قصص قصيرة بقلم يحيى عبد الله

الاسفنجة 

ألن يكف هذا الكلب اللعين عن النباح، ألم يحلو له النباح إلا في هذه الساعة المتأخرة من الليل...
- وردان ... وردان... وما إن اقترب وردان حتى لمحت تلك الانكسارة في عينه، كأنه يحاول أن يبرر إنزعاجه في تلك الليلة...
... كم الساعة الآن؟ إنها الثالثة صباحاً ، سأتوجه الآن إلى المطبخ ، يتوجب علي أن أنظف بعض الأواني استعداداً للوليمة التي سؤقيمها غداً لبعض الرفاق...
وفور وصولي للمطبخ ، تذكرت أني أعرت الاسفنجة لصديقي خالد .... سأخرج لاسترجاعها ...
ارتديت ملابسي بشيء من العجلة، واصطحبت معي وردان، يجب أن استرجع الاسفنجة الآن، وما إن فتحت باب الشقة حتى لمحت حركة غير طبيعية في الساحة، لم اكترث لها لاستحواذ الاسفنجة على تفكيري ، وأحزم أن وردان كان يفكر بها أيضاً... 
وصلت إلى المصعد الكهربائي ، لفت انتباهي تلك الورقة المعلقة والمكتوبة بخط رديء "المصعد الكهربائي معطل ، الرجاء استخدام السلالم للصعود " فلم أتمالك نفسي من شدة الغضب ، إذ ركلت المصعد بقدمي التي كادت أن تنفجر من شدة الألم، بينما أخذ وردان بالنباح تعبيراً منه عن تضامنه معي ، لا أدري إن كان صادقاً في شعوره نحوي، المهم أني زدت إصراراً عن ذي قبل لاسترجاع الاسفنجة، وقررت أن أصعد السلالم ، ولو كان "خالد" يقيم في الطابق الألف...
وعند وصولي للطابق الثاني وما يليه ... رأيت أمام كل شقة رجل يطرق الباب بعنف ويهدد بكسر الباب إن لم يفتح له، وسمعت أحدهم يهدد بقتل صاحب الشقة إن لم يؤمن له اسفنجة في الحال.. والغريب بالأمر أن كل واحد من هؤلاء كان يصطحب معه كلبه الخاص.. وعند منتصف الطريق ، وبالأحرى عند الطابق العشرين ، أصبح هؤلاء الأشخاص يطلقون نظراتهم نحوي بعدوانية وكأنهم يتساءلون : "ما الذي أخرج هذا الرجل في هذه الساعة المتأخرة من الليل ؟ لا بد أنه ذاهب الآن ليجلب كماً هائلاً من الاسفنجات التي يكدسها في مكان ما ... لذا يتوجب علينا متابعته لنصل لهذا الكنز الثمين ... "
... "جزاع" ذلك المحبر اللعين، عرفته من كرشه الذي يدلى أمامه كأنه يحاول الهروب منه ، وقامته غير المتناسقة، وكأن الآلهة كانت في عجلة من أمرها عندما أمرت بتكوينه...
ألا تكفيه المصائب التي ألحقها بجهاد وجمال في أيام الجامعة... لابد أنه يبحث عن صيد ثمين ، لينال بعض الفتات الذي اعتاد أن يملأ كرشه المتعفن به ، لذا قررت أن أصعد على رءوس أصابعي كي لا يلمحني ذلك اللعين ، ولكن حصل ما كنت أخشاه ، إذ ما وقعت عين وردان علي "جزاع" حتى أخذ بالنباح....
يا لوردان... ألا يستطيع هذا الكلب ان يكون سياسياً ، كي لا يوصل هؤلاء الأشخاص لمبتغاهم... وعلى إثر نباح وردان ، لحقني الجميع ، وعلى رأسهم جزاع ، وما إن وصلنا إلى شقة خالد حتى تفاجأ الجميع بالورقة التي علقها خالد على باب شقته.. والمرسوم عليها اسفنجةً تقطرُ ماءً عكراً ... 

  **********************

اليوغا 



لماذا تركتني وتزوجتها؟ لماذا؟ لماذا؟ مسلسل تافه يخاطب قطيع غنم (وأما الآن مع أخبار الرياضة لقد كسر المفرجون معظم مقاعد الملعب مما أدى لاشتباك..) لو كنت مكانهم لكسرت رؤوس اللاعبين، فالواحد منهم ينتهي عمره وهو يلاحق قطعة من البلاستيك (وأما الآن نترككم المطرب الموهوب تامر شاكوش ..) والله لو استلمت وزارة الفنون لغيرت اسمها إلى وزارة النظافة وأنزلت كل هؤلاء وجماهيرهم إلى الشوارع أو لعاقبت هؤلاء المغنين بوضعهم بغرفة مغلقة وشغلت جهاز التسجيل ليموتوا وهم يسمعون أغانيهم المشوهة. 
(اليوغا .. رياضة الروح.. ما عليك إلا الاسترخاء والخروج من داخلك.. لتنظر لنفسك من الخارج..) 
ماذا .. ماذا.. أخرج لأرى نفسي من الخارج .. يا لها من فكرة لأول مرة سأرى نفسي من الخارج.. 
يا للروعة هذا أنا ،، ما أبشعني أخيراً تأكدت من صدق أمي كانت تقول لي حين تغضب لو وضعتك يا جميل بين أولاد قردة الشمبانزي فلن تلاحظ أي تغير بين أولادها.. وما هذه اليد يبدوا أن احدى يدي أطول من الأخرى سأتأكد من ذلك
- ارفع يدي
- لن أرفع 
- ماذا تقول لن ترجع 
- نعم كما سمعت لن أرفع، ولن أسمع لك كلمة بعد اليوم، ثم بأي صفة تأمرني يا لك من وقح 
- اسمع 
- لن اسمع فأنت الآن مجرد حثالة دوني 
ما هذه الورطة، اللعنة تحل على اليوغا ومن اخترعها كيف سأحل هذه المصيبة، ذلك القرد اغتنم فرصة خروجي ليثور علي، كان من الواجب أن أحطم رأسه قبل خروجي، ولكن كيف، يا لغبائي حتما سأموت إن حطمت رأسي ،، يحب أن أبحث عن خطة للرجوع إلى ذلك الجسد، ولكن لماذا أرجع فكلما فكرت في الرجوع أصبت بالغثيان..

  **********************

الاسم : يحيى عبد الرؤوف العبد الله
تاريخ الميلاد : 5 / 7 / 1977 
مكان الميلاد : ليبيا 
الجنسية : أردني
محل الإقامة : عمان
محلل ومطور مناهج قسم اللغة العربية بشركة منهاج لتقنية المعلومات