"مقاطع من: "الأعمال الكاملة لإنسان آلي" "البحث عن نيرمانا بأصابع ذكية

لستُ بحاجةٍ إلى ارتيادِ الفضاءِ
بعد أن امْتَلَكْتُ أكثرَ من ألفِ فضائيّةٍ
في حجرة نومي
(ربما هذه الفضائياتُ هي التي امْتَلَكَتْنِي
وَأَسَرَتْ آدميَّتي بصورها المتلاحقةِ)

لا أزالُ بحاجةٍ إلى ارتيادِ نونا
والغوصِ في أنسجتها ببذلةِ الفضاءِ
بعد فشلِ الطَّبَقِ والدّيكودر
في التعامل مع إشاراتِها القريبةِ والقويّةِ

** ** **

يَعرفُ الهاتفُ أنها هِيَ
فيخجل من حرارتهِ المرفوعةِ مؤقَّتًا
وينبض بحياةٍ
لا تتحمَّلُها أسلاكُ أعصابي

نيرفانا
"صباح الخير" من شَفَتَيْها كافيةٌ جدًّا لأتساءلَ:
"كيف سأتحمَّلُ رائحةَ البشرِ أمثالي
بعد أن غمرني عِطْرُ الملائكةِ؟!"

"تصبح على خيْرٍ" من عينَيْها صالحةٌ جدًّا
لزرع الفيروس اللذيذِ في عقلي الإلكترونيِّ الْمُنْهَكِ
وَمَحْوِ خلايايَ السليمةِ والتالفةِ

لماذا لَمْ تظهرْ نيرفانا
في الصورةِ الديجيتال التي الْتَقَطتُها لها؟
وهل حقًّا أنا عندي هاتفٌ؟!

** ** **

بقماشةٍ مبلّلةٍ
أُنظِّفُ مرآتي
إلا من الإبرة المغنطيسيّةِ الْحُرّةِ فوق جبيني
وأزرارِ قميصي الواقي من المفاجآتِ

أَقْبضُ كَفِّي وأبسطُها عدة مراتٍ
أفتحُ فمي وأغلقُهُ عدةَ مراتٍ
أُحْصي أسناني غيرَ متشكِّكٍ في عددها
فقط ليطمئنَّ قلبي أنني صديقُ الأرقامِ الطيّب
بل الطيّب جدًّا،
الذي لا يؤذي أحدًا
ولا يريدُ أن يَجْرَحَ نفسَهُ أبدًا
حتى إن هشّمَ المرآةَ بقبضةِ يدهِ
وفضّلَ مطالعةَ ظلّهِ الأسْودِ على الحائط الخشنِ،
على طريقة نيرمانا

** ** **

لَمْ أكن محتفظًا بقدْرٍ كافٍ من التركيزِ
ربما بسبب آلام الظهرِ،
التي زادت حدَّتُها مع طول فترات الجلوسِ
في المكتب وفي المنزل
لذلك أخطأ إصبعي في نَقْرِهِ لوحةَ المفاتيحِ
كتبتُ "Normal" بدلاً من "Nirmala"
هنا ابتسم مُحَرِّكُ (Yahoo) بحنانٍ مفرطٍ
نساءُ الأرض كلهن زُرْنَنِي في تلك الليلة
طيورُ الزّينةِ كلها دَاعَبَتْ مُخِّي بلطْفٍ

كان أمرًا محرجًا حقًّا
أن أتثاءب عدة مراتٍ
بل أنام فعلاً
قبل أن أوزّعَ الحلوى على ضيوفي
مع أن الكَرَمَ من كروموزوماتي الوراثيّةِ!

** ** **

تتمنّى ساعةُ القلبِ
لو تُخْطِئُ التوقيتَ مرةً واحدةً
فتدقّ دقّتينِ مثلاً
في تمامِ الواحدة!

