولان تدمير الديمقراطية وحكم القانون هنا في الولايات المتحدة الأميركية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف؟
فرانسيس بويل [متابعاً]: فقانون الوطنية الأميركي هو محاولة لإقامة دولة بوليسية أن قانون الوطنية.. وقانون الوطنية رقم اثنين هو محاولة لإقامة دولة بوليسية ولا توجد قيود على أعمال مكتب التحقيقات الفدرالي الـ أف بي آي وهم أحرار في استجوابي واعتقالي وتوقيفي ومراقبة أيا من يشاؤون والدخول إلى منازل الناس، أنا شخصيا اثنان من عملاء الـ إف بي آي جاؤوا إلى مكتبي من دون موعد مسبق وحققوا معي لمدة ساعة في محاولة لجعلي أتحدث عن العالم العربي والإسلامي وحاولوا تجنيدي كمخبر وهو أمر رفضته أنا ولو فعلوا ذلك لي وأنا محامي وأستاذ قانون فبإمكانك أن تتخيل ماذا يمكن أن يفعلوا للآخرين في هذا البلد، إذاً هذا أمر هُراء أن يتحدث الرئيس بوش عن الديمقراطية في العالم العربي عندما هم يسعون جاهدين لبناء دولة بوليسية هنا في الولايات المتحدة، المؤسسة العسكرية الأميركية تشترك الآن وتضطلع في فرض القانون الداخلي برغم وجود قوانين من الكونغرس تخالف ذلك وتمنع اشتراك المؤسسة العسكرية في فرض القانون على المستوى الداخلي، إذاً إدارة الرئيس بوش تحاول خلق دولة بوليسية هنا في الولايات المتحدة..
أحمد منصور: أين؟
فرانسيس بويل: ونحن كمحامين..
أحمد منصور: بروفيسور اسمح لي..
فرانسيس بويل: نكافح ضد ذلك..
أحمد منصور: أين أساتذة القانون في الولايات المتحدة وأين حُماة القانون في الدولة التي كانت تُعتبر الديمقراطية الأولى وأين الكونغرس ورجاله إذا كنت أنت تقول إن الإدارة تفعل ذلك فهناك من يحميها من رجال الكونغرس أو من يصدِّق على تلك القوانين أين كل هؤلاء؟
فرانسيس بويل: إن معظم أعضاء الكونغرس ساير هذه اللعبة فهم خائفون من تحدي إدارة بوش الابن، هم فعلا خائفون مما يحدث هنا ورأيت عضو مجلس الشيوخ الذي مات في حادث طائرة غامض، هناك سلسلة من الحوادث التي تعرض لها أعضاء الكونغرس من الذين كانوا يعارضون ما يفعله الرئيس بشدة، هناك محامون يحاولون قدر إمكانهم إيقاف إقامة هذه الدولة البوليسية وأنا بنفسي قمت بشنّ حملة ضد الرئيس بوش ونائب الرئيس تشيني ووزير الدفاع رامسفيلد والآن جونزاليس وزير العدل الذي يتحمل المسؤولية القانونية لفضيحة التعذيب التي نراها في غوانتانامو ونراها في العراق أيضا، فقد ارتكب جرائم حرب انتهاكا لبروتوكولات وقوانين جنيف وأيضا قانون الحرب للعام 1947، نعم نحن كمحامين إذاً نكافح ضد هذا وعامة الشعب يكافحون ضده ولكنه كفاح طويل ومرير خاصة إذا كانت الإدارة الأميركية هي التي تسيطر وتهيمن على وسائل الإعلام فيصبح من شبه المستحيل لنا إيصال رسالتنا إلى التيار العريض من وسائل الإعلام، الكل يعرفون من أنا ولكنهم لن يتيحوا لي الفرصة في السي إن إن وفوكس وغيرها لأشرح ما يحدث ولهذا السبب الجزيرة يجب أن تقيم محطة خدمة لغة إنجليزية فضائية لتبث في داخل الولايات المتحدة وتقدم بديلا ورسالة بديلة للرأي العام الأميركي.
