المجاز البلاغى وأدب محمد حسن علوان الروائى

(0)
الناشر: بيبلومانيا
عام: 2022

يتضمن الكتاب التمهيد متناولا الإبداع والمبدعـون ،ثم الفصل الأول: المحتوى على بدايات السرد القصصي وأساطير المعـبودات القديمة ،يليه الفصل الثانى: ويسرد جذور الرواية العربية ،ثم الفصل الثالث: ويتحدث عن اليات التحليل السيميائي للنصوص الأدبية، يردفه الفصل الرابع: عن التشكيل بين المعـنى المعجمي والاصطلاحي ،وبعده الفصل الخامس: ويشمل تطور مفهوم المجاز، يعـقبه الفصل السادس: البلاغة وعتبات النص الروائى وبه تحليل عن بعض روايات الكاتب محمد حسن علوان وطبيعـتها وامتزاج بعضها بالشعــر فضلا عن احتوائه لمقتطفات من ذلك الروائى السعـودى المُبدع ، فالخاتمة، والمراجع ،والسيرة الذاتية للمؤلف ينتهى بالفهرس

التمهيد:  الإبداع والمبدعـون

ليس ثمة شك بأن الإبداع هو ملكة الإختراع وإخراج موضوع جديد في شتى ألوان المعـرفة الفكرية ،والفنية، والروائية، والشعـرية، وغيرها من فنون المعرفة عبر الخيال، ومنذ التاريخ السحيق نجد أن البشرية تُبدِع ،ولو أخذنا على ذلك مثالا من التاريخ المصرى ،ففى العصر الحجرى القديم أو مايسمونه بعصر الجمع والصيد والالتقاط ( ماقبل التاريخ) كان الإنسان يجمع الثمار من تحت الأشجار ويلتقطها ،ثم يصطاد الحيونات ويقوم بشويها على النار في كهفه؛ ليلتهمها ،وبعد شبعه يُفَكَّر بتسلية نفسه عن طريق رسمه على جدران الكهوف ،ولكى يضفى على رسمه جمالا ورونقا، شرع يفكر في كيفية تطبيق ذلك؛ فاهتدى إلى الشُقف الفخارية الحمراء والبيضاء، وهى مصنوعة منذآلاف السنين، وأضحى يرسم الحيونات المفترسة ،وأشجار الغابات، وهطول المطر ــ بالشقفة البيضاء ،ثم يُلوِنها بالشقفة الحمراء أو يستعـملهما الإثنين معا، وهذا في حد ذاته إبداع ؛لكونه أستخدم ذلك بخياله الفنى وقدرته اليدوية وإستساغته للألوان وإهتدائه للفخاريات، وطفق يتدرج في ذلك ؛فرسم خرطوشات فنيه تروى أخبار بيئته ،ثم تعددت إلى عدة خرطوشات فغـدت تُعـبر عن موضوع معـين لتخبرنا به من مثل عـيد الحصاد، وفيضان النيل، وحفلات الموسيقى ،والأفراح المصاحبة لها، إلى أن خرجت لنا الكتابة الهيروغليفية الفرعونية القديمة المخصصة لجدران المعابد ، ثم الكتابة الهيراطيقية وهى الخاصة باستعـمالات رجال الدين والكهنة ،والكتابة الديموطيقية وهى الكتابة الشعـبية المتداولة بين أفراد الشعب تشابه العامية ذا الحين، وهذه الكتابة تُعـد إبتكارات متطورة للتعـبير عما يجول في خَلد الناس من خواطر تُترجم بالكتابة، ومن ثم نرى أن هنالك فرقا بين الوعي والتطور الإنساني أنَّ الإنسان منذ نشأته الأولى يُحاول أن يتطور شيئًا فشيئًا، فلم يرضَ بحكم فطرته أن يبقى عنوانًا للجهل والتخلف، بل أخذ على عاتقه دراسة المجتمع المدني وحاول مجاراته على كافة الأصعـدة، وما يوجد في كُل دولة من مؤسسات وشركات قائمة، هي حصيلة تطوّر الإنسان وإتساع مداركه، فالإنسان فهم مُتطلبات الحياة وحاول أن يواكب أيّ تطور قد يعـتريه في الحاضر أو في المُستقبل، والمُطلع على تاريخ الدول القديمة والحديثة يجد أن هُناك العديد من الأشخاص المُبدعين والمُبتكرين الذين أثبتوا سيرتهم عبر الأجيال،برواياتهم ،وحواديتهم وإقصوصاتهم المتنوعة.

 ومن ثم فإن الأدب لا ينفصل عن تأثير باقي العلوم فيه، خاصة الدينية والكلامية ،والفلسفية، وهذا شيء موجود في كُتُب المتقدمين من الأدباء الذين تختلط في كتبهم شتى الفنون، وفي هذا العصر دخلت المذاهب الفكرية والأيدولوجيات بشتى أنواعها إلى ساحة الأدب، والتي يبث الكاتب فيها أفكاره وآراءه في الكون والحياة؛ ولذا فإن القارئ للأدب بعامة ينبغي أن يقف طويلاً على الأفكار والمعاني، ولا يتغافل عنها تلذذا بجرس الألفاظ ومعاني الكلمات. )[1](

فالرواية اليوم تسيطر على وضع راق بين الأجناس الأدبية المتعـددة؛ لكون الأدب ماانفك مؤثرا فعَّالا، بيد أن دوره في التغيير بات أكثر فاعلية ووجودا ولا سيما في الرواية بوجه خاص التى تطورت منذ العصر الجاهلى.

  فقدألفينا فى ذلك العصر أن العرب "كانوا شغوفين بالقصص شغـفًا شديدًا، وساعدهم على ذلك أوقات فراغهم الواسعة في الصحراء، فكانوا حين يُرخي الليل سدوله يجتمعـون للسمر، وما يبدأ أحدهم في مضرب من مضارب خيامهم بقوله: "كيت وكيت"، حتى يُرهف الجميع أسماعهم إليه، وقد يشترك بعضهم معه في الحديث، وشباب الحي وشيوخه ونسائه وفَتياته المُخدَّرات وراء الأَخْبِيَة، كل هؤلاء يتابعـون الحديث في شوق ولهفة"، ... فإنهم لم يكونوا يدوِّنون قَصصهم، بل يتناقـلونها شِفاهًا ولا سيما القصة والرواية، إلى أن تَمَّ تدوينها في العصر العباسي، ومن ثَمَّ لم يصل إلينا كما كان الجاهليون يروونه، رغم احتفاظه بكثير من سماته وما يطبعه من حيوية. )[2](

([1])  قراءة القراءة: الحمود: فهد بن صالح- العبيكان 1426هـ

([2])  العصر الجاهلى- د. شوقى ضيف.