بلبل بابل

القش يتباهى باحتضانه بيضة
البلبل الموعود
رغم انه يتطاير مجهولا
في برية العدم


1

نام البلبل في الليل
فكانت البومة اخت الكارثة

2

قلب البلبل تغريده العتيق
واندهش من حنجرته
التي صنعت تلك الاغاني

3

بلبلة اغتاضت من غياب البلبل
واهمة انه يخونها
فيما كان يتقلب في الحدائق
بحثا عن لحن غامض

4
القط لايفقه التغريد
ولا المكان
لذا فهو يتربص
لاقتناص بلبل
في محنة قفصه المغلق

5
القفص والبلبل
متعودان
خاصة
اذا كان القفص من ذهب
والبلبل لايفقه تفسيرا
لحرية مشروطة

6
هجر البلبل تغريده
فكان الصمت ريشا محترقا
واغاني هابطة

7
بلبل بابل
طار بعيدا من
سهم الاسد الجريح
لذا كان تغريده
غيمة من طين سومر
وهدوء الزورق في نهر الفرات

8
هي من تابعت بلبل الفجر
فغدى
نشوانا بشهد حديثها
ولكنه انتقل للتغريد
فاقدا لنشوة اللقاء

9
مرة سالوا شاعرا عن سفره بالطائرة
فقال كنت اراقب القمر طوال الليل
ولكنهم اكتشفوا انه كان
يشاهد مصباح الجناح
المضاء طوال الرحله

10
البلبل
كان ساهرا
على المصباح
خوفا من عدم اشتعال الشمس
في يوم مقبل

11
من الرافدين يطير البلبل راجفا
يفكر في طول الرحلة
حالما في دفء امارة صاعدة

12
هذا البلبل من بابل
وذاك القط من مجهول
البلبل يطمئن لخطوته
والقط يهتم بمخلبه
في النهاية
كان البلبل طائرا
والقط حزينا لانه لم
يملك الزمام

13
سيموت البلبل حتما
ولكن تغريده
يتصاعد
القط سيحيا لحين
لكن مواؤه
يخفت
بعد انتهاء
اقنصائه للنغمة الصاعده

14
قال البلبل لريشه
لو اني هرمت
ترىفي اي فضاء
ستنثر؟

15
قال القط لنفسه
حين يهرم البلبل
ساقرأ ذكرياته
فان لم يذكرني
سأأكل نفسي
واعيش كراسب
في مدرسة المتميزين

16
في الطريق الى البستان
انهمك البلبل بغزل الفجر
فيما خربش القط الخيوط بمخالبه
فكان الفجر مواءا صارخا
والتغريد جريح لايفقه
اسباب عدم الاكتمال

17
هرم البلبل حقيقة
واصبح يطير من البيت الى مقهى التناغيم
فطار اولاده
غير عابئين بوصاياه
فاستعاد القط
قوته المكتسبه

18
كف امسكت بالجناح
فسكت التغريد
و حين مسدت الوبر
ازاداد المواء ايغالا
19بلبل اسكر الندامى بتغريده
فيما كانت احشاؤه تشتعل
بالهم والذكريات

20
البلبل قال لحفيده
لا تتعب جناحيك
بينما كان
يظلله من حر الشمس
باحثا في السماء البعيدة

21
البلبل الحفيد
ياما طار لوحده
ساخرا من التعاليم
ناسيا انه سيعيد
اللهو والحكمة
كما فعلها غيره
ترى ايعيد الزمن نفس التغريد
رغم تغير النغمة والاحلام؟

22
امسك البلبل
بياقة نفسه
وقال:
قف... لمن تغرد ومسعاك غامض
لا حجارة..ولا قبل..ولا ضوء
لحظتها احس بالاختناق
لانه كان يمسك
بربطة عنقه
ناسيا ان الامر مجرد تمثيل بتمثيل

23
القط لم يلتفت لهيأته
فبدى منكوش المواء
ساهما في هم مجهول
حين انتقل من قنص البلبل
الى التفكير في ايامه الاخيره