أحمد منصور: ربما تكون القناة الإنجليزية قبل نهاية العام تبث إلى من يتقنون اللغة ولكن أنت الآن أثرت نقطة خطيرة جدا وهو أن الذين يعارضون سياسات بوش يتعرضون للتصفية ويعني هناك حوادث غامضة وأنت تعرضت لعملية، يعني نحن نتحدث الآن عن الولايات المتحدة وليس دول العالم الثالث، هناك عمليات طرد وإبعاد وتهميش لكل من يعارض هذا من أساتذة الجامعة وآخرهم وارد تشرشل الأستاذ في جامعة كلورادو، أما تخشى أن تكون أنت الضحية القادمة أيضا؟
فرانسيس بويل: حسنا ما هي البدائل أمامي؟ عليّ أن نقف وأن نكافح أنا محامي، أنا مواطن أميركي والدي كان محاميا وكان يخدم في الحرب العالمية الثانية سلاح مشاة البحرية وإذاً علي أن أقف وأقاتل، السيد كلارك يفعل ذلك والكثير من المحامين أيضا يتخذون مواقف ويدافعون.. يكافحون لم نصل بعد إلى تلك المرحلة التي يتم فيها تصفية المناوئين ولكن رأيتم ما حدث في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر في ظل ولاية أشكرُف عندما كان وزيرا للعدل، ألف ومائة عربي ومسلم تم اعتقالهم ولم يعلم أحد أين هم، كان هناك نساء يتصلون بي يسألون عن مصير أزواجهن حتى وزارة العدل وأيضا أصدرت تقريرا حول هذا قالت إن فيه انتهاكات ضد هؤلاء الرجال، رأينا أيضا العرب والمسلمين في أميركا يتم معاملتهم وكأنهم دون مرتبة البشر سواء كانوا من المقيمين أم من المواطنين الأميركيين، الـ إف بي آي الآن تحاول اختراق المساجد والمراكز السكانية وأيضا هناك مواطنين أميركيين يعودون من المؤتمر الإسلامي في كندا يتم إيقافهم في الحدود واحتجازهم ومعاملتهم بدون احترام وأيضا يتم نهب سياراتهم هذا ما حصل لي عندما كنت عائدا من كندا تم إيقافي من قِبل مسؤولين الأمن الداخلي احتُجزت لمدة ساعة و45 دقيقة تم التحقيق معي بشكل مكثف وحتى أسوأ مما يفعلون في مطار بن غوريون في إسرائيل وفتشوا في ممتلكاتي الشخصية كلها بما في ذلك صور زوجتي وأطفالي في محفظتي والتي أخذوها لمسوها بأصابعهم ليُظهر أمامي مَن هو المسيطر على الأمور، نعم أنت محق فيما تقول في ظل بوش هذه تصبح جمهورية موز وقد أوردت هذا في كتابي وقلت إن هذه هي إحدى النقاط التي نحاول فيها تنحية الرئيس بوش قانونا لأنهم يحاولون إقامة دولة بوليسية هنا في أميركا.
أحمد منصور: كيف تستطيع أن تُنحي الرئيس بوش قانونا وأنت الآن يمكن أن تُتهم بأنك تُشوه صورة الولايات المتحدة في العالم وتُشوه الإدارة الأميركية في الوقت الذي تتعرض فيه لعمليات إرهاب وتريد أن تحافظ على مصالح الولايات المتحدة في الخارج؟
فرانسيس بويل: هذا هو الكلام الرسمي المُعلن والتفوُّهات الكلامية، الكونغرس حتى الآن يُحجم وأعتقد أنه هناك دعم لمشروع قانون تنحية بوش، أنا ورمزي كلارك حاولنا تنحية جورج بوش أخذ سبب لحربه ضد العراق..