هذا ليس معناهُ أنني أرغبُ في امرأتينِ
- حاشا -
الله يشهدُ أنني مصابٌ بالتُّخمَةِ من النّسَاءِ
كلّ ما في الأمر،
أنني أودُّ طَمْأَنَةَ نيرمانا
أن كواكبَ المجرّةِ، وإلكتروناتِ الذّرّةِ
من الممكنِ ألا تنتظمَ في دورانِها

** ** **

لا أستمتعُ عادةً بعروضِ السّيركِ
فالوحوشُ تُذكّرُنِي بذاتي،
التي توحَّشَتْ رغْمًا عني
والحركاتُ الصعبةُ لا تجتذبُ بهلوانًا مثلي
يمشي على الحبالِ يوميًّا
ويراقصُ القمرَ والأفاعي والدخانَ

الذي أَدْهَشَنِي حقًّا في العرضِ الأخيرِ
وَوَصَفَتْهُ نيرمانا بأنه "مُرْعِبٌ"
هو مشْهدُ الأسُودِ المتمرّدةِ
التي هَجَمَتْ فَجْأَةً على مدرّبها
وبدلاً من أن تَنْهَشَهُ أو تحاولَ افتراسَهُ
ضَرَبَتْهُ بالكرباجِ
وَطَلَبَتْ منه أن يمرَّ برشاقَةٍ من "طَوْقِ النّارِ"
باعتبارِهِ البطلَ الجديدَ لملحمةِ الترويضِ الْكُبْرَى،
الذي يَسْتَحِقُّ الحياةَ وتحيّةَ الْجُمهورِ

** ** **

كلما أَكَلْتُ قطعةً من نيرمانا
أو قَصَصْتُ شريحةً منها بالمقصّ
شعرْتُ بعقدة الذنبِ
لكن هذه العقدة تتبدّدُ على الفورِ
عندما تقف نيرمانا فوق الميزانِ
وتجد أن وزنها قد زادَ

شَجَّعَنِي هذا الأمرُ
على البحث عن سوبر ماركت
يبيعُ سلعًا تنمو عندي باستهلاكِهَا!

** ** **

لا تُصَدِّقُ نيرمانا أنني صِرْتُ عالميًّا
لمجرد امتلاكي فيزا كارد معتمدةً
ورخصةَ قيادة دوليّة
وجوازَ سفر عليه أختامُ عشرين دولةً
بيننا وبينها علاقاتٌ طيبةٌ
أو اتفاقياتُ صُلحٍ وسلامٍ

نيرمانا تؤكّدُ،
أن رائحةَ الزيتِ الحارِّ في فمي
(أقصدُ اللعَاب)
لا يمكنُ مَحْوُها بالنعناعِ الأمريكيِّ
وأن الكالّو في قدمي
لا يمكن مداراتُهُ بحذاءٍ إيطالِيٍّ
من الجِلْدِ الطبيعيِّ الممتازِ

نيرمانا (رغم كل شيءٍ)
تؤمن بخصوصيّتِي (في كلِّ شيءٍ)
ولذلك فهي تزورُنِي في كثيرٍ من الأحيانِ
بعباءةِ "عفريتة هَانِم"
حيث لا يراها أَحَدٌ غيري على الإطلاقِ،
ولا حتى مُخْرِج الفيلم الفانتازيِّ
الذي أنا بَطَلُهُ الْمُطْلَقُ!


** ** **
من صالة جيمنيزيوم إلى أخرى
أدمنْتُ التنقُّلَ
أملاً في نفْخِ عَضَلاتي
بالتمريناتِ الثقيلةِ
وهرموناتِ النموِّ المكثّفَةِ

ربما أنجحُ في تفصيلِ جِسْمِي
على مقاسِ البلّوراتِ الباردةِ
التي حَلّتْ محَلَّ الأعْيُنِ
لدى أغلبيّةِ البشرِ

من المؤكّد أن رُوحي باقيةٌ على حالها
إلى أن تنفخَ فيها نيرفانا
نفخَةً طبيعيّةً من رُوحِها
عندئذٍ
ستصيرُ على مقاسي


** ** **

الجلبابُ الأخيرُ،
الذي نَزَعْتُهُ عن حبيبتي الْمُسَمّاةِ "نتيجة الحائطِ"
أصابَنِي بِأُمِّ الْهزائمِ
حيثُ ذَكّرنِي بـ365 يومًا من الفشلِ
حاوَلْتُ خلالها اصطيادَ نيرمانا العاريةِ