يسرا البريطانية

(0)
بقلم: احمد جمعة
التصنيف: روايات
الناشر: دار الفارابي
عام: 2015

 نبذة من رواية

ما هي قصة يسرا البريطانية؟

رواية صدرت عن دار الفارابي في بيروت

تغيير العالم بالقوة وإحداث الفرق في الكون، كان ذلك هو المصير الذي ارتبطت به وسارت على بساط من الجمر، كائنات تقتات على الموت لتصل للحياة وتقتات على الحياة لتدخل نطاق الموت، سلاسل من الكمائن لابد من عبورها للنجاة في النهاية ولكن ما هي التكلفة؟

يسرا القرمزي أو يسرا البريطانية، حكاية تروي مسافة طويلة لرحلة شاقة تعبرها فتاة عربية من م

مدينة الزبير بالعراق، قطعت دروب شائكة ليست معبدة، منذ نعومة أظافرها، مرت خلالها بالحرب العراقية الإيرانية ثم بحربي الخليج، تحرير الكويت، وإسقاط صدام حسين ثم بالحرب الرابعة مع الإرهاب ممثلة بداعش والقاعدة....

مرت فتاة الزبير "يسرا" بعواصم مختلفة انطلاقاً من الزبير في البصرة بالعراق، مروراً بسوريا، لبنان، والبحرين، ودبي، وبريطانيا، وسويسرا، مرة أخرى بالعراق ثم أربيل بشمال العراق. رحلة قطعتها فتاة الزبير لتستقر بسجنٍ رهيب من سجون داعش، وقبلها كانت قد بدأت رحلة عذاب كلاجئة في بريطانيا وحملت الجنسية البريطانية لتحارب بجبهة سرية مشبوهة وسط عاصفة من ملايين الدولارات، تدفقت عليها حتى استقرت في قلب زلزال إرهابي وضعها في زنزانة انفرادية منتظرة حكم الإعدام من تنظيم مسلح تورطت فيه أو معه.

رواية شاقة تقع في 408 صفحة من الحجم الوسط تروي، رحلة سندبادية لفتاة اختطفها فخ البريق العالمي، مال، وسهرات، وفنادق ثم براري وصحاري وخرائب، لتقبع وسط كائنات لا تؤمن إلا بالموت طريق لتحرير الذات، تعبر من خلاله بتنظيمات مسلحة، ومدن ومطارات، وعمل بالفنادق، بصحبة رجال خطيرين، يقودون تغيير العالم بالقوة والخداع ونصب الفخاخ.. كيف لها أن تتعايش مع هذه الشبكة المنفلتة من العنف والسياسات المتلاحقة كأمواج المحيط؟

(من الزبير إلى حلب إلى البحرين ودبي وحتى بريطانيا ثم كردستان، هل وقعت في يد داعش وخرجت؟ أم كان هناك قدر رسم لها تحولاً إلى فخ نصبته المخابرات؟)

"عرفت أن الخطوط الحمراء موجودة في كل مكان من هذه الدنيا، لكنها لم يُخيل لها أن هناك عرشاً من الرماح تنتظر جلوسها عليه، تتحمل جبالاً من مشاعر منذرة، بالرعب القادم، سمعت عن المحاكم الثورية والعسكرية الميدانية السريعة، لكنها لم تتصور أن هناك من ذهب من النساء والرجال وحتى الأطفال للإعدام، لمحت في ساعة صفاء ذهني نادرة شبح والدتها، نجوى القطان فوق سطح الدار تنشر الملابس المغسولة على الحبل، ومن بينها البذلة العسكرية لجبار الشريف، تراءى لها طيف لطفلة صغيرة تقف على بعد خطوات من المرأة تتطلع للزي العسكري، فترى فيه شموخ الرمزي لشيء يبعث إحساساً لم تدركه ساعتها، لاح لها الآن على مقربة من الموت، ساد الصمت أيامها التالية وهي محتجزة في حجيرة مكتظة بالنمل والحشرات، يعلوها سقفاً خشبياً، ينبعث منه الغبار طوال الوقت ويسبب لها السعال المتواصل، وصلت المكان عبر ناقلة كبيرة محملة بالمواد عبرت بها الطريق معصوبة العينين لم تعرف شكل من كان يرافقها على الناقلة ولا هويته ولا العدد، باستثناء صوت رجل كان يسعل بين فترة وأخرى"