أحمد منصور: على أي شيء تستندون في عملية التنحية.. على أي شيء قانوني تستندون؟
فرانسيس بويل: إن بإمكانك أن تقرأ مشروع مسودَّة.. مشروع تنحية الرئيس بوش والذي تمت المناظرة والجدل حوله في واشنطن ديسيه وأيضا المادة الأولى تتعامل مع محاولاتهم لخلق دولة بوليسية في الولايات المتحدة وانتهاك الدستور وحقوق الإنسان، ثانيا شن حرب عدوانية ضد العراق من أجل سرقة النفط، ثالثا أيضا ارتكاب جرائم حرب كبيرة ضد شعب العراق وكما تعلمون فإن هناك دراسة من وجود 100 ألف عراقي قُتلوا منذ بدء هذه الحرب وقبل الحرب عندما كانت هناك العقوبات الأميركية مطبَّقة ضد العراق قد طالت مليون ونصف عراقي 500 ألف منهم كانوا أطفالا وتقدمت أنا بشكوى بالنيابة عنهم إلى الأمم المتحدة ولكن الأمم المتحدة رفضت عمل أي شيء لمساعدة أطفال العراق وعلاوة على ذلك هناك انتهاكات بالجملة من قِبل إدارة الرئيس بوش لاتفاقيات جنيف ،هناك جرائم حرب، التعذيب في غوانتانامو، التعذيب في أبو غريب، عمليات اغتيال السي آي إيه الآن حرة بالقيام بها في مختلف أنحاء العالم ولو نظرت إلى كتابي لرأيت أن لائحة الاتهامات التي يمكن أن يُتهموا بها تمتد على مدى صفحتين ويجب الآن أن نضيف إليها المزيد مما حدث في العامين الماضيين.
الديمقراطية الأميركية ودعم إسرائيل أحمد منصور: بروفيسور بويل الآن لو رجعت إلى قضية العراق، الآن أميركا تقول بأنها أجرت انتخابات حرة ونزيهة في العراق، انتخب الشعب العراقي لأول مرة منذ ما يزيد أو ما يقرب من خمسين عاما لأول مرة ينتخب حاكم حُر وينتخب من يحكمه، ما تقييمك في عُرف القانون الدولي للانتخابات التي جرت أو التي أجرتها أميركا في العراق؟
فرانسيس بويل: نعم وأود إيضاح هنا، أنا لست هنا لانتقاد أي من القادة العراقيين ولكن في ظل قرار مجلس الأمن الذي يتعامل مع وضع.. وضع الأميركان والبريطانيين في العراق فهناك هم ما يسمون بالمحتلين..بقوة الاحتلال في العراق واستنادا لاتفاقية جنيف لعام 1949 وأيضا قانون لاهاي وقوانين الحرب فإن في ظل هذه القوانين الدولية بإمكانهم إذا ما شاؤوا إقامة حكومة تكون دمية لهم حتى تجد هذا في سلسلة تعليمات الجيش الأميركي في حالات الحرب، حتى الحكومة الأميركية تعتبر وتعترف بأن هذا ينطبق على حالة العراق فما يسمى بهذه الانتخابات تمت في ظل احتلال لإقامة ما يسميه القانون الدولي حكومة تابعة أو حكومة دمية ويذكرنا هذا بما فعله النازيون في أوروبا..
أحمد منصور: أما تعتبر هذه الحكومة..
فرانسيس بويل: النقطة تبقى أن الولايات المتحدة..
أحمد منصور: أما تُعتبر هذه الحكومة حكومة شرعية حتى في ظل هذا التوصيف الذي وصفته.. أما تعتبر هذه الحكومة حكومة شرعية حتى في ظل هذا التوصيف الذي ذكرته؟
فرانسيس بويل: ليس في حسب توصيف القانون الدولي، المشروعية ستأتي عندما الحرب تنتهي والولايات المتحدة وبريطانيا تنسحبان والشعب العراقي بإمكانه أن تكون له حكومة ديمقراطية منتخبة بشكل حر وليس في ظل سيطرة وهيمنة القوات العسكرية الأميركية والبريطانية، الذي حدث بالضبط أنا هنا لست بصدد انتقاد أي قادة عراقيين نعتقد أن بعضهم شارك فيها بحسن نية في هذه العملية ولكن تذكروا أن العملية برمتها قد وُضِعت وانطلقت من قبل السيد بريمر الذي في ظل ما يسمى بسلطة الائتلاف المؤقتة التي أدارت سلطة الاحتلال في العراق وهذا ما نراه اليوم، الولايات المتحدة بإمكانها أن تفعل ذلك في ظل القانون الدولي إن شاءت ولكن هذا لن يغير شيئا من كونها حكومة دمية تحت سيطرة وهيمنة الولايات المتحدة وبالطبع الدليل على ذلك كما تعلمون أن البرلمان والحكومة يجب أن تَعقد لقاءاتها في المنطقة الخضراء والتي تخضع لسيطرة كاملة من القوات الأميركية.
