تصاعد الياسمين كالرصاص

كنت أتخيلُ النعاسْ
على هيئة فرسٍ
كهذا الرمش الذي يرتجف
كصورة عاريةٍ
بين أردافِ الماء
كما تغرز امرأة أظافرها
في ظهر الرغيفْ
أو كما يهبط الظلام
نحيلاًَ



كاحتمال الفرح
بموجةٍ من السنابل
أغرقت مراكب الأمل
في بحوره

والشمس القاعدة خلف نفسها
لا تعرف لماذا
تجيء
على هيئة سنورةٍِ
ماءت واستدارت
على نفسها
ركض البحر كطفلٍ
خائفاً حيناًَ
وحيناًً يركض خلفها
كمن يطارد فريسته
بأنيابٍ من زبدْ

على فرسٍ أسود
ابتعدت الشمس
واتسع الكون كغشاء
عذراء

كنت أتخيل النعاس
أنحني فوق العتمة
مثل ماسح الأحذية
أمسك بها بكلتا يدي
وأكنس النجوم بفرشاة أكثر من شجر
الحديقة

ويغني الصمت في صمته
الخبز يشبه الطعنات
هو الشقي.. الشقي..
فر من الجنة
لأن أباه آدم
نسي حذاءه في وديان الأرض

وكان في كل خطوة
يهز عصاه
كي لا يتعثر بموجه
ولما عضت الذئاب
أطراف الليل
صاح الليلُ
قفز العاشق خلف
سور الحديقة
ثم تصاعد الياسمين
كالرصاص
ففررتُ من ظليْ

كنت أتخيل النعاس
والوسادات الليلكية دائمات
القلق
فتشع الأسئلة مثل
أعواد الكبريت وتنطفئ

هذا اليوم فاقعٌ
كلون يشتم الساحات
ثم نهضت مثل ضحكة
سقطت من جيبه
استقل دراجته النارية
على عجل
بعد أن سرق الصمت
أمس كنت معي
وكانت النار تعري
الكستناء
مثل ابتسامة ولد
أشعث أسمر
سبقته الريح نحو الخيال
والظلال جائعة

أيها الثور الأبيض
أكلتُ..أكلتُ..أكلتُ
لما اقتربت الشمس
من التلال
فأنا يا كثير اليدين
قليلٌ
كالفرس المربوط بنعش
صاحبه

أرقص كالضوء داخل
قميصي
سقط الزر
من عروته الزجاجية
ولم يحترق أحد
نهدا الفراشة بدا ظاهرين
وهي ترفعهما كالدعاء
كانا يشبهان القبب

بينما الرهبان يتظللون
ألا تحرقهم الخطيئة
يتصارعون كالثيران
يكسرون جدار النبيذ
يعبرون كالأجنحة يعبرون
فيخلع الضوء سرواله
تبدو عورته ظاهرة بوضوح
الآن دقوا المسامير
فوق صوتي
لست إلهاًً

أنا مثلك يا بائعة
الحظ
في آخر النهار
أخسر حلمي على طاولة
حادة الأطراف
ثم أتباهى بخطاي
ترتفع الساق
تدخل الشمس النفق
وآلاف الكائنات تحاول
النهد قبة اللذة
واليدان ترتبان الكواكب
زحل
عطارد
الأرض
كم أنت عظيمة
أيتها الأم
وبدء الضحك يعلو
أمك أنت أيضا ًًعظيمة

ويشرأب السرير كالنعناع
بالأنفاس ولا يطير
كهدير ضوء
يفاجئ الأحصنة بالأحصنة
فتجنح العربات كذيلٍ
أطول من قوس قزح
وتجتازنا الفصول

وهذا المطر يهدأ
يهدأ
كأنه ذئب فقد
فكيه
في حادث مريع
هل تصدقين؟
الحب ليس الحب
هو فقط
ردم ضوء بين وجهين

داخل الصورة أحمل رأسي بيدي
المقطوعتين
أيها السقوط الأبدي
في سمو الخطيئة
أنا المسافر أبدا
في الدوائر
الحائر كالآلهة التى أسفت
لإشعالها الحريق
أنا اللون الضال
أنا الأحمق
الأحمق..الأحمق..الأحمق
الذي ارتديتك أيها الإنسان
داخل الصورة
أحمل رأسي بيدي
المقطوعتين كنهاية الطريق

أهدأ أيها المطر
أهدأ... لتتمكن هذه الصواعق
من اجتياز النهر
فأصابع التراب نست الإشارة
كلما سقط فارس
في نفسه
مشوا فيه
أحدٌ.. أحدٌ.. أحدْ

بين جسدين غريبين
كنت وحيداً
أثنا عشر من الخراف الضالة
تسألني عن الطريق
أنا
هو
ويداي الشبقتان بلذة
المسامير
نسيتا الإشارة
جسدانا وظل
وحيداً
أرف داخل دائرة
من الأسئلة
تقذفها أجنحة الملائكة
نحوي

ثم يعدو الموت
نحو لعبته
يقلبها بيديه الهائلتين
يركلها بقدمه الصغيرة
نحوي
أنجو من النوم
العميق
بعد أن أقرضني
الحلم
من الكلمات إكليلاً

كل الذين أحببتهم
الآن عادوا
كالصرير العنيد
أحدهم يصرخ اشتقت إليك
ويداي المسمرتان تحاولان
أن تعانقا أحدهما
أرتجف.. أتأرجح بلذتي
كأنني عاشقان أحدهما
في السماء
والآأخر لم يهبط
أنا
هو
أنت

فلا تقذف حجرك
نحو مراياي
لكي يتنفس الغريق
أصابعه العشر

في الأعماق كائنات
غريبة...
اهدؤوا الآن جميعاً
بالأمس كنت
وكانت أساور الماء ترن
أنا
هو
أنت

الرقص في العتمة
يمنح جسدينا ظلاً
طويلاً
كأقصر عبارة
غنى الذئب للخراف
الضالة
عودوا الآن إلى قبلي