حوار مع أماني امين في جريدة الرياض 10 مارس 2001


أماني أمين: "الرياض" من أكثر الصحف العربية اهتماما بشبكة الإنترنت وتواجدا عليها

لقاء ـ سحر الرملاوي:
جريدة الرياض - 10 مارس

منتدى الكتاب العربي موقع متميز على الإنترنت يبدو للوهلة الأولى كأنه موقع رسمي عمد أصحابه إلى ربطه في ذهنية الزائر بالجدية والالتزام الكبيرين, ولقد استطاع الموقع بتوجهه الأدبي استقطاب عدد كبير جدا من الأدباء والمفكرين العرب من كل الجنسيات ومختلف التوجهات.

"الرياض" التقت صاحبة الموقع الدكتورة أماني أحمد أمين وكانت المفاجأة أن صاحبة الموقع الأدبي المتميز طبيبة أسنان بل ولا تقيم في ديار العرب بل في سويسرا ومن هناك انشأت قلعتها الأدبية التخيلية وعاشت فيها..

البداية كانت

اسمي أماني أحمد أمين, سيدة مصرية مقيمة حاليا بسويسرا, متزوجة ولي ابنان ورغم أنني أمضيت الجزء الأكبر من حياتي حتى الآن كطبيبة أسنان إلا أنني قد كرست السنوات الخمس الأخيرة في حياتي للترويج للأدب العربي.

بهذه الكلمات قدمت الدكتورة أماني لنفسها وأضافت: "من هذا المنطلق أسست منتدى الكتاب العربي وهو منتدى ثقافي على شبكة الإنترنت يهتم بكل أشكال الفكر العربي: الآراء والكتب ومبدعيها من الرجال والنساء. واسم موقعي منتدى الكتاب العربي, ومن هنا نشأ بيت الكاتب العربي على الإنترنت إن رسالة المنتدى هي وصول فكر هذا الكتاب أو هذه الكاتبة إلى العالم بأسره, ولقد أدركت منذ حوالي خمس سنوات أن شبكة المعلومات سوف تحدث ثورة شاملة تنعكس بشكل أو بآخر على كل جوانب الحياة. كما أنني مقتنعة بأن التحدي الأكبر الذي يواجه الأمة العربية يتمثل في المجال الثقافي بمعناه الواسع أي الحضاري, ولذا فكرت في استغلال الوسائل الحديثة التي تتيحها شبكة الإنترنيت من أجل المساهمة من جانبي في تطوير ونشر الثقافة العربية الراقية وتشجيع القراءة والكتابة والحوار الموضوعي البناء.

وقد شجعني على هذا حقيقة أن الإنترنيت تتيح فرصة كبيرة لربط أبناء الوطن الواحد في مصر والعالم العربي, وكذلك أبناؤنا في الخارج بما يساهم في توظيف كل هذه الطاقات والمواهب من أجل المساهمة في تحقيق النهضة الثقافية المرجوة.

نشاطات المنتدى وخدماته

حول نشاطات المنتدى والخدمات التي يقدمها على الإنترنت شرحت الطبيبة أماني: "تقترن بالمنتدى عدة أنشطة ثقافية وخدمات, والدعوة مفتوحة للجميع للمشاركة فيها أو الاستفادة منها كل حسب اهتماماته الشخصية.

على سبيل المثال هناك بيت الكاتب العربي على شبكة الإنترنت وهي مجموعة من الصفحات الشخصية الهدف منها التعريف بكتابنا ويستطيع أي كاتب عربي أو من أصل عربي إرسال سيرته الذاتية باللغة الإنجليزية أو العربية وسوف يقوم المنتدى بإنشاء صفحة خاصة به أمام المكتبة فتساعد في توزيع أعمال هؤلاء الكتاب عالميا , أما ساحة الابداع فهي بمثابة مجلة الكترونية تتضمن نماذج متميزة من المقالات والدراسات والقصة والشعر, لدينا أيضا نادي القراء وهو يشجع الجوانب الإبداعية والنقدية للقراء, من خلال اختيار كتاب متميز كل شهر وبدء نقاش موضوعي حوله.