أحمد منصور: لكن الولايات المتحدة تعتبر ما حدث في العراق خطوة لعملية تغير كبيرة في الشرق الأوسط، شعوب المنطقة العربية تعيش معظمها تحت حكم أنظمة مستبدة وحكام يمارسون الدكتاتورية والاستبداد ومن ثم فإن كوندوليزا رايس والإدارة الأميركية لاسيما في الفترة الثانية من ولاية الرئيس بوش جادون فعلا في تغيير هذه الأنظمة وإعطاء الفرصة للشعوب كي تمارس حقها في انتخابات حرة ونزيهة وأن يعني يعلو سقف الحرية الذي لا يتواجد في تلك المنطقة منذ أكثر من خمسين عام.
فرانسيس بويل: بالطبع أنا أدعم حق الشعوب العربية في إرساء الديمقراطية وحقوق الإنسان واحترام حقوق الإنسان وعملت مع محامين كثيرين في الكثير من هذه البلدان لتأمين هذه الأهداف ولكن بوش لا يأبه أبدا بحكم القانون والديمقراطية في العالم العربي، أولا محض اهتمامه هو ينصب على النفط أولا وإسرائيل ثانيا، نحن ندرك هذه كحقيقة وانظروا إلى الأمور الفظيعة التي يقوم بها الإسرائيليون ضد الفلسطينيين، اليوم الفلسطينيون يعانون معاناة مريرة ويكاد يتعرضون لإبادة من قِبَّل الإسرائيليين، الرئيس بوش يقول إن الجنرال شارون هو رجل سلام، أنا قدمت للرئيس عرفات الراحل أن يقوم برفع دعوى ضد إسرائيل لقيامة بشن حرب إبادة ضد الفلسطينيين والرئيس بوش لم يحرك ساكنا لدعم الفلسطينيين وكما تعلمون فإنه عكس السياسة الأميركية والمرة الأولي وقف قائلا بأن بإمكان شارون أن يُبقي على أجزاء كبيرة من المستوطنات في الضفة الغربية وفي معظم القدس الشرقية، إذاً هذا ليس رجلا يهتم بالديمقراطية وحكم القانون وحقوق الإنسان، أنا أعتقد إنه أمر يدعو إلى السخف أو إنه يدعو.. كان ينتقد الرئيس عرفات الذي كان منتخبا ديمقراطيا من قِبَّل شعبه بأغلبية ساحقة في الوقت الذي الرئيس بوش الابن سرق نتائج الانتخابات في فلوريدا في عام 2000 وبعد ذلك نُصب رئيسا من قِبل خمسة من القضاة الجمهوريين في المحكمة الدستورية العليا وحتى في الانتخابات الأخيرة..
أحمد منصور: لكن اسمح لي هنا فيما يتعلق.. اسمح لي فيما يتعلق بقضية فلسطين، الرئيس بوش أعلن أنه يدعم قيام دولة فلسطينية وأنت كتبت عشرات المقالات منذ العام 1990 ونشرتها في كثير من المواقع والمجلات القانونية الدولية حول الدولة الفلسطينية، أصدرت كتابا ترجم إلى العربية ونشرته مكتبه الشروق الدولية في مصر، فلسطين الفلسطينيون والقانون الدولي تؤكد على هذه الأشياء، الرئيس بوش يتفق معك الآن في ضرورة قيام دولة فلسطينية، لماذا تعارض بوش دائما فيما يتعلق بفلسطين؟
فرانسيس بويل: إن الدولة الفلسطينية قد تم خلقها وإيجادها وقد تم الاعتراف بها من قِبل 130 دولة في العالم من جانب واحد ولديها عضوية في الأمم المتحدة وهو أمر حاسم وحيوي للحافظ على حقوق الشعب الفلسطيني وإلا سينتهي به الأمر إلى ما آل إليه اليهود في ظل حكم النازيين ولكنه هو من أكثر المعارضين لإدخال فلسطين كدولة عضو في الأمم المتحدة وهذا هو الرئيس بوش والإدارة الأميركية وأيضا إدخال دولة فلسطين الرغبة موجودة هناك ولكن التهديد بحق النقض الفيتو الأميركي من قِبل الرئيس الأميركي بوش بتحفيز من شارون هو الذي يُبقي فلسطين خارج منظومة الأمم المتحدة، نعم هو يطلق هذه التصريحات ليقنع العالم العربي والإسلامي بأنه حقيقة يُعنى ويهتم بأمر الشعب الفلسطيني ولكن في الوقت نفسه يستمر بتوفير خمسة مليارات من الدولارات للجنرال شارون ليفرض شروط نشر حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني ولم يقم بشيء واحد لمساعدتهم وفي الحقيقة على مدى سنوات اخترق ولسنوات طويلة، رغبة وإرادة موكِّلي الرئيس عرفات الممثل الحقيقي والمنتخب للشعب الفلسطيني لإقامة دولة فلسطينية التي هي رمز لتطلعات الشعب الفلسطيني وأيضا معاملته هذه لعرفات بناء على رغبات سفاح بيروت شارون هو الذي يُظهر ما يكنُّه في قلب حقيقةً تجاه الشعب الفلسطيني.