24
البلبل التفت لروحه
حين لملم التغريد العتيق
منتبها الى عمق موسيقاه
والى اللواتى
تبرجن القا لوجوده حرا في سجن عميق

25
رحل القط بعيدا
في اصقاع الارض
فكان البرد والحر سيان
والطول والعرض متماهيان
وكأن الاشياء لم تخلق للاختلاف
فرجع لبلبله القديم
ولكنه وجده ميتا من كثر التغريد
لانه
لم يجد قطا يذكره
بالنهاية

26
نام القط
بعين واحدة
وصدق البلبل
فكان الليل
عبارة
عن..بلبل بعين واحدة
وقط يفتش
عن العين ا لاخرى

27
القط تشبه بالاسد
فخاف البلبل
حيث
ان الريش
صاح بنفسه
وارتبك المشهد
فكان
البلبل
غائبا
والقط استاذا
في تصديق
المشهد الكاذب

28
البلبل تشبه بالفجر
فكان ريشه ابيض
كما ترفع العين جفنها لاول مره
وتقلب في عشه
و بلبلته تضايقت
من تأوهاته
حتى تحركت عربات الاكلات السريعة
ورصيف الصحف
ورغيف التنانير المشعة باحمرار جمرها
وسيارات الاجرة
وطلاب المدارس
اما القط
فتاه وسط صخب التيقظ
حانقا
من بلبل بحجم المخلب ولكنه
طائر في الاحلام

29

رسم القط جناحا
والبلبل رسم خربشة ما بين المخلب والقفص
كلاهما كان يفكر
في فضاء خوفه

30
البلبل لايموت ولكنه يبقى يغرد
حين يغدر الليل بالنهار
ويحطم الساعات في عش الزمن


31
ادار البلبل لسانه كسحلية
وتذكر ان العطش
في صحراء الروح
كذبة صادقة

32
الشمس الحارقة اسكنت البلبل
في عشه منتظرا رياح الليل
فيما كان القط
يتجول بحثا عن بلبل نسي روحه
في رصيف من التعب والنسيان

33
الناس
تمتعوا بتغريد البلبل
قفصا كان اوشجره
ولكنهم لم يلتفتوا للقط ساهرا
للقيام بمؤامرة غامضه

34
نهض البلبل
ناسيا تغريده في مخدع الملكة
وحينما قابله القط
قايضه على ريشه المفضوح
في عيون الحدائق والقبل

35
القط نام في احلام
ابسطها
ان البلبل
نسي حقيبته
في سيارة التنغيم
و الفجر نسي الشروق في
سماء ساهره
لذلك تاهت النجوم وارصفة المعوزين
في حقيقة
ان القط نائم
والبلابل متيقظة

36
كان البلبل ساهما
في مراة خوفه
فتحين القط فرصة تحفزه
وحين تلبسته حالة الاقتناص
اصطدم بريش المتحدثين
عن تغريد حديث
قاله البلبل
وطار في فضاء الاكتشاف

37
الكاهن
كان بلبلا
ولكنه تحول الى قط بسبب
الكهولة والخوف من الرقدة الاخيرة

38
البلبل العجوز
تمسك بالحكاية القديمة
ورفرف بجناح من التزويق
لاقسى الذكريات
ونسي المخالب والمواء الجارح
فاصبحت فضاءا من التندر الباهت
اما القط فلم ينس
وكتب على الحائط
يسقط البلبل
فكانت الاقفاص سياج الفكره

39
من تلك الجنائن القديمة
يطير البلبل واجما
من المواء العتيق
الذي يحيط باسوار بابل

40
تهدم سور الاغاني
فتفشى المواء
في ثنايا المكان
فكان البلبل غافيا
على اوتار مقطعة


41
كل ذاك المسعى
والبلبل
يطير في غرفة مغلقة
مصطدما بزجاج النوافذ
والقط يقفز متوعدا