أما ورشة فن الكتابة فهي مكونة من عدة مجموعات وتعمل على تنمية القدرات الفنية للكتاب على كافة مستوياتهم مستعينة بأحدث الأساليب المستخدمة في أوروبا وأمريكا. كما يعمل المنتدى بقدر ما تتيحه موارده على ترجمة القصص والقصائد العربية الجيدة ونشرها في المجلات الأدبية المتخصصة في أرجاء العالم.

رسمي .. ربما

وللحقيقة فإن موقع منتدى الكتاب العربي يبدو وكأنه موقع رسمي أو مؤسسي لذا سألناها هل للموقع .. رقيب؟

فأجابت: أعتقد أن الموقع يعطي هذا الانطباع بسبب أنه يحاول تقديم خدمة دون مقابل على عكس أي موقع تجاري يهدف إلى الربح, وهذا ما ينتظر عادة من المواقع الرسمية أو المؤسسية. أما عن الرقيب فهناك دائما رقيب بشكل أو بآخر. فرغم اننا لنا مطلق الحرية في أن نفعل ما نريد فإن هدفنا هو تنمية هذا المجتمع الصغير الخاص بالمنتدى الذي نجحنا في تكوينه فكل واحد منا له رقيبه الداخلي وكل عضو في مجتمعنا رقيب علينا.

وإذا كان دور الموقع المعلن هو تجميع الطاقات الإبداعية في الوطن العربي فهل ضمن أهدافه أيضا اكتشافها؟

تقول الطبيبة أماني: بالتأكيد, فهدف النتدى الرئيسي هو الترويج للفكر العربي وتقديم خدمة عامة للأدباء والمثقفين واستغلال الامكانات الهائلة لشبكة الإنترنيت لربط العرب المقيمين خارج أوطانهم بقضاياهم القومية. إن من أهم آثار انتشار الإنترنيت في رأيي كسر الاحتكار المركزي لفرص النشر والتوزيع, وإتاحة فرصة متساوية للجميع, سواء كانوا مقيمين في العواصم والأقاليم, في المدن أو القرى, في أرض الوطن أو في المهجر, مما سيمثل مساهمة حضارية مؤثرة وسيترتب عليه نقلة حضارية حقيقية لقطاعات عريضة من الشعوب العربية.

كما أننا انشأنا ورشة فن الكتابة بهدف مساعدة الكتاب على كافة مستوياتهم من أجل تنمية مواهبهم وقدراتهم بالشكل الأمثل.

جهد كبير

وسألناها ما مقدار الجهد الذي تبذلينه لمتابعة الموقع وهل لديك فريق عمل لذلك؟


فأجابت: أنا شخصيا أكرس معظم وقتي للمنتدى وهو يحتاج إلى جهد كبير يتضاعف بمرور الوقت بسبب التوسع المستمر فيه ومع زيادة اعضائه بل ومع زيادة المتعاملين مع شبكة الإنترنت بصفة عامة, ولكنني لست وحدي فالمنتدى يقوم عليه اربعة اشخاص كلهم متطوعون لا يتقاضون اجرا كما احب أن اضيف انه بالرغم من انه لا يوجد لدينا فريق عمل بالمعنى المعروف إلا أن المنتدى غني باعضائه والكثير منهم يعمل تطوعا من خلال مساهماتهم الأدبية والثقافية.

منتدى الكتاب العربي كيان يقوم لنا وبنا, وهو أولا واخيرا مجتمع يضم مجموعة من الأفراد عندهم اهتمامات متشابهة, والمنتدب قائم لهم ليستفيدوا ويفيدوا.

جديد ودهشة

ما الشيء الذي جد في حياتك بعد تفعيل الموقع وهل هناك ما أدهشك؟

تقول باعتزاز: في حياتي أنا شخصيا ؟

أصبح لدي طفل جديد على أن أرعاه وأوليه بانتظام

وأصبح لدي آلاف الأصدقاء في أنحاء العالم

وأدهشني الإعداد الكبيرة من المواطنين العرب الذين يستخدمون الإنترنت بانتظام, كما أدهشني أن 95% من المواقع العربية مواقع خاصة بالشعر مما يدل على ميل المواطن العربي الطبيعي للشعر.