أحمد منصور: ربما الرئيس الأميركي غيَّر من مواقفه أثناء لقاءه الأخير مع شارون لكن أنا أريد أعود إلى قضية الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة، حينما التقيت بك في الثالث عشر من ديسمبر الماضي في المنتدى الاستراتيجي العربي الذي عُقد في دبي ألقيت أنت كلمة قلت فيها أن إدارة الابن بوش وحلفاءها من الصهاينة المحافظين لا يريدون ديمقراطية حقيقية في العالم العربي وإنما يريدون حكاما طغاة ينفذوا أعمالهم القذرة نيابة عنهم، أما يخالف ذلك حقيقة ما تقوم به الإدارة الأميركية الآن وسعيها لتغيير بعض أنظمة الحكم الاستبدادية في المنطقة والضغوط التي تمارسها على هذه الأنظمة من أجل التغيير الحقيقي؟
فرانسيس بويل: حسنا لم يفعلوا شيئا في ليبيا على سبيل المثال طالما أن العقيد القذافي قد فعل بالضبط ما طُلب منه أن يُفعّل فنظروا بالاتجاه الآخر، أمَّا ما يخص لبنان ما حدث كما تعلمون هو أن الأميركيون أولا في ظل كسينغر هم الذين دعوا السوريين إلى لبنان والآن الأميركيون يقولون لهم غادروا وارحلوا، ما يفعلونه هو بطريقة ما هو زعزعة استقرار والإطاحة بحكومة البعث في سوريا، كما قال المحافظون الجدد فإن سوريا حسب تعبيرهم هي هدف سهل لإخضاع سوريا لسيطرتهم ولسيطرة إسرائيل من دون اللجوء إلى استخدام القوة، هذه هي أجندتهم هذا اليوم بالطبع..
أحمد منصور: هل هم جادون في قضية سوريا.. في موضوع سوريا هل هم جادون فعلا؟ أو كما نقلت صحيفة معاريف الإسرائيلية في 14 أبريل وكذلك الشرق الأوسط في اليوم التالي 15 أبريل عن مسؤولين أميركيين بأن مصير الرئيس الأسد أصبح مثل مصير الرئيس عرفات وأن البحث عن بدائل يتم الآن، هل فعلا انتهت ورقة سوريا بالنسبة لهم من خلال قراءتك وأنهم بصدد عمل تغيير حقيقي في سوريا؟
فرانسيس بويل: لو نظرت إلى الأهداف الثلاثة التي حددها الرئيس بوش والمحافظون الجدد، كوريا الشمالية وإيران وسوريا فإن سوريا ضعيفة، انظروا إن إدارة بوش ومَن هو معه هم من المستأسدين الذين يتنمرون على الناس ويختارون من لا يستطيع الدفاع عن نفسه فهم يعلمون أن كوريا الشمالية ستكون هدفا مكلفا، إيران لا أعتقد أن لديها أسلحة نووية ولكن لديها ستين مليون شخصا من السكان ورأينا ما حصل لصدام حسين عندما غزا إيران هذه ستكون عملية مكلفة أيضا ولكن سوريا ضعيفة لوحدها لا تحظى بدعم.. حكومة الأسد لا تحظى بدعم في العالم العربي القوات الأميركية في العراق، الجنرال شارون جاهز وموجود ويود كثيرا هم يودون رؤية نظام جديد في سوريا سيفعلوا ويأتمروا بأوامرهم وهذا من حيث الأساس إعطاء إسرائيل سيطرة على هضبة الجولان فكما تعلمون أن سوريا هي الحكومة الوحيدة في الشرق الأوسط التي يمكن أن تُلحق بعض الضرر الجاد بإسرائيل، إذاً هم يريدون من سوريا أن تخضع للإملاءات وقد جعلوها تخرج على عجالة من لبنان كانوا يعتقدون أن هذه هي خطتهم، الآن لنرى ما سيحدث انظروا إلى تهديداتهم ضد حزب الله.. حزب الله في القانون الدولي يستحق توصيف حركة مقاومة وطنية وحركة تحرير وطنية حررت بلدها من احتلال إسرائيلي وحشي قتل نحو عشرين أو ثلاثين ألفا من العرب والمسلمين ومن المسيحيين ومن الشيعة بشكل أساسي ومع ذلك هم يهددون لبنان الآن بسبب حزب الله لماذا؟ لإبقاء الجنرال شارون سعيدا في مكانه.
