الولد ساخناً يكتب سيرته الوعرة

(1)

حزَمَ قِـمْصانـهُ 
وأجْـهَشَ بالسَّفر
جهة العَرَاء البعيد - كائن الحريَّة المُحْـتَمَل . 

(2)

كان الطِّين في النّعل نطفته الجريحة
والنجمة الحمراء في السقف البعيد سقطتهُ الوحيدة
شذَّبته الرِّيـح يوماً بالنَّديهة في ضـريح الأمكنه .

(3)

الجِّـهةُ الحاسرة الأطراف
تحتـضن الرغبة في النهاية السعيدة
غريزة الحبر التي زفتها أصوات الكتابة في عزيف الليل
الدَّم الخارج من ترنيمة الزَّحف المقدَّس 
صوب كائنات الرِّيـح العاصية
هشَّمَ الظَّـمأ العنيد 
خرائط الصَّحراء في السَّفر البعيد 
طـاهياً مرَق السؤال من شبق الشَّظايا الضوئية
عـارياً كي لا يُنْكِرهُ الفجر
بيدهِ بطـاقة من بصيرةِ القمر
وفُـرْشاة عـاصية . 

(4)

عندمـا يفتح الليل أرخبيل سواده 
ناقلات البضائع المحلِّـية منتصف الليل ،
تقـترف التهريب يومياً 
بآخر الذين يشتهون السفر 
خارجين من بركة الحنين البريـئة 
مكدَّسين في ( تناكر ) الصَّفيح 
يلعقون الروائح الكَّريهة 
والأنين الصَّاعد من خياشيم المرْضَى 
سعداء بالألم / قرين الحُلم والحريَّة المُـحْتَمَله 
بيْـنما صحراء بيُّـوضَهْ 
تنـوءُ بالميِّـتين والرَّاغبـين في النِّضـال 
كأعواد سمراء شققتها صدمة الرياح الجافة 
والحصى اليابس، رفيق الرمال في الوحشة 
والعزوف عن أجساد المصطافين والنِّسـاء 
أشـواق المارقينَ من شـجَرٍ 
يلفظ أنفاسهُ على قـارعة الرِّيـحِ الضَّـريرة .


(5)

كما يفضـي النشيد إلى برْزخ النَّـجاةِ العنيـد
كان يطلي شـهوة الروح بالماء
رشفـة يضئ بهـا سحـابةً راكِـدَة
جَاوَرتْهـا بُقْعة الدُّخـان العقيمة 
كأنثى النجم البعيدة
تنشر في البريّةِ سيرتها .

(6)

الصُّـورة 
في الأوراق الخاصة بإعلان المهرِّبين 
تبدو أنيقة . 
أنيقةٌ جِــدَاً .


(7)


يحتضر الوقت ، 
مثلما تتدحرج الكائنات نحو الرَّمق الأخير ، 
تنشطُ الذاكرة / في صمتٍ ، 
ترى مستنقعَ الماضي في حيادٍ نـزيهٍ
نجمةٌ تكْوِي خيام الليل
قمصـانَ أُنوثتـها
نطفةً للنُّور في عرقِ الطَّريق 
ربَّمـا 
يبجِّـل الضوء سيرة الحُلم الجديـدة .


(8)

مسـافِراً حتى يسْـدِل الوقت شهْـوته
والريـح تسجد في عراء الرَّصـيف
مرْوحـةً لأنفاقِ الحالمين بالنَّهـار الشَّفيف .
لحظة الهروب المضيئة،
اختار ناقلة 
باعَها مُـحارِبٌ تركيٌ قديم 
لتاجر المواشي الوحيد بالقرية .
قذَفَ حقيبتهُ الجلدية 
وصعد النافذة برَغْـبةِ ضئيلة في الوداع .

(9)

جالساً على أريكة الفراغ ، 
يشاهد سباق الشجر قرب أرصفة العَرَبات، 
يدحرج بلور الفراغ عن ممرات الأسى 
وأرصفة الرحيل ، 
قارئاً سَرْدَ الذاكـرة 
رحيقاً لسِـدْرة الغياب الجديدة 
والنشيد الخالد عن مرايا العراة 
فاكهة يُوازي بها ثرثرة المسافرين .

(10)

سيرتهُ الوعرة 
كـثَّة الهـواجس 
طويلة لأقصى بادية قـلَّدها المناخ 
أثواب الخليقة والفراغ .


(11)

مدينة تخب في حوافِ شُرْفةِ الغبار .
وآخر الصباح
تخلع التراب عن نوافذ البيوتْ .
تستقْبل القادمين بوجهٍ نافِـرٍ
وأحضان دافـئة .
ذاهلين من شجر يظهر في الشوارع فجأةً .
وأرصفة تلبس البياض .
غرباء يحتسون دهشة المدينة 
برشفةٍ بطيــــــئة .

(12)

الولـد ساخـناً 
يحلم بالنزيف على سرير الورقة البيضاء .
راقِداً على حافَّة الرصيف يكتب سيرته الوَعِـرَه 
مخـفوراً بأصدقائه الجُّدُدْ .
وملائكةٌ في الطرف الآخر من سجدة الوقت 
يسكبون أحبار النِّهاية 
على ورقٍ صَقَلتهُ ألواح الغياب المديدة .