ثقافة رقمية

الحياة الثقافية والفكرية في العالم العربي عامة وفي مصر خاصة حياة فتية تتقلبها موجات, فهل الثقافة الرقمية هي المنعطف الجديد لهذه الحياة؟

وهل سيصبح لهذه الثقافة كيانها الخاص وطبيعتها المختلفة؟

تقول الدكتورة أماني: أنا على يقين من ذلك, لا شك في أنها سوف تغير حياة من بدأ في اعتناقها جذريا والجيل الحالي الذي نشأ عليها سوف يختلف تماما عنا ولكنني لا أظن أنها بالضرورة سوف تتسبب في تغريب من لن يعتنقها كاملة منا.

المهم في رأيي أن ندرك جميعا ما معنى أننا نعيش الآن في عصر ثورة المعلومات, فلقد أصبحنا معرضين لطوفان هائل من الإنتاج الإعلامي الغربي, بايجابياته وسلبياته, والتطوير والتحديث قادمان شئنا أم أبينا ولذا آن الأوان أن نرتفع جميعا لمستوى المسئولية أي يتحتم علينا أن يكون لنا سياسة مرسومة واضحة, لطرح انتاجنا العقلاني, الثقافي, والديني, الإعلامي على الساحة, لايجاد التوازن المطلوب.

إن تقدم الشعوب العربية في رأيي, لن يقوم على الأفكار الغربية, بل يتعين عليه أن ينبع من فكرنا الخاص بنا ونحن والحمد لله لا ينقصنا المفكرون أو المثقفون, كل ما في الأمر أنه قد حان الوقت أن تعبر الأفكار الحواجز المعهودة وترى النور لأننا في أشد الحاجة إليها.

أدب عربي تقني

ونسألها: ما هي نتائج استقطاب الأدب العربي في موقعك وكم بلغ عدد أعضائه؟

فتقول: في الحقيقة ألمس اهتماما بالثقافة العربية بشكل عام وهناك حماس كبير للمشاركة في كافة أنشطة المنتدى.

والمنتدى يضم آلاف الأعضاء من كافة أرجاء العالم, ومن بينهم العرب وذوو الأصول العربية والأجانب المهتمون بالثقافة العربية, بل أن هؤلاء أكثر تعطشا للتعرف علينا ويجدون في الإنترنت فرصة ذهبية يرون فيها العرب لأول مرة من خلال أعين عربية

طموحات مستقبلية

هل من طموحك للموقع تسجيله كمنبر مؤسسي ومرجع ثقافي رسمي في الوطن العربي؟


تقول: مع مرور الزمن سوف يتخذ المنتدى بلا شك شكلا مؤسسيا , حيث من المتوقع ان تتعدد مجالات نشاطه وان يتضاعف عدد القائمين عليه, وندرس الآن فكرة تشكيل لجنة تسيير مكونة من نخبة من كبار الكتاب والمفكرين تكون مهمتها اقرار الخطط والتوجهات المستقبلية للمنتدى, إلا أن المنتدى قبل كل شيء موقع غير حكومي لا يرتبط بالأنشطة الرسمية لأي دولة من الدول, وينأى عن التوجهات السياسية والحزبية والأيديولوجية فهو موقع يدافع عن التنوير والتنوع والحرية, وأقصد هنا الحرية بمفهومها المسئول والمتزن.

ونسألها تكتبين في صحيفة الأهرام المصرية فهل فكرت في اصدار جريدة الكترونية تابعة للموقع؟

فتقول: هذان بندان مختلفان تماما ولا علاقة لهما ببعض اطلاقا .

إنه من الطريف أن أقرأ في الجرائد عن الموقع الذي أسسته الكتابة أو الأديبة أماني أمين المقيمة في سويسرا.

أولا أنا لست كاتبة وتجاربي القليلة جدا في الكتابة جاءت إما تعبير لحظي عن النفس أو كجزء مرحلي لتحولي التدريجي من طبيبة إلى صاحبة موقع على الإنترنت يخدم الكاتب والقارئ. لذا اعتقد أن محاولاتي في الكتابة كانت مجرد وسيلة احتجتها في فترة زمنية معينة لأكون أكثر قربا وفهما لمن أتعامل معهم اليوم من الكتاب والقراء:

هدفي من الكتابة كان واضحا ولم أنظر لنفسي أبدا ككاتبة ولكن كدارسة احتجت أن أكتب يوما لأؤهل نفسي للقيام بمهمة ما.