42
الغابة الخرافية بفعل
احتراق الاشجار
هجرها البلبل
فتعطل ناي حزنه في الغربة
فاخذ باستعادة ماضيه الملحن
بالتين المعتق
وزغب الصداقات الملون
ولكنه بين الفينة والاخرى
يشعر بان اجنحته تنزل لارض لا يعرفها
فتعطلت لغة الجناح
حتى ان القط لم يعد يرغب
باقتناصه
لانه لايشبه نفسه


43

اليوم
سيخرج البلبل
من القفص
نسي البلبل
ساعته
وقلمه
وتغريده
والمساء
وشطب الايام بفحم على الجدار
واشراقة الابت��امة
فتوهم القط
ان وقت القنص قد حان
ولكنه لم يلتفت
لطيرانه الصاعد
في سماء التجلي

44
اليوم سيكون البلبل
راعيا للتنغيم
الحاشية تركض قبله
تؤمن مكانه
وتلمع نايات تغريده
وتؤكد وجوده
وحين وصل المنصة
اختفى صوته
وكان ريشه ولسانه من المطاط

45
البلبل في سوق الغزل
سجين الهواة
البلبل في حديقة الحيوان
سجين الحكومة
البلبل في السماء
سجين افكاره

46
بنى العش بلبله على هياته
فكان البلبل شجره تنحني للنهر
والريشات وريقات لامعة
والافراخ تقشر بيضها بهدوء
فيما طار البلبل الاول بعيدا
عن هيأة التكوين
البلبل الاخير سخر من هيئة العش
لانه يبدو كقفل صدئ
يفتحه طفل مشاكس

47
لبس قناع الصمت
ولكنهم الحوا عليه بالتغريد
فلم يستطع
وقال لاتقل للبلبل غني
بل دع الايقاع يستدرجه
للتطريب

48
القط لمع مواؤه
وهو يتمطى فوق ركام من الالحان المخنوقه
فكان صوته
معادا
مثل اغنية رسمية يابسة

49
قال لنفسه
كمجنون لايثق الا بصوت راسه
من يكن هذا القط لو هاجمناه جميعا
والنتيجة
تصاعد الريش وخيط دم يلحسه القط ضاحكا
دخل مغارة الجبل
ليحفظ تغريده من الاندثار
فكان الرصاص دثاره
والموت صديقه المقلق الغادر
وبعد النزول الى السهل
اكتشف ان الزمن الضائع
اورثه عدم القناعة
والشيب المبكر

50
بقي يشحذ اظفاره
ويدرب مواءه على التخويف
ناقضا
كل تراجعاته بسبب الكهولة
او الدمع الذي
ياتيه صدفة وكان الامر محض
تصريح لم تسجله الفضائيات
بسبب عطل فني


51

سكت الاسد
رابضا على جسد غامض
ولكن البلبل
استراح فوق راس الاسد
منتشيا
من هروب القط لحين مؤجل

52
ايتها الالهة
هذه البئر
ستقول للارض انا من جرح الجسد بالماء
فلماذا
تتركين البلبل غافلا
والقط منتشيا امام النهر المفتوح؟


53
وقف حائرا
ايغرد ام يبني عشا
ترك القش والطين
وحلق مغردا
بينما كان اقرانه
يشترون الصحون الصينية
والسجاد الايراني
ويحصون النقود الوسخة
بينما كانت حياته تتبدد
في فضاء التجدد

54
اليوم قال القط
ليت البلبل يسكت
حنى انحت ما رايته ليلة النهاية البعيدة
ريشا طائرا
وقطا لايملك الا مخلبا كهلا لايخربش
ترابا هشا

55
هجر التغريد حنجرة البلبل
لانه لم يغرد بها بسبب الخوف
لذلك بدى مشهد الاغنية
مثل سكران بحاول تذكر
اهم الاشياء ولكنه تيه نفسه
في زحام الافكار المنسية

56
فكر القط
في نهاية لمطادرة لا تنتهي
فاكتفى بالنوم في مزبلة الريش والذكريات
فكر البلبل
في فزع الايام الماضية
فانتهى الى زغب ينبت
في حديقة الكهولة الاخيرة