 تروي حكاية يسرا عن جبار الشريف القرمزي

تتناول الرواية تطور قصة يسرا مراحل تحولاتها:

• يسرا القرمزي

• يسرا البريطانية

• يسرا الإرهابية

ومحطات عبورها خلال الرحلة الممتدة عبر سنوات الجمر من الزبير إلى حلب إلى الحدود اللبنانية، السورية، التركية، والعراقية مرورا بالبحرين ودبي ولندن

(مقطع من الرواية):

أفاقت على وقع أقدام عند الفجر، وقبل بزوغ الشمس، فُتح الباب وهي ما كادت تغط عينيها بعد ساعات طويلة من أرق مزمن، كسر صرير الباب الخشبي سكون الفجر، ولامست أقدام الرجل أرض الحجرة، نفضت عنها الغطاء القطني المهلهل والمزركش وجلست القرفصاء وسط صمت الرجل الذي بدا وجهه منتفخاً من النوم، نظر إليها وقال متسائلاً.

 “ألم تسمعي أذان الفجر، كالعادة تغطين في النوم كالميتة؟”

 “ما المتعة في تكرار كلمة الموت” بدا على وجهها الذعر من هيئة الرجل الواقف كالصنم لا يتحرك فيه أي جزء من جسمه، حتى عينيه بدتا جاحظتين لا ترمشان ولا مرة كأنهما عينان زجاجيتان “ماذا يحمل معه لي في هذا الفجر المظلم فجأة؟”
خرج عن صمته وقال بنبرة آمرة.

 "قومي اغتسلي، وصلي الفجر، سنأخذك في جولة، لقد انتهت إقامتك هنا،
فجأة سُمع دوي انفجار على بعد، تلاحقت أنفاسها، وبدأت ترتجف من البرد وظلت حبيسة المكان، كأنها لم تسمع الرجل الذي نهرها بلهجة شديدة آمرة، خارت قواها، لم تستوعب الموقف، مازال يغلبها النعاس والإرهاق.

 “هل سيعدمونني؟”

” هناك إعدام إذن”

 “لا ليس اليوم”

على بعد ساعتين وصلت الشاحنة لبناية داخل المدينة المهدمة بفعل القصف، وهي تنقل عدداً من الرجال الملتحين من دون أن يحملوا بنادق أو بنادق آلية كما كان الحال في المرة التي جيء بها إلى المكان، لم تُعصب عينيها هذه المرة، رأت خلال الساعتين المنصرمتين طرق وعرة وشوارع مرصوف ة وبنايات وسيارات مدمرة، لكن البلدة التي دخلتها لم تكن بها أية كثافة سكانية، ظهر بعض الصبية يعبرون الطرقات وانتشرت بعض القطط والكلاب الضالة، وبرزت براميل القمامة مهشمة أو محترقة فيما غطت النفايات بعض زوايا الطرقات وأغلقت أغلب المحال أبوابها وبدت المدينة أقرب ما تكون إلى الهدنة، راقبت كل تلك المناظر لعلها تتبين المكان أحدهم من فرط ثرثرته مر على ذكر القائم “عدت قريبة من الهدف، لعنة على هذا لكن الزمن، مرة أقترب ومرة أبتعد” عندما توقفت الناقلة بالقرب موقف للسيارات هبط الجميع باستثنائها، أشار لها السائق بالانتظار، ظلت لأكثر من خمسة وثلاثين دقيقة حتى وصلت سيارة صغيرة، هبط منها أحد المسلحين الملثمين واقتادها للسيارة وانطلق بأقصى سرعة بعد أن عصب عينيها، في البداية ساد صمت تخلله صوت محرك السيارة الجيب، ثم تسلل صوتها معطوباً ينم عن حزن داخلي عميق تحمله نبرة مكسورة.