أما أن تكون هناك جريدة الكترونية تابعة للموقع فاعتقد أن ركني الأدب والمقال بالموقع قد تطورا فعلا إلى ذلك.

إعلامي أدبي

وعطفا على ما سبق لماذا كان موقعك أدبيا وليس إعلاميا عاما؟


تقول: يتناول المنتدى كافة جوانب الفكر العربي المستنير, فتذخر صفحاتنا بالقضايا الأساسية التي تواجه العالم العربي وعلى رأسها القضية الفلسطينية والتي نخصص لها مساحة كبيرة كما نتناول الموضوعات الاجتماعية والعلمية والبيئية إلى جانب الأعمال الأدبية, ومن نماذج الموضوعات التي نتناولها على صفحاتنا: الطب في مصر القديمة, كلمات عن قانون الخلع, المناظرة في قانون الأحوال الشخصية, جرائم الشرف, التقدم التكنولوجي بين الامكانيات والإدارة, حواراتنا .. بين الحضارة والفاشية, تاريخ كوكب الأرض, فن السجاد اليدوي, هويتنا والعولمة, مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية, زيارة أحمد زويل إلى سويسرا, الطفل في التراث الشعبي, ما الذي كان يشكو منه أخناتون؟ الإعجاز العلمي في القرآن .. إلخ

كما وقع اختيارنا في نادي القراء لأول شهرين من هذا العام على كتاب "سلام الأوهام ـ أوسلو ما قبلها وما بعدها" بقلم محمد حسنين هيكل, ثم على رواية "خزانة الكلام" لجميل عطية إبراهيم, ومن أحدث مقالاتنا: "شارون ... إلى أين يأخذ إسرائيل؟ بقلم إدوارد سعيد.

الكومبيوتر وأنا

علاقتك بالكومبيوتر متى بدأت وماذا أفادتك ما هو تأثيرها على حياتك الاجتماعية وعطائك الأدبي؟


تقول: "علاقتي بالكمبيوتر بدأت عام 1988م مع أول جهاز كمبيوتر أقتنيه وممكن أن أقول ان دخول هذا الجهاز إلى منزلي قد قلب حياتي رأسا على عقب خصوصا أن مع نهاية عام 1989م كنت قد أنهيت فترة دراساتي العليا وأصبح لدي من الوقت ما أتاح لي فرصة الانغماس الكامل في مجال جديد تماما علي وبعيد كل البعد عن دراستي الأصلية.

لا اعتقد أن هناك تأثيرا لعطائي الأدبي إلا إذا اعتبرنا أن تأسيسي للموقع واشرافي عليه نوع من العطاء إلى الأدب.

الأثر الأكبر كان علي كإنسان أصبحت أكثر قربا من القارئ والكاتب أصبحت أكثر تذوقا للاداب والثقافة ولكن دراستي العلمية تغلب علي دائما ورغم أنني أشرف على الموقع عامة إلا أنني أترك البت في الأمور الثقافية والأدبية لمتخصصيها.

تحياتي لجريدة "الرياض"

الحقيقة أود من جانبي أن أعبر عن تقديري واحترامي للتغطية الصحفية الجادة والواعية لصحيفة "الرياض" والتي تعد من أكثر الصحف العربية اهتماما بشبكة الإنترنت وتواجدا عليها, ومن الواضح أنها صحيفة جادة تحرص على توظيف الصحفيين المتميزين وعيا واتقانا لعملهم, وهو ما يعبر بشكل مباشر عما لمسته في الفترة الأخيرة من تواجد سعودي نشط ومكثف على شبكة الإنترنت, وأود الإشارة في هذا الصدد أن عددا كبيرا من أعضاء المنتدى من مواطني المملكة, ومن أبرز الإنجازات السعودية تكوين شبكة للمدارس السعودية مما سيكفل للجيل الجديد الاستفادة الكاملة من الآفاق التي تتيحها الإنترنت.

عنوان الموقع:
www.arabworldbooks.com