الحياة

حينما صعدت أطرافه على جدار رحمها أمسك بمنتصف ظهرها .. شعرت بنبته ، تأوهت ، لتبعث آهات فشل كل الأشجار الأخريات فى الكون ، لإستعادة الإخضرار .. فى سجون حقدهم ، وحطام نشتوهم فى ممارسة طقوس معادية لها .. وكلما إحتك بجدار بطنها رقصت قشعريرة حانية فى صدرها.
حملته كرها ، وهى تسعى بين وسادة طبيب يحمل فى صدره قلب الحجر ، وبين إنتظار إمرأة كهضبة خرتيت ليس له سوى رقبة معقوفة تشم رائحة الأرض ، ستصعد فوقها ..
خافت ، أن تحطم البهجة ، أن تزرع التهور على أبواب أحشائها أو أن تنزع فتيل إقتحام الرحمة لسدود تطالب بالهدوء والروية ، حلمها أن تصل إلى حافة منافذ الرغبة ، إن الولوج من شيم أصحاب الجلود ، توقفت الأشياء ، ولم تدر الدنيا فى أفلاكها المرسومة فى الفضاء .
قال الحجر : إنه حائل عن زحزحة النور ، ليلمس السطور فتحفر أنامله بكاء كنه جديد ..
وبين أخر لم يأتى ، فقد أسرع كريح استفزت من مرقدها ساعة لقاء طل فى عتمة الليل البهيم.
حين ظهر ، مرت السحب بطيئة ، لا تنوى بلل الشفاه ونهش العرق للجباه ، وتثاقلت الحياة فى إشتهائها لثائر يهدم كل قديم ، ويكتب التاريخ من جديد .
بدت لهفتها ، تمنعها ، وموت الرغبة فى كهوفها ، ورسومات الأولياء لبدائية الحكم فى قيام الكون ، وميزان للعدل على أحد جانبيه ثدى ميت والآخر طالته شفرة وهو ينزع أرديته ..
لم يمر الدهر من عتمة الراحة ، ونحن نسترجى المولى ، أن يمد كتابه لنا ، لنشهد يقين السطور ، فننهل طمئنينة الإستعجال فى قتل الضياع ، لم نرضى بما وقع فى قرطاس معبأ من السحب.
حلقت زغاريد الطيور بين أشجار تعانقت أوراقها وفروع كادت تنكس أطرافها الرطبه الخضراء فى الأرض..
بكى الأب الأخر ، شريكى فى التثاؤب ، منذ دخلت الشمس أعيننا ، وبددت سوادها .. وهبط القمر فى حجر أمه العجوز القديمه ، وسمت بالإله عليه ، وطلبت صلاتى الثانية فيه ، وحنكت فيه ، عبر طقوس لجسر الحياة ، بصوت جهورى .
قالت أمه القديمه : إن أعدائكم ستلقون حتفهم فقط بندى الخشوع ، هدأت نفسى من نبش الجوع لرياح قلبى ..
قال أبيه الأخر شريكى : نلت ما لك ..
قلت : للمرة الألف ، لا تحطم قطار الفجر ..
قال : بل هو كما أقول لك ..
كئابة تنزلق خارج الزمن ، وتفيق غربة عن حجرتى ، أستعيد قرص التاريخ البشرى ، لآتى بالجذر حين مص السم لأشفى من ترياق الجهل واللاإنسانية .
آتانى كضفتى نهر ، كرداء ، كفتسان يوشح عرى إمرأة .. ولملم بكائى فى صدره ، إرتشف ضياعى ، ومد كوكب درى وضعه أمامى ، محى توجسى وغبائى ..
وحملنا سويا مقلتينا ، وطرنا بها هناك حيث البرية والهوية ..
أفقت من غفلتى أنتظر الحساب والقاضى والجلاد ..
تمت