نصب الحرية .. نصب العبودية

جلست يوما
أتفيأ بظل نصب الحرية
وأقرأ في كتاب "العبودية"
عن كيفية صياغة أحلامي المتأجلة
منذ أعوام
وأنا أصر على المشي
على حافة المنفى
أتوكأ على عصا مرخية
كلما جرفتني رياح الغربة
أحمل خطواتي فوق بساط التيه

فر العمر
وتركني أغازل فقاعات
على وجه ساعة متوقفة
داخل جيب سترتي

ها أنا الآن أهاجر
مع أوراق الخريف
وتحت ابطي مفاتيح المدينة العتيقة
وباقة من زهور ذابلة

مالذي سأفعل
بمخالب قطة وديعة
تجلس معي
في قاع المنفى
وما معنى أن تحرضني
سيدة مسنة
على مداعبة الأرانب السوداء

وعندما تراخت
الظلمة البهيمة
على مناكب الأرض
وتدلى الصدى
من أجراس خرساء
كانت أحداقي
تتشظى
وتعتلي فراغ الأمسيات

لعل في نباح الكلاب
ما يشفي الخيول الجامحة
في قافلة تخلت عن ركبها

هكذا تبقى الحياة
مجرد كلبة ذات جراء
متعددة الأعراق

وأنا لم أزل أحفر في تضاريس عائمة
على أعتاب العمر
أمرغ سحناتي الشاحبة
في تجاعيد الزمن
وأعاقر ما تبقى من نخب الشيخوخة

كنت أظن أن الحرية
نعمة من نوع آخر
فوجدتها سوى ورقة يانصيب خاسرة
تحتضر في سلة المهملات

كأني شبح ثمل
في حانة مهجورة
روادها كالزنابير
يتدربون على التحليق
خارج السرب
ويرقصون على نقرات
الطبول الأفريقي
أشجار الخروب
تطل من شرفات
مغروسة في الخواء
والظهيرة
مكتظة بناس
يتنكرون بمنامات بهلوانية

أنا الآن في سن
أصبحت فيه كعصفورمنبوذ
يتسكع خارج القفص..