والرواية غواية

(0)
التصنيف: نقد
عام: 2022

 "والرواية غواية " للكاتب الصحفي والروائي أحمد رجب شلتوت -وكالة الصحافة  العربية – ناشرون
 يضم قراءات في ثلاثين رواية عربية حديثة، يقدم لها الكاتب بعنوان “الشغف بالحكاية”، ينطلق فيها الكاتب من فرضية مفادها أن الحاجة إلى الحكاية تلازم الإنسان منذ سكن الأرض، "فآدم وحواء منذ غادرا الجنة وكابدا وحشتي التيه والوحدة، كان كل منهما يؤنس نفسه بأن يتذكر صورة رفيقه، تاقا إلى وجودهما السابق في الفردوس، فلما التقيا على الأرض ولدت الحكاية، كانت وسيلتهما للبوح واستعادة زمن مضى، وطيف رفيق بعيد، وأيضا كانت الحكاية أداة لمحاولة تناسي ما كابده كل منهما منذ وطأ الأرض". فهما إذن أول من تذوق لذة الحكاية، راويا ومرويا له. تلك اللذة التي أورثتنا الشغف بالحكاية، الذي لم ينقض إلى اليوم. ربما لذلك استعانت الديانات السماوية كلها بالقصص، فالقصص تم استخدامها في نحو ثلث القرآن، سواء في تناول قصص الأنبياء أو في التذكير بأقوام سابقين، والأمر نفسه نجده في الإنجيل والتوراة.

وإذا كان أغلب القراء يريدون من الرواية المتعة والتسلية إلا أنهما ليسا هما الفائدة الوحيدة المرجوة من قراءة الرواية بل والأدب عموما، فهو عبر التّخييل يوسّع من خبراتنا و يمنحنا نظرة أكثر اتساعا وشمولا لأنفسنا وللعالم. فالمشاعر التي قد تغمر القارئ، وأحلامه التي تتشكل أثناء ممارسته القراءة، يكون لها تأثير ليس فقط في فهمه للرواية، ولكن أيضا في وجوده كله.
ويشير الكاتب إلى ما يسمى بالوظيفة التخاطرية للرواية، فقد يضبط القارئ نفسه وهو في حالة تلقي لأفكار من شخصية روائية، مما يفسر تلك العلاقة العاطفية الاستثنائية التي قد نشعر بها تجاه شخصيات روائية، بحيث نشعر بأنهم يعيشون، يتكلمون، يفكرون، يتحركون فينا.
وبحسب تعبير الفرنسي "فانسان جوف" أن "الآخر في النص، سواء تعلق الأمر بالراوي أو بأحد الشخصيات، يرسل إلينا دومًا، عبر الانعكاس، صورة عن أنفسنا" ولذلك اقترح "إريك فروم" دراسة بعض النصوص الأدبية لـبلزاك، ودوستويفسكي، وفرانز كافكا؛ لاكتشاف فهم عميق للإنسان، قد لا يتوفر بالقدر نفسه في كتب التحليل النفسي.