أحمد منصور: ما هي صورة الشرق الأوسط والمنطقة العربية في ظل ما أشرت له من التواجد الأميركي، من الرغبة في الهيمنة على الغاز، من تكذيبك للمشروع الأميركي للديمقراطية في الشرق الأوسط والذي رصدت له الولايات المتحدة أكثر من مليار دولار لتحقيقه في الضغوط الحقيقية التي تمارس على بعض الأنظمة العربية المستبدة للتغيير من أسلوبها ونشر الحرية والديمقراطية في المنطقة، ما هي صورة الخريطة التي يسعى بوش في ولايته الثانية إلى أن ينظمها للشرق الأوسط والمنطقة العربية، أسمع منك الإجابة بعد فاصل قصير، نعود إليكم بعد فاصل قصير لمتابعة هذا الحوار فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
الشرق الأوسط ومخططات الإدارة الأميركية أحمد منصور: أهلا بكم من جديد بلا حدود، في هذه الحلقة التي نحاول فيها التعرف على السياسة الأميركية في ظل القانون الدولي تجاه الشرق الأوسط والمنطقة العربية مع أستاذ القانون الدولي والعلوم السياسية في جامعة إلينوي في شيكاغو البروفيسور فرانسيس بويل، بروفيسور بويل ما رؤيتك لخريطة الشرق الأوسط في ظل هذا الطرح خلال فترة الولاية الثانية للرئيس الأميركي بوش؟
فرانسيس بويل: نعم في الحقيقة أنا أعتقد أن الوضع زاد تدهورا في الولاية الثانية للرئيس بوش فالمستشار المسؤول عن سياسة الشرق الأوسط في البيت الأبيض هو إليات إبراهامز وأنا كنت في نفس كلية الحقوق في هارفارد معه وهو من المحافظين الجدد المتصلبين والآن هو مساعد مستشار الأمن القومي فقد تمت ترقيته وهو أيضا منحاز بشكل كبير لحركة الليكود وهو أيضا من العنصريين المتعصبين ضد العرب وضد المسلمين والفلسطينيين وهو الذي يدير سياسة الشرق الأوسط لبوش في قلب البيت الأبيض وكما قلت في خطابا لي ألقيته في دبي فإن هؤلاء الناس لا يأبهون البتة بالديمقراطية وبحقوق الإنسان وبحكم القانون للعرب والمسلمين في الشرق الأوسط فهم يهتمون بإسرائيل أولا وقبل كل شيء فهو قريب من ابن شارون وسفاح بيروت ويهتمون بالمنطقة من حيث النفط وهو الذي يشكل رأس الحربة في برنامج الديمقراطية لإدارة الرئيس بوش، هل يمكن لأي شخص في الشرق الأوسط أن يأخذ هذه السياسة على محمل الجد؟ بالتأكيد بوش.. الآن كاف ديوز المسؤول عن الإعلام الآن وقد تم تكليفها بحملة دعائية لإقناع العرب والمسلمين بأن إدارة الرئيس بوش هي لجانبهم ولكن انظروا مَن الذي يمارس النفوذ والقوة؟ إنهم المحافظون الجدد والصهاينة ومن مؤيدي حزب الليكود حتى وبعضهم من العنصريين والمتعصبين المتشددين ضد العرب والمسلمين وأنا ذهبت إلى جامعة شيكاغو مع الكثير من هؤلاء المحافظين الجدد، درَّبوني أن أكون واحدا منهم، وولف وتس كان هناك عندما كنت هناك والكثيرون، هؤلاء هم الناس الذين تتعاملون معهم حقيقةً، إذاً لا تهتموا بالحرب الدعائية والحملات الدعائية أو بأية تصريحات انظروا إلى ما يحدث للفلسطينيين، يتم قتلهم كالكلاب في الشوارع وهذا تسجله عدسات الجزيرة والعربية وأيضا الشبكات الإعلامية الأخرى، انظروا ما يحدث في العراق هذا لا علاقة له بالديمقراطية وبحقوق الإنسان وبالقانون الدولي هذا فتح وهيمنة وعنصرية معادية للعرب وللمسلمين وتعصبا ضدهم.
