هارون هاشم رشيد

فلسطين

الشاعر الفلسطيني هارون هاشم رشيد  1927 - 2020

من مواليد حارة الزيتون في مدينة غزة هاشم عام 1927، التصق بفلسطين فجاء شعره حزنًا على شعبها، وبقي حوالي خمسين عامًا وفيًا مخلصًا للهم الفلسطيني كمواطن، أُبعِد ظلمًا عن وطنه، وشهد مآسٍ وأحداثَ تناوبت على فلسطين، فأصدر ديوانه الأول (مع الغرباء، 1954) وكانت قصائده وثيقة إنسانية ترصد عذابات اللجوء وحياة المشردين، حيث تخصصت بها دواوينه الأولى.
شعره بسيط ومباشر وموزون وجله مبنيٌ على شكل الشطرين الموروث، إلى جانب شعر التفعيلة الذي يعتبره امتدادًا للشعر العربي ولموسيقاه الأصلية، حيث أعطتها مدًى أوسع.
 أصدر قرابة عشرين ديوانًا شعريًا، واختير ما يقارب 90 قصيدة من أشعاره قدمها أعلام الغناء العربي، وفي مقدمة من شدوا أشعاره فيروز، وفايدة كامل، ومحمد فوزي، وكارم محمود، ومحمد قنديل، ومحمد عبده، وطلال مداح، وآخرون.
 بالإضافة إلى أربع مسرحيات شعرية، أخرجت على المسرح في القاهرة، منها مسرحية "السؤال" من بطولة كرم مطاوع وسهير المرشدي.
درس هارون هاشم رشيد في مدارس غزة، فأنهى دراسته الثانوية عام 1947، وبعد حصوله على الدبلوم العالي لتدريب المعلّمين من كليّة غزة عمل في سلك التعليم حتى عام 1954.
انتقل للعمل في المجال الإعلامي فتولى رئاسة مكتب إذاعة "صوت العرب" المصرية في غزة عام 1954 لعدة سنوات، وعندما أنشئت منظمة التحرير الفلسطينية كان مشرفًا على إعلامها في قطاع غزة من 1965 - 1967.
بعد سقوط غزة في أيدي الإسرائيليين عام 1967 ضايقته قوات الاحتلال الإسرائيلية وأجبرته في النهاية على الرحيل، فانتقل إلى القاهرة وعين رئيسًا لمكتب منظمة التحرير فيها، ثم عمل لمدة ثلاثين عامًا كمندوب دائم لفلسطين في اللجنة الدائمة للإعلام العربي واللجنة الدائمة للشؤون المالية والإدارية بالجامعة العربية، إضافة إلى ذلك واصل عمله الإبداعي في الكتابة والصحافة والتأليف والشعر.
في حديث له قال: ”لا أستطيع أن أنسى لحظات يهَجَّر فيها شعب بأكمله من دياره إلى الشتات، لقد كنت أحد المتطوعين للمساعدة في نقل وإيواء اللاجئين، وكانوا يصلون في مراكب لم تكن تستطيع الوصول إلى الشاطئ، فكان الصيادون يذهبون إليها في زوارقهم ويحضرون الأسر المهجرة الضائعة إلى شاطئ يفتقر إلى ميناء، نساء وأطفال وعجزة وشباب وفتيات مشهد جحيمي، كنا نحمل هذه الأسر على أكتافنا إلى الشاطئ ثم نرسلها إلى أماكن الإيواء في المدارس والجوامع، وبعد ذلك عملت مع لجنة لشئون اللاجئين، حيث عشت عمليًا وبصورة يومية كل لحظات مأساتهم، لقد مكثوا فترة من الزمن في الخيام حتى جاءت وكالة الغوث وتم نقلهم إلى معسكرات هي في الأصل معسكرات للجيش لا تصلح للسكن“
ومن ذاكرة الأحداث أنه كان مدعوًا للمشاركة في إحدى المهرجانات الشعرية بتونس، وقد جهز مجموعة من القصائد ليلقيها، وبعد نزوله من الطائرة، وهو متوجه إلى الفندق تابع خلال المذياع ما يحدث في جنين، فأصبحت القصائد التي انتقاها للمهرجان ليست ذات قيمة، فكتب قصيدة جديدة ألقاها وحدها في المهرجان، حيث دخل على الحضور دون أن يحييهم أو يشكرهم ولم يقل لهم "السلام عليكم"، بل قال:

حزينًا أجيء لكم
فاعذروني إذا سبقتني إليكم عيوني
بدمع سخي سخي سخين
على من فقدتهمو في جنين
أعز الرجال أعز النساء أعز البنين

