أساور من حديد

أبداً لم تكن رزايا الحرب فقط من همجية قتل برع فيها متقاتلون كانت فيما قبل بعيدة كل البعد عن الثقافة السورية المعروفة بالرأفة والرحمة، ولا من تعددية خصوم، ولا من صعوبة تطبيق لرقابة أممية لمجريات الاقتتال، ولا من استخدام أسلحة جديدة ومتنوعة على شعب لا يملك بالكاد قوت يومه، ولا من رصاصة طائشة، ولا من برميل متفجر، ولا من صاروخ أعمى، إنما كانت أيضاً من جشع تاجر، ومن طمع مؤجر، ومن مستغل فرص وعوز أسر، ومن انحدار قيم..

أليست الحروب هي من تزيد في مساوئ أصحاب النفوس الضعيفة وتُظهر هشاشة قيمهم الأخلاقية

إن صعوبة العيش في الشمال(السوري) ومخلفات الحرب الدائرة ومضاعفاتها ساعدت المتصابين على استغلال حاجة الأهل، الأمر الذي ساعدهم على طلب بناتهم الصغيرات فصار من العادي جدا إن نسمع عن زواج ابن الثمانين من ابنة العشرين وابن السبعين من قاصر.. وطبعا غالبا ما يؤدي هكذا زواج غير متكافئ إلى العديد من المشاكل النفسية والجسدية عند العروس تُحصد نتائجه فيما بعد، بينما يحاول الزوج المتصابي أن يُوهم من حوله انه يعيش حياة منتجة وناجحة، على الرغم من أن حياته الزوجية الجديدة تبقى مصدرا له للإحباط والانزواء، والابتعاد الجسدي والنفسي عن الزوجة الشابة

  أن موضوع زواج القاصرات ليس بالجديد على مجتمعاتنا العربية لكن أن يصل لحد تزويجهن من طاعنين بالسن فهذه ظاهرة تستوجب الوقوف عندها ملياً فتسعى رواية أساور من حديد من خلال فصولها الخمسة لمعالجتها قانونياً وعلمياً ودينياً لما لها من نتائج نفسية وجسدية واجتماعية وخيمة ترجع على الزوجين معاً من ناحية وعلى المجتمع من ناحية أخرى.