مريم العلي

سوريا

مريم محمود العلي - أديبة سورية

العمل: معلمة

عضو اتحاد الكتاب الانترنت العرب وعضو اتحاد المدونين العرب وعضوفي موقع القصة السورية وموقع القصة اليمنية

لإبداعات الأدبية:

: ثلاث مجموعات ( قصيدة النثر )

( ترانيم – همسات الروح – لست أدري –

قيد الانجاز رواية بعنوان ( رحلة العمر )

ومجموعة قصص قصيرة بعنوان ( ذات أشواك حادة )

فزت بجازة اتحاد كتاب العرب فرع إدلب للقصة القصيرة

أقمت العديد من الأمسيات الأدبية وشاركت في المهرجانات الأدبية في المحافظات السورية

ونشرت في الصحف والمجلات السورية والعربية

وأجريت معي لقاءات في الإذاعة والتلفزيون السوري

وفي إذاعة القدس

مشرفة في بعض المنتديات على الأقسام الأدبية

لي مدونتان: http://mariama-ali.maktoobblog.com http://mariamaali.jeeran.com/profile

نماذج من أعمال الكاتبة :

ظمـأ فارغ

خذتْ تجوبُ شوارعَ المدينةِ ، تخلعُ سنيَّ قهرِها ، تنطلقُ إلى الساحةِ الرئيسية ، وقفتْ عاريةً في وسطِها بجانبِ تمثالِ الأحلام الأحلام التي وئدت وهي في أوج تفتحها في الذات المتطلعة إلى أيام تعانق المستقبل الموشح بالفرح والسعادة اجتمعَ الناسُ مشدوهينَ في بادئِ الأمرِ ، ثمّ أخذوا يصيحونَ صيحاتٍ مختلفةٍ : " جنّتِ المسكينة .. لا .. كانتْ شيطاناً بصورةِ ملاكٍ .. إنّها ماجنة .. كافرة " . وصرخَ القسمُ الأعظمُ منَ الرجالِ : إنها مجنونةٌ دعوها وشأنَها . تمنت لو أنها فعلا مجنونة ... ما أروع الجنون إذا كان يجعلنا لا نفكر ولا ندرك ما يجري حولنا ومعنا لكن حتى هذه النعمة لا نتمتع بها رغم أننا نقف عند حافته ... متأرجحين بحبال واهية..لا نستطيع أن نهوي إلى بؤرته ولا نقدر على التراجع نظرتْ إليها النساءُ باشمئزازٍ .. الأطفالُ يرمقونَها بنظراتٍ باهتةٍ لا تفهمُ معنى وقفتِها.. الرجالُ يلتهمونها بنظراتٍ مفترسةٍ ويرسمونَ على شفاههم بسماتٍ ملتوية . طالَ وقوفُها .. مالتْ الشمسُ إلى الأفولِ واستقرَّ رأيُ الأغلبيةِ على أنها مجنونةٌ فانفضوا عنها راثينَ حالَها وتركوها وحيدةً في الساحة . ظلامٌ دامسٌ سترَ عريَها .. انزوتْ إلى ركنٍ منْ أركانِ قاعدةِ التمثال .. جلستْ تحدّقُ بعينٍ ثاقبةٍ إلى ظلامِ الليلِ الذي عانقَ المدينةَ البائسة ..النائمة في أحضان اليأس منذ أن فقد أهلها كرامتهم بعد أن سلموا مفاتيحها إلى السماسرة الذين باعوها في سوق النخاسين . شعرتْ بأصواتٍ تشبهُ دبيبَ النملِ لكنهُ ليسَ بنمل . ربّما كانَ حفيفَ الأشجارِ ، لكنْ أينَ الأشجارُ في هذهِ المدينةِ المقهورة؟... التي دنست مياهها.. فأبى الزرع أن يشرب منها . وشرب الناس ملء بطونهم فامتلأت ذواتهم بالذل والهوان ..والاستسلام تسلقتْ القاعدةَ واحتمتْ بالتمثال .. سكنتْ سكونَ المومياءِ .. أحسّتْ ببرودةٍ قاتلةٍ تتغلغلُ في أعماقِها الحارة الصارخة التي أبت أن تشرب من تلك المياه فهب الظمأ ينفض عنها أثواب الخنوع والرياء كانَ رجالُ المدينةِ يتسلّلونَ إلى الساحةِ وفي داخلِ كلٍّ منهم وحشٌ يريدُ افتراسَها قبلَ الآخر ، فجأةً ظهرتِ النسوةُ يحملْنَ قناديلَ أضاءتْ أرضَ الساحةِ فظهرَ رجالهنَّ حفاةً شبهَ عراةٍ .. نظرنَ إليهم نظراتٍ يتطايرُ منها الشرر.. صرخَ أحدُ الرجالِ متداركاً الموقفَ : أينَ الساقطة ؟.. ارتفعَت أصواتُ الرجال : أينَ الساقطة ؟. واختلطتْ أصواتُ الرجالِ والنسوةِ : الغانية .. الكافرة .. أحرقوها. ظمأ يشتعل في فراغ اللحظات القادمة من المجهول الرابض فوق الأحلام البعيدة ... حيث تسافر الأماني المختنقة في ظل الحاضر المنكسر تحت نزوات الانحطاط والانهزام عانقتِ التمثالَ بكلِّ قوتها .. التصقتْ بهِ حتى أصبحتْ جزءاً منهُ ، لكنَّ القناديلَ ترتفعُ إلى أعلى وتقتربُ منها أكثرَ فأكثر. من الفراغ الممتد بين البطون المتخمة والعقول العليلة تنتصب مائدة الشعارات المزيفة إنها تراهم .. تسمعُ حواراتِهم ومجادلاتِهم الساخنةَ حولَ الخيانة .. الشرف .. الغضب. يتجمد الظمأ من صقيع الاحتضار ..وينهار متحطما على صخرة الواقع المر...لكن ..؟ فجأةً أحسّتْ بدفءٍ يسري في الجسدِ الباردِ الذي تلتصقُ بهِ ، ويمتدُّ إلى ذاتِها المتجمدة ، وأنَّ شيئاً ما قدْ توحّدَ بها ومدَّها بطاقةٍ منَ النورِ سترتْها نهائياً وجعلتْ روحَها تسمو إلى الأعلى ، فتلاشتْ الأشياءُ .. الرجالُ .. النساءُ .. الساحةُ .. المدينةُ .. لكنّها سمعتْ بكاءَ الأطفالِ الذينَ استيقظوا ولمْ يجدوا أمهاتِهم وآباءَهم .