وفي الكويت كان له حضور لدرجة أن الشاعر العراقي الكبير (محمد مهدي الجواهري) أراد رؤيته، وعندما قابله قال له: احترامًا لك سألقي قصيدة عن يافا.
ولقد تعرف على عدد كبير من الشعراء وتوطدت علاقاته معهم، وفي القاهرة دخل المجتمعات الأدبية مبكرًا، فكانت له علاقات مع الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور، ومعظم شعراء وأدباء ذلك الجيل.
بدأ اهتمامه بالمسرح عام 67، حيث التفت إلى أهميته في إيصال الرسالة وكتب أول مسرحية له عام 1972، صدرت عن (الكتاب الذهبي) ومثلت بعد ذلك على المسرح حيث أخرجها كمال ياسين ومثلها كرم مطاوع وسهير المرشدي وعرضت في التليفزيون بعد ذلك.
وبعد ذلك كتب مسرحية (سقوط بارليف) وهي منظومة على شعر التفعيلة وتحدث فيها عن مفاهيم مختلفة عن كل المسرحيات التي قدمت، وتم اختيار هذه المسرحية من بين عدد كبير من المسرحيات التي تم تبنيها من مصر في ذكرى العبور، وحصلت على المرتبة الأولى من بين ست مسرحيات اختيرت لهذه الغاية، ونفذتها فرقة المسرح القومي المصري عام 74 استمر عرضها فترة طويلة من الوقت وطافت بلاداً عربية متعددة وكتب بعدها (جسر العودة) و(عصافير الشوك) و(القصر)

ومن أعماله الأدبية ما يلي:
مع الغرباء (رابطة الأدب الحديث، القاهرة، 1954م).
عودة الغرباء (المكتب التجاري، بيروت، 1956م).
غزة في خط النار (المكتب التجاري، بيروت، 1957م).
أرض الثورات ملحمة شعرية (المكتب التجاري، بيروت، 1958م).
حتى يعود شعبنا (دار الآداب، بيروت، 1965م).
سفينة الغضب (مكتبة الأمل، الكويت، 1968م).
رسالتان (اتحاد طلاب فلسطين، القاهرة، 1969م).
رحلة العاصفة (اتحاد طلاب فلسطين، القاهرة، 1969م).
فدائيون (مكتبة عمّان، عمّان، 1970م).
مزامير الأرض والدم (المكتبة العصرية، بيروت، 1970م).
السؤال / مسرحية شعرية (دار روز اليوسف، القاهرة، 1971م).
الرجوع (دار الكرمل، بيروت، 1977م).
مفكرة عاشق (دار سيراس، تونس، 1980م).
المجموعة الشعرية الكاملة (دار العودة، بيروت، 1981م).
يوميات الصمود والحزن (تونس، 1983م).
النقش في الظلام (عمان، 1984م).
المزّة - غزة (1988م).
عصافير الشوك / مسرحية شعرية (القاهرة، 1990م).
ثورة الحجارة (دار العهد الجديد، تونس، 1991م).
طيور الجنة (دار الشروق، عمان، 1998م).
وردة على جبين القدس (دار الشروق، القاهرة، 1998م).

أعماله الروائية :
سنوات العذاب (القاهرة، 1970م).
الدراسات :
الشعر المقاتل في الأرض المحتلة (المكتبة العصرية، صيدا، 1970م).
مدينة وشاعر : حيفا والبحيري (مطابع دار الحياة، دمشق، 1975م).
الكلمة المقاتلة في فلسطين (الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1973م).

نال عدة جوائز تقديرية منها:
- وسام القدس عام 1990
- الجائزة الاولى للمسرح الشعري من الألكسو 1977.
- الجائزة الاولى للقصيدة العربية من إذاعة لندن 1988.

من اشهر قصائده التي غنتها السيدة فيروز سنرجع يوما :
 ... سنرجع يوماً إلى حيّنا
ونغرق في دافئات المنى
سنرجع.. مهما يمرّ الزّمان
وتنأى المسافات ما بيننا
فيا قلب مهلاً، ولا ترتمي
على درب عودتنا موهنا
*
يعزّ علينا غداً أن تعود
رفوف الطّيور.. ونحن هنا
هنالك عند التّلال تلالٌ
تنام وتصحو على عهدنا
ربوعٌ مدى العين صفصافها
على كلّ ماءٍ وها فانحنى
تعبّ الزّهيرات في ظلّه
عبير الهدوء وصفو المنى
*
سنرجع... خبّرني العندليب
غداة التقينا على منحنى
بأنّ البلابل لمّا تزل
هناك تعيش بأشعارنا
وما زال بين تلال الحنين،
وناس الحنين مكانٌ لنا
سنرجع يوماً إلى حيّنا!!!

المصدر: مقال للدكتورة انشراح حمدان