أحمد منصور: اسمح لي آخذ بعض المداخلات، محمود المقداد من موريتانيا، أرجو من الأخوة المشاهدين أن تكون مداخلاتهم مختصرة ومباشرة لأجل ظروف الترجمة تفضل.
محمود المقداد- موريتانيا: مساء الخير أحمد ولضيفك البروفيسور.
أحمد منصور: مساك الله بالخير، سؤالك.
محمود المقداد: أحمد منذ تداعي السياسة الأميركية يلاحظ أنه من خلال جميع التدخلات التي قامت بها الولايات المتحدة الأميركية بالعالم أثبتت أن الديمقراطية الأميركية التي كانت تروج لها هي عبارة عن كذبة واضحة، ذلك قيل إنه في العراق تتدخل الولايات المتحدة للإطاحة بديكتاتور وإقامة مناخ ديمقراطي فما هي النتيجة الآن في العراق؟ أعتقد أن الولايات المتحدة الأميركية عندها استراتيجية واضحة وهي السيطرة على الثروات العربية..
أحمد منصور: هل لديك يا أخ محمود.. هل لديك إضافة البروفيسور بويل فصَّل في هذا، لديك سؤال إضافي لديك سؤال مباشر فيما طرح؟ تفضل.
محمود المقداد: نعم سؤالي وتصوري هو الأستاذ هل يمكنه من خلال الدراسات التي قام بها أن يتصور أنه إذا سيقع العرب وكانت هناك ديمقراطية حقيقية واستغلال حسن للثروات العربية؟ نحن نلاحظ أنه من خلال تقرير التنمية البشرية في الأردن أن النرويج استطاعت أن تكون هي الدولة الأولى في العالم من خلال السيطرة على ثرواتها وأعتقد أن دول الخليج العربي والدول العربية والإسلامية إذا قامت بتسيير ثرواتها تسييرا حسنا والمحافظة عليها من خلال وجود ديمقراطية حقيقية في هذه الدول وتدخل المثقفين والمستنيرين في هاي الدول العربية والإسلامية.
أحمد منصور: شكرا لك محمود شكرا لك، ناصر علي أخ ناصر.
ناصر علي- مصر: السلام عليكم.
أحمد منصور: وعليكم السلام يا سيدي.
ناصر علي: شكرا لاختيارك الشخصيات الشفافة النبيلة وأنا أؤيد الدكتور ضيفك بالنسبة لأميركا هاجسها دائما تحطيم كل شيء عربي وإسلامي ولكن هي تعرف قاعدة إنه إذا ذل العرب ذل الإسلام، فعملية كانت تعرف هي قطب العرب المحوري الكبير ومارست كسر العظم بدون رحمة في تدمير العراق، استباحت المتحف، قتل ما لا يقل عن 160 ألف نسمة وقبل عشر سنين حصار ظالم وقُتل مليون ونصف طفل كلياته، هذا تدمير للإسلام بقصد بدليل أنه حاولوا 17 صهيوني يحكموا معهم غلاة الصهيونية بيكرهوا العرب..
أحمد منصور: لديك سؤال يا ناصر؟
ناصر علي: سؤالي أني اشكر الدكتور على شفافيته ونُبله وأفقه الوطني شكرا لك.
الشعوب العربية ومواجهة المخططات الأميركية أحمد منصور: شكرا لك، بروفيسور بويل في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر أطلقت الولايات المتحدة العنان لإضفاء صفة الإرهاب على من تريد وافتتحت سجن غوانتانامو ويقال إن هناك سجونا أخرى غير معلنة خلف ذلك وهناك دول عربية يتم إرسال المعتقلين إليها ليتم تعذيبهم واستنطاقهم تحت التعذيب، ما هو التوصيف القانوني في عُرف القانون الدولي لما يحدث؟
فرانسيس بويل: نعم ما تفعله الولايات المتحدة في غوانتانامو والعراق وقاعدة أبو غريب يرقى.. ضد رجال العرب والمسلمين يرقى إلى مصاف جريمة ضد الإنسانية حسب ما هو موصَف للقانون الدولي ومحكمة الجزائر الدولية ولهذا السبب الرئيس بوش والسيد بولتن تحديدا الذي رُشح لمنصب السفير لدى الأمم المتحدة قام بكل شيء ممكن لنسف إقامة محكمة الجزاء الدولية، فهم يعلمون أنهم ارتكبوا جرائم حرب، الأعمال مثل التعذيب واختفاء المشتبه بهم في حالات الحرب هي جريمة حرب وانتهاك لاتفاقيات جنيف عندما تكون هناك منتشرة على نطاق واسع ومنهجية وهذا ما رأيناها منذ إقامة معتقل غوانتانامو وما عُرف من أمر أبو غريب إنه أمر.. جريمة ضد الإنسانية والتي هي درجة أقل من حرب الإبادة أنا لن أقول الآن إن هذه السياسات ترقى إلى مصاف حرب الإبادة ولكنها مؤهلة تماما وبشكل واضح للتوجه بحقها تُهَم جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وحسب القوانين.. القانون الدولي هو ما قام به هتلر والنازيين ضد الشعب اليهودي حيث عاملوهم معاملة دون المرتبة الإنسانية ونحن نرى هذه الانتهاكات الخطيرة يتم ارتكابها ضد رجال مسلمين.. رجال من المسيحيين البيض لا نرى أنها ترتكب كذلك عندما قامت قمة مكفيك قبل نحو عقد من الآن بتدمير مبنى فدرالي لم نر الإدارة الأميركية تقوم باعتقال رجال بيض من المسيحيين البروتستانت والكاثوليك ولكن عندما يكونون من المسلمين والملونين من العالم العربي والإسلامي ومن جنوب شرق آسيا لا يهتمون، يعاملونهم معاملة دون البشر، انظر إلى كل الصور التي رأيناها تخرج من أبو غريب، بالطبع الأمر يبدو وكأن أميركا أصبحت أمة من الساديين ومن المنحرفين جنسيا وهذا سببه أن الرجال الذين نراهم يتعرضون لهذه المعاناة في غوانتانامو..في العراق هم من المسلمين بالطبع.
أحمد منصور: أخ سعيد سرور من السعودية، سعيد تفضل.
سعيد سرور- السعودية: ألو.
أحمد منصور: تفضل يا سيدي.
سعيد سرور: ألو..
أحمد منصور: أرجو أن تخفض صوت التلفزيون وأن تسأل مباشرة سؤالك.
أحمد منصور: سؤالك يا سعيد.
سعيد سرور: ها؟
أحمد منصور: بروفيسور بويل لو عدت إلى ما ذكرته أنت الآن مَن الذي يمكن أن يحاسب الإدارة الأميركية على ما تقول أنت أنه يمكن أن يرقى إلى ما دون جرائم الإبادة أو عمليات الإبادة؟ مَن الذي يمكن أن يحاسبهم ووفق أي قانون وأمام أي محكمة؟
فرانسيس بويل: أولا أعتقد أن ما هو مهم للغاية والأكثر أهمية لجمهوركم هذه الليلة أن يطالبوا به هو أن يطالبوا حكوماتهم بأن تقف ضد ما تقوم به الولايات المتحدة وبريطانيا في العالم العربي والإسلامي، عليهم أن يفرضوا الضغوط عليهم لكي لا يخضعوا لهذه الأجندة وأن لا يدعموا ما يرتكب في العراق وضمن ما يحدث للشعب الفلسطيني وأن يحاولوا إيقاف ما قد يحصل لسوريا، هذه السياسة فرِّق تسُد كما كان الرومانيون يفعلون، تقسيم الدول العربية وأيضا جعلهم يقاتلون بعضهم بعضا ومن ثم ال